شكلية الكتابة في البيوع العقارية
بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون الخاص
يعتبر الوعاء العقاري حجر الأساس[1] والأرض الخصبة للانطلاق وقيام مختلف المشاريع الاستثمارية في شتى المجالات والميادين وركيزة أساسية لكل مشروع تنموي، الذي يعتبر هدف الدولة الأسمى لما له من آثار إيجابية اقتصادية واجتماعية…ولا يمكن تحقيق كل هذه الأهداف إلا بوضع منظومة عقارية تسعى إلى تثمين العقار وتحصين الملكية العقارية والرفع من قيمتها الاقتصادية والائتمانية والمساهمة في تداولها.
وإذا كان الأصل في التصرفات القانونية هو الرضائية وسيادة مبدأ سلطان الإرادة، فإن ما كان سائدا منذ نشأة القانون المدني أصبح اليوم محل نظر، وذلك راجع للتطورات التي عرفها مجال المعاملات بصفة عامة والتصرفات العقارية بصفة خاصة، حيث أضحى تدخل المشرع أمرا لازما أمام التباين الخطير الذي تعرفه العلاقات التعاقدية من اجل حماية الطرف الضعيف وضبط تأطير المعاملات العقارية وذلك بفرض مجموعة من الالتزامات على عاتق المهني لاسيما في مرحلة إبرام العقد، وحسنا فعل المشرع من خلال المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية [2]حيث فرض شكلية الكتابة على جميع البيوع العقارية، كما حصر الجهات المخول لها تحرير مثل هده العقود رغبة منه في تحقيق أمن تعاقدي كما أن تحديد مضمون الخدمات المقدمة من شأنه أن يحد من النزاعات الممكن أن تثار في وقت لاحق، أو على الأقل التقليل منها، وفي جميع الحالات تسهل الإثبات بالنسبة للطرف الضعيف بل أكثر من ذلك أن الشكلية تعتبر حافزا على الثقة وضمانا للأمن و الاطمئنان على اعتبار أنها تحمي الحقوق وتدعم الالتزامات.
وهكذا فإذا كان الأصل في إبرام العقود هو الرضائية، فإن المشرع المغربي قد أورد على هذه القاعدة مجموعة من الاستثناءات التي تطلب فيها لصحة العقد شكلية الكتابة كعقد البيع مثلا، حيث يعتبر هذا الأخير عقد من عقود الرضائية، إلا أن الفصل 489 من ق.ل.ع المغربي استثنى البيع المنصب على العقارات واستلزم شكلية معينة لإبرامه. حيث أن عملية تحرير العقود في الميدان العقاري حظيت باهتمام المشرع المغربي وتنظيم أحكامها وخصوصا تلك المنظمة في ق.ل.ع والقانون المتعلق بخطة العدالة، وكذا ظهير 4 ماي 1925 الخاص بالموثقين العصريين، والقوانين العقارية كالقانون رقم 107.12[3]المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز والقانون رقم 51.00[4]المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار والقانون رقم 18.00[5]المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية.
أولا: أهمية الموضوع :
يظهر لنا جليا أن لموضوع شكلية الكتابة في البيوع العقارية مكانة مهمة على المستوى النظري و العملي .
على المستوى النظري :فإن فرض شكلية معينة في إبرام التصرفات العقارية تعتبر من أهم الوسائل التي يلجأ إليها المشرع المغربي لتحقيق الأمن التعاقدي واستقرار المراكز القانونية للأطراف، وهذا ما دفع المشرع إلى تحرير التصرفات العقارية لا يكون إلا من طرف الموثق أول العدل أو المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض [6]،إضافة إلى إلزامه تحرير جميع التصرفات في محرر رسمي من خلال تنصيصه على ذلك في مجموعة من المواد المادة 4 من مدونة الحقوق العينية ،08-39 كذلك المادة 12 من قانون 18.00 و الفصل 618.3 من قانون 44.00 و المادة 4 من قانون 51.00
أما على المستوى العملي : فتتمثل في رصد التوجهات الحديثة مع المقتضيات المتعلقة بمجال الكتابة في البيوع العقارية إذ تعد من المواضيع العامة و الأساسية التي تعلن الفكر الفقهي و التشريعي و القضائي .
ثانيا: المنهج المعتمد:
في محاولة للإحاطة بالموضوع، فإننا سنقوم بإتباع المنهج الوصفي التحليلي الذي يهدف إلى وصف و تحليل الموضوع في مختلف جوانبه و أبعاده ،و ذلك من خلال العمل على حصر الدراسة في القواعد العامة و التشريعات العقارية ،و في الوقت إمكانية استدلال ببعض الاجتهادات الفقهية و القضائية.
ثالثا: إشكالية الموضوع
تأسيسا على ما سبق يمكن طرح إشكالية أساسية مفادها :
-إلى أي حد استطاع المشرع المغربي ترسيخ مبدأ الشكلية في العقود العقارية ؟ ومدى نجاعتها في تحقيق الأمن القانوني و القضائي في مجال العقار ؟
-هل استطاعت مدونة الحقوق العينية أن تسد الثغرات التي كانت تعتري التشريع المغربي عامة و في مجال العقار و ما يتعلق به من حقوق و تصرفات جارية عليه خاصة ؟
هذه الإشكالية تتفرع عنها عدة إشكالات فرعية يمكن إجمالها وفقا للشكل الآتي :
-ماهي أنواع هذه الشكلية و مصادرها ؟ هل العقد العقاري تتوقف صحته على قيام جهة معينة بكتابته ؟ و ما الغاية التي يروم المشرع تحقيقها من شكلية الكتابة ؟و ماذا عن مكانتها في التشريع المغربي ؟
-هذا ما سنحاول معالجة من خلال المحاور التالية :
الفصل الأول: الأحكام العامة لشكلية الكتابة في البيوع العقارية:
عندما نتحدث عن الأحكام العامة فإنه من البديهي أن نخوض في تعريفها والغاية من تنظيمها. على أن نناقش في المبحث الأول شكلية الكتابة وفق الأحكام العامة،وأن نتطرق في المبحث الثاني إلى توثيق التصرفات العقارية.
المبحث الأول: شكلية الكتابة وفق الأحكام العامة:
إن المرجعية القانونية لأحكام العقد العقاري في القواعد العامة هي في الفصل 489 من ق ل ع، والتفصيل في هذه الأحكام ينقسم إلى الجانب الخاص بالكتابة في هذا الفصل في(المطلب الأول) ثم نتحدث في شكل الكتابة في البيوع العقارية(المطلب الثاني).
المطلب الأول: ماهية شكلية الكتابة:
للوقوف أكثر على حقيقية ماهية الشكلية، يقتضي منا أن نتطرق إلى مفهوم الشكلية(كفقرة أولى)، وأنواع شكلية الكتابة (كفقرة ثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم الشكلية:
يقصد بها ذلك الشكل المحدد والذي يصاغ فيه تراضي المتعاقدين، أي كتابة العقد في سند أو وثيقة بخطها أو بخط غيرهما، سواء كان هذ الغير محترفا مختصا ،أضفى المشرع على ما يحرره صبغة أو صفة رسمية ،أو كان دون ذلك. وباستقرائنا لمنطوق المادة 4 من م.ح.ع نجدها تحدد الشكل عندما جاء فيها(…يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض…)
فشكلية الكتابة إذن هي تلك الإجراءات الشكلية أو المسطرية التي يتعين إتباعها في حالات محددة ،من أجل بيع عقار أو منقول ،مثلا كالبيع بالمزاد العلني الذي يحرر شأنه محضر بالبيع يشكل سند ملكية المشتري ويجسد الشكل الكتابي المطلوب في بيوع العقار من جهة ،وفي بعض أنواع المنقولات من جهة ثانية . [7] و تكون الشكلية مطلوبة في العقود التي لا يكفي لانعقادها تراضي الطرفين على العناصر الأساسية للعقد، بل لابد من صياغة هذا التراضي في شكل مكتوب أي في وثيقة مكتوبة أيا كان حامل الكتابة سواء على الورق، أو بشكل إلكتروني .[8]
إقرأ: الجريمة المعلوماتية
الفقرة الثانية: أنواع شكلية الكتابة:
يكون العقد شكليا إما بموجب نص في القانون ،أو بمقتضى اتفاق الطرفين نفسيهما ،و سواء كانت الشكلية صادرة من المشرع أو من إرادة الأطراف فإنه يلزم احترامها في الحالتين تحت طائلة اعتبار العقد باطل لتخلف ركن من أركان انعقاده
أولا: الشكلية القانونية:
يقصد بها تلك الشكلية التي يتطلبها المشرع وهي إما شكلية انعقاد أو نفاذ أو شكلية إثبات، فالأولى لانعقاد عقد معين ، بحيث إذا تخلفت يترتب عن ذلك بطلان العقد لكونها ركن من أركان انعقاده و منه المادة 4 من مدونة الحقوق العينية 39.08 التي تنص فيها المشرع على وجوب الكتابة بالنسبة لجميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، ويرتب الجزاء هنا الذي هو البطلان عن تخلف الكتابة، أما الثانية النفاذ فهي تلك الشكلية التي يشترطها القانون لكي ينتج العقد آثاره ولا تأثير لها على وجود العقد أو صحته لكن اشترطها المشرع حماية للغير من تصرف لا يعلمه أو لم يكن بوسعه أن يعلمه.
وبخصوص شكلية الإثبات[9] فهي تكون مطلوبة لقيام العقد أو صحته شأنها في ذلك شأن شكلية النفاذ، لكن تكون متطلبة لإثبات العقد بين المتعاقدين أما الغير فيمكنه إثباته بجميع وسائل الإثبات باعتباره يشكل واقعة مادية بالنسبة له وليس تصرفا قانونيا هو طرف فيه، وشكلية الإثبات نوعان:
الأول: نص عليه المشرع في الفصل443 ق ل ع، عندما اشترط الكتابة إذا كانت القيمة تفوق 10،000 درهم.
الثاني: هو الشكل الذي يتطلبه القانون لإثبات التصرف بصرف النضر عن قيميه ولإعمال قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة لابد من توفر الشروط التالية:
الشرط الأول: أن يكون محل الالتزام تصرفا قانوني.
الشرط الثاني: أن يكون التصرف مدنيا إذا كان إثبات الالتزام في الميدان المدني يتطلب دليلا كتابيا كلما تجاوزت قيمته 10،000 فإن هذه القاعدة لا يتم إعمالها في الميدان التجاري، نظرا لحرية إثبات المميزة لهذا المجال و التابعة من خاصية السرعة والإئتمان التي يجب أن تسوده، لذلك نصت المادة 334 من م.ت على أنه تخضع المادة التجارية لحرية الإثبات غير أنه يتعين الإثبات بالكتابة إذا نص القانون أو الإتفاق على ذلك،إلا أن هذه القاعدة لا تطبق على إطلاقها ذلك أن حرية الإثبات التي يتميز بها العمل التجاري لا تسري على التصرفات التي يكون أحد طرفيها غير تاجر.
الشرط الثالث: أن تزيد قيمة الإلتزام عن 10،000درهم.
الشرط الرابع: أن يكون الشخص الملزم بالإثبات طرفا في العقد.
تسري قاعدة الإثبات بالكتابة على طرفي التصرف القانوني و خلفائهما العامين أي الورقة ولا يمتد حكمها إلى الغير الذي لا يمث للتصرف بصلة وبخصوص الكتابة كشكلية للإثبات، نورد قرارا صادرا عن المجلس الأعلى سابقا بتاريخ1983/4/27 جاء فيه:
-انه إذا كان المبيع عقارا محفظا وجب ان يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ و إذا اختل هذا الركن الشكلي فإن البيع لا يقوم و أن المحكمة لما اعتمدت على مجرد إقرار قضائي أمام المحكمة الجنحية لإثبات بيع عقار محفظ قد خرقت الفصل 489 ق-ل-ع و عرضت قرارها للنقض .[10]
ثانيا: الشكلية الإتفاقية :
بخصوص الشكلية الإثفاقية فقد يحصل أن يشترط المتعاقدان اعتبار تصرفها الذي هو الأصل رضائيا لشكل خاص ،قد يكون هذا الشكل المتفق عليه لانعقاد أو للنفاذ أو لإثبات ، فعندما يصبح التصرف تصرفا شكليا لا يتم إلا بتوافر الشكل الذي نص عليه الطرفان بعد أن كان تصرفا رضائيا صرفا و في هذا ينص الفصل 402من ق-ل-ع .
“إذا لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص و اتفق عاقداه صراحة على إنهما لا يعتبرانه تاما إلا إذا وقع في شكل معين. فإن الالتزام أو التعاقد لا يكون موجودا إلا إذا حصل في الشكل الذي اتفق عليه المتعاقدان “.فهنا الكتابة في حالة اشتراطها من طرف المتعاقدان تصبح ركنا شكليا لا يتم العمل القانوني إلا باستيفائه.
الفقرة الثالثة: الغاية من تنظيم شكلية الكتابة:
تمت الإشارة من قبل أن المشرع المغربي يتجه نحو تمديد شكلية الكتابة لتشمل مجموعة من العقود و قد أوردنا مجموعة من الأمثلة و ذلك لما لشكلية الكتابة من أهمية داخل التصرفات القانونية و كما هو معلوم فإن الأصل في العقود وهو مبدأ الرضائية و الحرية في التعاقد من ذلك مثلا الفصول (2-9-230ق-ل-ع)[11] إلا أن هذا المبدأ أصبحت تطغى عليه شكلية الكتابة و هذه الأخيرة التي يهدف المشرع من ورائها تحقيق مجموعة من الأهداف و الغايات منها ما يتعلق بحماية المصلحة الخاصة للفرد ،بحيث إن الشكلية لوحدها قد شكل خطرا على المتعاقد و يجعله يتسرع إلى التعاقد قبل أن يقدر الأمور حق قدرها كما أنها قد تؤدي إلى إغفال مجموعة من الأمور المهمة ،كما قد تثار الصعوبة حول مضمون العقد، و أحيانا وجوده مما يؤدي إلى نشوب نزاعات بين الأطراف على عكس الشكلية التي تعتبر إعداد دليل يضمنونه ما اتفق عليه إرادتهما ،حتى إذا نشب النزاع ، وادعى كل كطرف أن له على الطرف الآخر حقا معينا ،و أنكر عليه الخصم ذلك يستدل الأول بسنده المعد مسبقا ، فيحسم النزاع لصالحه ، إذا كان المستبد منتجا في النزاع، كما أن إعداد الدليل الكتابي يسهل على القاضي مهمة الفصل في النزاع [12]إذ يمكنه بالاطلاع على المستند المستوفي لشروطه الشكلية ان يعرف وجه القضاء في النزاع المعروض عليه لان العقد المكتوب يحدد التزامات كل طرف و المحل و الشروط و الآجال التي يتعاقد على أساسها الأطراف، ثم إنه و على خلاف الشهادة التي يمكن أن يجرح شهودها او تتسرب إلى شهادتهم أو تتسرب إلى شهادتهم العلل كالكذب و النسيان ،فإن الكتابة إذا سلمت من التزوير فهي أقوى من الشهادة لأنها تخلو العلل[13]أضف إلى ذلك أن شكلية الكتابة تهدف إلى حفظ الحقوق و استقرار المعاملات ،هذا ما دفع بالمشرع إلى جعل تحرير التصرفات العقارية لا يكون إلا من طرف الموثق أو العدل أو المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض و هناك غايات لها علاقة بتحقيق المصالح العامة ، فالشكلية تساعد الدولة على مراقبة مجموعة من التصرفات ،و بما أن الدولة بما لها من سلطان و سيادة لها الحق في فرض الضرائب ،و استخلاصها لفائدتها فوق ترابها وهذا ما تحققه من الشكلية .
المطلب الثاني: شكل الكتابة في البيوع العقارية:
أمام انتشار ظاهرة المحررات العرفية وتعدد الجهات المحررة للعقود وما يترتب عنها من إشكالات، تدخل المشرع المغربي وأحدث القانون رقم39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، واستوجب من خلال مادتها الرابعة ضرورة إبرام التصرفات العقارية ،ومن بينها البيوع العقارية إما في شكل محرر رسمي(الفقرة الأولى) أو محرر ثابت التاريخ( الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى: المحررات الرسمية والجهات المخول لها بتحريرها:
يقصد بالورقة الرسمية حسب منطوق الفصل 418 ق ل ع تلك:”الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد ،وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.
وتكون رسمية أيضا:
1)الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم .
2)الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية ،بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها “.
وإلى جانب هذا التعريف التشريعي نجد بعض الفقه تولى بدوره إعطاء تعريف للمحرر الرسمي، فقد عرف المحرر الرسمي “بتلك الوثيقة التي يقوم بتحريرها موظف عام له الاختصاص في ذلك وفقا لأوضاع حددها المشرع”[14].
وهكذا فصفة الرسمية لا يمكن إضفاؤها على أي وثيقة ما لم تتوفر فيها مجموعة من الشروط من جملتها:
1)صدور المحرر من موظف عمومي أو أي شخص آخر مكلف بخدمة عامة، وكتابته إياه بنفسه أو بشخص آخر نائب عنه.
2)أن يكون الموظف مكلف بتحرير الورقة الرسمية ، مختصا و له صلاحية القيام بالتوثيق
3) مراعاة الشكل الذي يحدد القانون في الوثيقة الرسمية [15] .
و إذا كان قيام الشروط السالفة الذكر يكسب الورقة صفة الرسمية ،فإن تخلف هذه أو إحداها لا يجعل الورقة باطلة لفقدانها صفة الرسمية ، و إنما ينزلها منزلة الورقة العرفية ، إذا كان موقعا عليها من قبل الأطراف .و هدا هو ما نص عليه المشرع صراحة من قبل الفصل 423 من ق-ل-ع [16]
و بعيدا عن جميع النقاشات الفقهية و القضائية المثارة حول عبارة الموظفين العموميين وكذا حول البيانات والوقائع المشمولة بالصفة الرسمية [17]،فإن المجمع عليه أن الأشخاص المؤهلون لتحرير العقود الرسمية هم:
أولا: الموثقون العصريون:
نضم المشرع المغربي مهنة التوثيق[18]من خلال القانون32.09[19] المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، والذي نص في المادة 23منه على صلاحية قيام الموثق بتحرير العقود الرسمية، حيث جاء في هذه المادة :”يتلقى الموثق ما لم ينص على خلاف ذلك –العقود التي يفرض القانون إعطائها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها، ويقوم بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وبتسليم نظائر ونسخ منها”
والملاحظ أن هذه الفئة هي الأكثر تأهيلا ،لتوثيق التصرفات العقارية التي تتميز بالتعقيد، بحكم التكوين و التمرين اللذين يتلقاهما الموثق ، و كذا مدة هذا التمرين، و قد برهنت التجربة و الممارسة العملية على قلة المشاكل المطروحة بالنسبة لفئة العقود التي يحررها الموثقون العصريون [20]و من أجل تكريس الثقة و الأمن القانوني بخصوص العقود المحررة من طرف الموثق حماية لطرفي التعاقد لاسيما المستهلك ، عمل المشرع المغربي على إلزام الموثق لمراعاة مجموعة من القواعد التي يتعين عليه احترامها ،نذكر منها على الخصوص.
- يمنع تلقي الموثق العقود و توقيع الأطراف خارج مقر مكتبه ، إلا لأسباب استثنائية وبعد أخد الإذن من رئيس المجلس الجهوي وإخبار للوكيل العام لدى المحكمة المعين بدائرتها (المادة12ق32.09)[21]
2-يتعين على الموثق أن يضمن بالعقد التوثيقي مجموعة من البيانات منها ما يخص الأطراف المتعاقدة ومنها ما يتعلق بالوثائق المدلى بها ،إضافة إلى توقيعه على العقد، وكذا إلزامه بعدم تضمين العقد أي شرط أو إضافة إقحام أو كتابة بين السطور…
3-يتعين على الموثق تسجيل العقود لدى إدارة التسجيل والتمبر وذلك طبقا للمقتضيات المضمنة في المادة51 من القانون رقم09-32.
4- يلزم الموثق التأكد من أداء البائع جميع واجباته ليقوم بتحويل الملف إلى القباضة التابع لها العقار قصد الحصول على شهادة الأداء الضريبي، التي تعتبر بمثابة إبراء وتطهير للعقار من الضرائب، كما يلزمه كذلك التثبت من وضعية هذا العقار من الناحية القانونية، بحيث يقوم بتصفية كل الديون المترتبة على العقار من رهون في حالة وجودها ،حتى يتسنى له تقييد العقد بالرسم العقاري ،إضافة إلى قيامه بإجراءات النشر والتبليغ عند الاقتضاء[22]
ثانيا: العدول :
يخضع العدول لقانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.56 بتاريخ 15 من محرم1427 الموافق 14 فبراير2006.[23]وإذا كان العدول بدورهم مؤهلون بامتياز لإبرام عقود بيع العقار غير المحفظ نظرا لطبيعة تكوينهم المستندة إلى الشريعة الإسلامية، فإن تحريرهم للعقود المنصبة على العقارات المحفظة يتطلب منهم استكمال تكوينهم بالاطلاع على المقتضيات الخاصة بالعقارات المحفظة.
وعقد البيع بالنسبة لهذه الفئة يتلقاه العدلان اثنان يعملان تحت المراقبة المباشرة لقاضي التوثيق ،وينصان على تاريخ الاشهاد، ويتحققان من هوية المتعاقدين، ومصدر تملكهم وكل هذا يدون في مذكرة الحفظ وبعد الانتهاء يوجه العدلان نسختان من الشهادة إلى الجهة المكلفة باستخلاص رسوم التسجيل.
فوظيفة العدول هي تلقي الشهادات، ويتلقى الشهادات العدلان منتصبان لذلك، وهذا منسجم مع الشريعة الإسلامية في اشتراط عدلين يتلقيان الشهادة في آن واحد. غير أنه يسوغ للعدلين أن يتلقيا شهادة أحدهما في وقت ويلقاها الآخر في وقت مختلف مع اشتراط تعيين تاريخ تلقي شهادة كل منهما وبيان سبب ذلك.
كما أن التوثيق العدلي يتميز بمجموعة من الخصائص تجعله مختلفا عن غيره من النظم التوثيقية الأخرى منها:
- التوثيق العدلي نظام قانوني وضعي مرجعيته الدينية.
- التوثيق العدلي يتم بواسطة عدلين كأصل عام.
- التوثيق العدلي يجمع بين أحكام الشهادة وأحكام الكتابة.
- التوثيق العدلي يخضع لأحكام القضاء.
والمشرع المغربي وحماية منه لحقوق الأطراف المتعاقدة سعى إلى أحكام بناء الوثيقة العدلية بمجموعة من الضوابط أهمها وجوب كتابة الوثيقة في الصك المعد لذلك، بعد تلقيها وحفضها في دفتر الجيب مع ضرورة جلوها من أي نقص أو عيب.
ثالثا : الإدارات العمومية:
طبقا لظهير3 يناير1916 المنظم لأملاك الدولة كما وقع تتميمه وتغييره، تتولى المؤسسات العمومية والشركات التابعة للدولة تحرير عقودها بنفسها وفق نموذج معين ،كما تحرص من جهتها على تطبيق المقتضيات المتعلقة بهذه العقود. وهم ما يشكل في نظر بعض الفقه ضمانة للمتعاقدين مع الإدارة وأجهزتها[24].
رابعا: القضاء:
تعتبر الأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم المغربية بمثابة عقود رسمية، فبمقتضى الفصول 469 إلى487 من قانون المسطرة المدنية، والفصل 211 من ظهير 2يونيو 1915،فإن محاضر البيع بالمزاد العلني المحررة تنفيذا للأحكام النهائية بالبيع الجبري تصبغ بالصفة الرسمية. ووفقا للفصل 618 من ق ل ع، فإن الحكم الصادر بإتمام البيع يعد بمثابة عقد نهائي للبيع.
الفقرة الثانية: المحررات ثابتة التاريخ والجهات المختصة بتحريره:
وفي إطار السياسة التي ينهجها المشرع المغربي في السير نحو تعميم رسمية العقود في التصرفات العقارية ،فقد عمل من خلال المادة 4 من مدونة الحقوق العينية على تكريس مبدأ رسمية العقود في المعاملات العقارية، سواء بالنسبة للعقارات المحفظة أو غير المحفظة، بالتالي أصبح تحرير التصرفات العقارية حكرا على العدول والموثقين، وسمح استثناء للمحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض كذلك بإبرام العقود في الميدان العقاري[25]،حيث نصت المادة 4 من مدونة الحقوق العينية على ما يلي: “يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة لنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض، ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك.
يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفاحته من الأطراف التي حررته.
تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة، ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها.”
وبذلك يكون المشرع قد اشترط في العقود ثابتة التاريخ المتعلقة بالمعاملات العقارية، أن تحرر من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض مع ضرورة التقيد بالإجراءات التالية:
*توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف المتعاقدة ومن الجهة التي حررته.
*تصحيح إمضاءات الأطراف المتعاقدة من لدن السلطات المحلية المختصة.
*التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها.
وبهذا تكون المادة المذكورة أعادت اختصاص تصحيح الإمضاءات إلى السلطات المحلية مع التنصيص على عبارة التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد بدل تصحيح الإمضاءات، كما أنها لم تقم بحصر التصرفات المتعلقة بالحقوق العينية الواردة على العقار. وبالتالي يمكن القول إن المشرع المغربي قد تأثر بالآراء الفقهية التي كانت تنادي باستبعاد العقود العرفية المنجزة من قبل الكتاب العموميون، كما أنه تأثر بالآراء الفقهية التي كانت تنادي بإعادة اختصاص المصادقة وتصحيح الإمضاء إلى السلطة المحلية المختصة.
وعليه فالجهة الوحيدة التي سمح لها المشرع بتحرير المحررات الثابتة التاريخ في إطار المادة 4 من مدونة الحقوق العينية هي المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض، حيث كان المبدأ السائد في المحررات الثابتة التاريخ أنه يسمح لأي كان ولو تمثل في أحد المتعاقدين بكتابتها و تحريرها بشرط توقيعه من طرفه ، و عليه قد تم توسيع دائرة مهام و اختصاص المحامي لتطال مجال تحرير العقود العقارية.
و لا يحق للمحامي تحرير المحرر الثابت التاريخ إلا إذا قضى مدة 15 سنة [26] في الترافع على الأقل عملا بمقتضيات المادة 33 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة [27].
كما تنص المادة 34 من القانون أعلاه على ما يلي:”يهيء مجلس الهيئة في شهر أكتوبر من كل سنة قائمة بأسماء المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض.
يتولى النقيب تبليغ القائمة خلال شهر نونبر الموالي إلى الرئيس الأول لمحكمة النقض.
تنشر القائمة الكاملة للمحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض بالجريدة الرسمية”.
من خلال هذه المادتين المذكورتين يستشف أن ابتداء من نشر قائمة المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض، يحق للمحامي تحرير المعاملات العقارية عملا بالمادة 4 من مدونة الحقوق العينية ، دون انتظار صدور قرار وزير العدل المتضمن للقائمة السنوية التي تحدد أسماء المهنيين المسموح لهم تحرير هذه المعاملات فهو مجرد قرار كاشف لحق المحامي في تحرير التصرفات العقارية و ليس قرار منشئ لحق المحامي في تحريرها .
كما أن إسناد مهمة تحرير المحررات الثابتة التاريخ للمحامي المقبول لترافع أمام محكمة النقض تقوم على مبدأين أساسين و هما : الكفاءة و الثقة، ذلك أن المحامي عند تحريره العقد لا محالة أنه سيراعي المصالح المتعارضة لطرفيه ، و سيحرر العقد بما تمليه عليه قواعد العدالة و الإنصاف ، أضف إلى ذلك أن التجربة و الممارسة أثبت أن المحامي عندما يتولى تحرير عقد ما فإنه يتحرى نظرا لإلمامه بالقوانين أن تكون هذه العقود وفق المقتضيات القانونية .[28]
إلا أن شرط الكفاءة المهنية التي اشترطها المشرع عند تمييزه بين المحامين و التي على أساسها تكتسب أهلية الترافع أمام محكمة النقض، لا تعني بالضرورة المدة التي أوجبها المشرع و المحددة في 15 سنة في القانون الجديد ، حيث أن الممارسة الفعلية أثبتت أن الأقدمية لا تعني في كافة الأحوال الكفاءة و النزاهة ، فهذه التفرقة التي جاءت بها مدونة الحقوق العينية ليست في محلها و لا أساس لها طالما أن الفرق بين المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض و زميله غير المقبول لذلك هي المدة التي يقضيها الأول مقيدا في جدول إحدى الهيئات المحامين إلا أن هذه المدة تبقى فارغة من أي أساس معقول لاعتمادها كمعيار لتحرير العقود، فقد يوجد محام حاصل على شهادات عليا في القانون وله خبرة واسعة في مجال تخصصه الشيء الذي يصعب معه من الناحية المنطقية عدم تأهيله لتحرير العقود بعلة كونه غير مقبول للترافع أمام محكمة النقض.[29]
كما أن المحامي كجهة ذات صلاحية لتحرير العقود العقارية، يجعله مطالبا بضرورة احترام مجموعة من الواجبات، وهذه الأخيرة وإن لم يتم التنصيص عليها إلا أنها تعتبر من المبادئ العامة المقررة في القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة بشكل عام يفرض عليها احترامها، وهي:
- التزام الحياد وتقديم النصح والإرشاد لأطراف العقد
- المحافظة على السر المهني
المبحث الثاني: توثيق التصرفات العقارية على ضوء اجتهادات محكمة النقض:
لقد كان لاختلاف وتعدد القواعد الموضوعية المطبقة على العقار باختلاف طبيعته القانونية ونظامه القانوني أثر كبير في اختلاف الحلول القضائية التي وإن تنوعت رؤيتها تبعا للنظام التوثيقي الواجب التطبيق ،فإنها على الأقل حافظت على استقرار المعاملات القانونية على العقار من زاوية وحدة القواعد القضائية التي تحكم توثيق التصرفات العقارية المنصبة على العقار غير المحفظ (الفقرة الثاني)،وتميزها بأحكام خاصة على العقار الغير المحفظ (المطلب الثاني).
المطلب الأول: توثيق التصرفات العقارية الواردة على العقار غير المحفظ والعقار المحفظ:
الفقرة الأولى: توثيق التصرفات العقارية الواردة على العقار غير المحفظ:
استقر اجتهاد المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا)على أن العقارات غير المحفظة تخضع لقواعد الفقه المالكي الذي يأخذ بمبدأ رضائية العقود طالما أنه لم يشترط شكلا معينا بل مجرد التراضي، فضلا على أن الفصلين488و491 من ق ل ع ينصان على تمام البيع بمجرد تراضي عاقديه، وهما لا يطبقان كما لا يخفى على العقار المحفظ والمنقولات التي ترهن رهنا رسميا.
وهكذا جاء في قرار المجلس الاعلى صادر بتاريخ2يوليوز1981:”إن العمل في نوازل العقارات غير المحفظة بقي جاريا على تطبيق النصوص الشرعية الفقهية المستمدة من الشريعة الإسلامية سواء أمام المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف وحتى أمام الغرفة الشرعية بالمجلس الأعلى ولم يرد أي نص بغير ذلك، أما ق ل ع فإنه لم يكن مطبقا إلا أما المحاكم العصرية قبل قانون التوحيد، ثم عمم تطبيقه أمام المحكمة العادية التي حلت محل محاكم الحماية الفرنسية، أما المحاكم الشرعية فإنها بقيت خاضعة لمقتضيات الشريعة الإسلامية والنصوص الفقهية المستمدة من فقه مالك [30]ولم يطرأ عليها أي تغيير لحد الساعة ولازالت الغرفة الشرعية بالمجلس الاعلى تطبقها وتنقض كل حكم شرعي لا يتقيد بها في المسائل المختصة بها، وإدماجها في المحاكم الابتدائية إنما هو تدبير إداري لم يفقدها شخصيتها.[31]
وتحتل شهادة اللفيف مركز الصدارة في ميدان العقار غير المحفظ والاحوال الشخصية في المحاكم و الميراث إن لم نقل أنها تشكل الوسيلة الوحيدة لإثبات الحقوق فيها.
الإجهاض بين القانون والواقع
ويمكن إثبات التصرفات العقارية بعوض بشهادة اللفيف كما في العقار المحفظ، فالصلح في العقار بمثابة البيع يقتضي الإشهاد به لدى عدلين أو على الاقل توفر النصاب الكامل من الشهود الذين يشهدون بحضورهم لوقوع الصلح بين المتعاقدين، وتعتبر القسمة كذلك بمثابة البيع وكلما تعلقت بعقار غير محفظ يمكن إثباتها بشهادة الشهود واللفيف.
كما جاء في قرار المجلس الأعلى صادر بتاريخ 4 دجنبر 1985:”حيث إن العقار غير المحفظ يخضع بيعه لقواعد الفقه الإسلامي، إن القضايا الشرعية المتعلقة بالبيوعات والأشرية والمبادلات والمخارجات والمقاسمات وغيرها تخضع للقواعد الشرعية والنصوص الفقهية ولا يطبق ق ل ع إذ جل السكان بالبوادي تعاملون فيما بينهم على مقتضى الثقة[32].
وشهادة اللفيف عندما تستوفي جميع شروطها وتحرر في رسم مذيل بتوقيع العدلين متلقيين لها، لا تكون تامة إلا إذا ذيلت بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق، وحينها تعد في نظر القانون وثيقة رسمية من حيث الشكل بصريح المادة35 من قانون رقم16-03 المتعلق بخطة العدالة لكنها من حيث الموضوع يكن إثبات عكسها بحجة أقوى دون الحاجة لاتباع طريق الطعن بالزور.
أما التصرفات القانونية بغير عوض إذا انصبت على عقار غير محفظ فإنها لا تصح إلا بالحيازة الفعلية معاينة من طرف عدلين حسب ما جرى به العمل، كالحبس والصدقة والهبة، أما الوصية فيجوز إثباتها بشهادة الشهود.[33]
وأخيرا تجدر الإشارة إلى ان المجلس الأعلى أجاز إثبات بيع العقار باللفيف كما جاء في القرار416 الصادر بتاريخ11مايو1982:”أن شهادة اللفيف قد جرى العمل بقبولها في مثل هذا الموضوع لقول الزقاق في لاميته:” وكثرن بدون عدول-وقول صاحب العمل الفاسي: وقدره في الغالب اثنا عشر.”[34]
وهذا ما أكده المجلس الاعلى في قراره الصادر بتاريخ4-12-1992 والذي جاء فيه: “إن الأمر يتعلق ببيع عقار وإن كان غير محفظ فإنه يخضع في الجوهر لأحكام الفقه المالكي التي تقرر كما أشار على ذلك الشيخ ميارة أنه حتى بالنسبة لشهادة اللفيف فإنه لا يلجأ إليها بالنسبة للمعاملات إلا عندما تدعو الضرورة لذلك التي وجب توضيحها، ولذلك فإن المحكمة التي تبث في النازلة على النحو المذكور قضت بصحة بيع بناء عقار على شهادة عدل واحد شهادة غير مكتوبة مع اليمين المتممة للنصاب رغم إنكار البائعات لعملية البيع، وعدم وجود محرر كتابي يثبت انعقاده بين طرفيه، تكون قد خرقت القانون وعرضت قرارها للنقض. [35]
ومن العقود التي تعتبر سببا في كسب الملكية بالإضافة إلى عقد البيع في الفقه الإسلامي نجد عقود المعاوضة والتصيير والإقامة والمغارسة والمزارعة والجعل وهبة الثواب والصلح والقسمة والتبرعات من هبة وصدقة ووقف، وكلها يجري إثباتها عملا باللفيف المقبولة فقها وقضاء كوسيلة ذات حجية قانونية مرموقة في الإثبات القضائي من خلال استبعاد أحكام ق.ل.ع.[36]
الفقرة الثانية: توثيق التصرفات العقارية الواردة على العقار المحفظ:
الملاحظ أن نفس الاجتماع الفقهي و القضائي بشأن خضوع توثيق التصرفات الواردة على الواردة على العقار غير المحفظ للفقه الإسلامي كان له في أثر كبير في الحسم القضائي لصالح تطبيق قانون ل-ع-ق على توثيق التصرفات العقارية الواردة على العقار المحفظ .
و هكذا جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 14دحنبر 1978 أنه “ينص الفصل 489 من ق ل ع على أن بيع العقار يجب ان يكون كتابة في محرر رسمي ثابت التاريخ ، و لذلك يتعرض للنقض التعليل الحكم الذي يقضي برفض الطلب في نزاع عقاري استند فيه المدعي إلى رسم عدلي لإثبات الشراء و استند فيه المدعى عليه إلى موجب لفيفي يثبت شراءه و حيازته .[37]
كما أنا المجلس الأعلى بمقتضى قراره الصادر بتاريخ 2/4/1986 أقر خضوع البيع العقاري لمقتضيات الفصل 488 من ق ل ع لا يؤدي حتما إلى بطلان عقد البيع ، و هكذا جاء في القرار [38]:”حيث يعيب الطاعن لا القرار خرق مقتضيات الفصول 418 و 488 و 489 من ظهير العقود و الالتزامات ذلك أن القرار المذكور في ذهب إلى أن وثيقة البيع التي بنيت عليها الدعوى لا تنسجم مع أحكام الفصل 418 من الظهير المذكور في حين أن البيع يثم بين البائع و المشتري بمجرد اقتران الإيجاب و القبول و بمجرد توافق إرادتهما على هذا التصرف بجميع شروطه و أركانه ،و القانون لا يلزم بإبرامه وفقا لشكل معين إلا إذا كان يراد به مواجهة الغير ، و المحكمة عندما اشترطت أن يكون البيع محررا في وثيقة الرسمية تكون قد خرقت صراحة مقتضيات الفصل 488 من ظهير العقود و الالتزامات ، كما أنه يترتب عن مخالفة الفصل 489 من الظهير المذكور إبطال البيع بين البائع و المشتري و إنما يترتب عنه عدم مواجهة الغير الأجنبي عن العقد بالبيع و الذي يمكنه و حده التمسك بمقتضيات الفصل المذكور و بعدم الاحتجاج عليه بالبيع المبرم بين المتعاقدين إذا لم يرد في محرر ثابت التاريخ و بذلك يكون القرار المطعون فيه قد أساء فهم النصوص الآلفة الذكر و تطبيقها غير صائب
كما جاء في قرار مجلس الأعلى صادر بتاريخ 4 دجنبر 1985:”تخرق المحكمة القانون لاعتمادها في إثبات البيع على شهادة شهود اللفيف التي دعمتها بقرينتين في حين أن الفصل 489 من قانون ق ل ع يوجب لإثبات بيع عقار محفظ الدليل الكتابي ، و أن القرائن القضائية مثلها مثل شهادة الشهود لا يجوز الاستدلال بها لإثبات التزام يوجب القانون فيه الدليل الكتابي .”[39]
هذا و قد نقض المجلس الأعلى قرارا استئنافيا لاعتماده على موجب لفيفي في شراء عقار بدل تطبيق الفصل 489 من قانون الالتزامات و العقود .[40]
كما جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 27 أبريل 1983 أنه :” إذا كان المبيع عقارا محفضا و جب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ و إذا اختل هذا الركن الشكلي فإن البيع لا يقوم .
و إن المحكمة لما اعتمت مجرد إقرار قضائي أمام المحكمة الجنحية لإثبات بيع عقار محفظ تكون قد خرقت الفصل 489 من ق ل عرضت قرارها للنقض.[41]
وجاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 23دجنبر2010على أن: “البيع أو الوعد بالبيع المنصب على عقار محفظ يلزم إثباته بحجة كتابية إذ أنه طبقا للفصل 489 من ق ل إذا كان محل البيع عقارا او حقوق عقارية فإن البيع لا يكون تاما إلا بإجرائه كتابة في محرر ثابت التاريخ ،ولا يكون للبيع أي آثار في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد .
والمهم الإشارة إلى ان فرض الكتابة في التصرفات العقارية لا يعني التضحية بالأحكام التي تحكم قواعد الإيجاب والقبول المعتبرة لإنعقاد العقد. وهذا جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 16نونبر1977 أنه: “يكون البيع الذي يقع بالمراسلة تاما في الوقت والمكان اللذين يرد فيهما من تلقي الإيجاب بقبوله وتأخذ في الاعتبار جميع الألفاظ التي استعملت ما دامت تفيد معنى الالتزام بالإيجاب والقبول ولا يشترط أي شرط يتعلق بالصيغة التي ورد بها الإيجاب ماضيا أو مضارعا[42].
الفقرة الثالثة : مدى فعالية نظام توثيق التصرفات العقارية :
و قد استلزم المشرع المغربي ضرورة إبرام التصرفات العقارية في شكلين اثنين من خلال مدونة الحقوق العينية فإما أن يحرر التصرف في شكل رسمي ، من طرف الموثق أو العدول ، و إما في شكل محرر ثابت التاريخ يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض [43].
“ويعتبر توثيق المعاملات بين الأفراد مهمة جسيمة لا يمكن أن يقوم بها إلا الأشخاص المؤهلون المتمتعون بالكفاءة القانونية الكافية والتجربة المهنية المتطلبة وينتمون على نظام قانوني ينظم عملهم، ويسهل عملية مراقبتهم والإشراف عليهم، ولا تتوفر هذه الشروط إلا في العدول والموثقون.
فإذا كان المشرع قد منح للمهنيين المنتمين لمهنة قانونية منظمة يخول لها قانونها تحرير العقود والتصرفات العقارية في إطار القوانين العقارية الخاصة ،فإنه ضيق من فئة الأشخاص المخول لهم تحرير هذه العقود حيث حصر ذلك بموجب المادة4 من مدونة الحقوق العينية في محرر ثابت التاريخ الذي يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض.[44]
هكذا فتوثيق العقود في التصرفات العقارية من شأنه التخفيف من حدة النزاعات المطروحة أمام القضاء و تحقيق استقرار المعاملات العقارية ، و الرقي بها إلى مستوى الاطمئنان ، و بالتالي توفير الأمن القانوني للمتعاقدين في مجال العقار مما يشكل حماية فعالة لحق الملكية المضمون بموجب الدستور المغربي [45]
و يعد علم التوثيق من المجالات الحيوية التي يجب الاهتمام به[46]ا ، و العمل على تحديثها لأن التوثيق هو الذي يصون حقوق الناس و أعراضهم ،كما أن فن التوثيق يضبط العلاقات المالية و الاقتصادية من بيع و شراء و كراء و رهن … إضافة إلى دوره الفعال في إبعاد الإنسان عن العقود الباطلة . و ذلك من خلال تحديد شروطه و ضوابطه التي عليها الوثيقة ،و المستمدة من كتاب الله و سنة رسوله الكريم
“وخلاصة لما سبق يتبين بوضوح أن فعالية نظام التوثيق تنطلق من الإتقان و الجودة في تحرير العقود وفق الضوابط و القواعد المفروضة أثناء إبرام التصرفات ، حتى لايفقد المحرر حجيته و قوته الثبوتية، باعتباره المساهم الرئيسي في تحقيق الأمن العقاري ،و بذلك نتساءل عن دور التوثيق في تحقيق الأمن العقاري ؟ هذا ما سيتم دراسته على المستوى الفقرة الرابعة .
الفقرة الرابعة: دور توثيق التصرفات العقارية الواردة على العقار في تحقيق الأمن العقاري:
لا يخفى ما يلعبه العقار بشكل عام من دور فعال في مجال إنعاش الحركة الاقتصادية وما يدره من فوائد وأرباح سريعة على الفرد والمجتمع، و نظرا لما يحف المعاملات العقارية من مخاطر عند عملية التفويت سواء تعلق الامر بملكية العقار من حيث صحة سند التملك أو من حيث الحقوق المرتبطة به، كالضرائب اللازم أدائها أو الشواهد الإدارية الواجب إحضارها قبل الشروع في عملية التعاقد، فإن المشرع المغربي أحاط التصرفات الواردة على العقار بضمانات مهمة يأتي في مقدمة هذه الضمانات إسناد مهمة التوثيق التصرفات العقارية إلى جهات رسمية يتصدرها العدول والموثقون.[47]
هذا ووضع المشرع المغربي على عاتق كل من الموثق والعدل جملة من الإلتزامات التي يجب عليهما الإمتثال لها والتقيد بها على أحسن وجه وإلا كانوا مخلين ومقصرين في حق زبنائهما مما يعرضهما بالتالي للمسائلة.
ويعتبر المحرر الصادر عن الموثق أو العدل وثيقة رسمية لها حجية قاطعة حتى على الغير. هذا ما أكدته الفقرة الأولى من الفصل 419 من ق ل ع “الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلا أن يطعن فيها بالزور….”
و كذا الفصل 420 من قانون ق ل ع و الذي جاء فيه ” الورقة الرسمية حجة في الاتفاقات و الشروط الواقعة بين المتعاقدين و في الأسباب
المذكورة فيها وفي غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد، وهي أيضا حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي
وقوعها إذا ذكر كيفية وصوله لمعرفتها، وكل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له أثر”. ويستفاد من الفصلين المذكورين أن المحرر الذي
حررها بحصولها في محضره، له حجة مطلقة لا يطعن فيها إلا بالزور، ويسري أثره حتى في مواجهة الغير،مما يعني ظان الورقة
الرسمية تشكل ضمانة قوية وتمنح الثقة للمتعاملين بها، وتشجع على استقرار المعاملات العقارية وجلب الإستثمار وبالتالي تحقيق الأمن
العقاري، إذا صدر قرار عن المجلس الأعلى ورد فيه” يعتبر الرسم العدلي الذي يشهد فيه العدلان بأتمية المشهود عليه حجة رسمية
… ” [48]و جاء في قرار آخر للمحلس الأعلى ” حيث إنه لما كانت المحررات المتضمنة للالتزامات أشخاص أميين التي
تلقاها موثقون تعتبر حجة قاطعة يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره و لا يطعن فيها إلا بالزور[49]
إلا انه يطرح إشكال بخصوص ما جاء في الفصلين 419و 420 المذكورين.”….يشهد الموظف العمومي وقوعها
….”و”…التي يثبت الموظف العمومي وقوعها…” والحال أن العدل والموثق ليسو موظفون عموميون بل يمارسون مهنة
حرة أو بعبارة أخرى لماذا منح المشرع مهمة تحرير الورقة الرسمية وأضفى عليهم صفة الموظف العمومي؟ في هذا
الإطار نستحضر ما قاله أستاذنا عبد العزيز الحضري بهذا الشأن ،حيث اعتبر بأنه من الوهلة الأولى يتبين ان الأمر
يكتنفه الغموض لكن بالتمعن في الفصلين419و420 من ق ل ع على أنه…”يشهد الموظف العمومي…” والحال عن
الموثق والعدل يمارسون مهنة حرة، غاية المشرع توجهت نحو إضفاء صفة الموظف العمومي على العدل والموثق حتى
تطبق عليهم قواعد المسؤولية والمحاسبة في إطار “قانون المسؤولية العمومية في حالة ارتكابهم أخطاء مهنية مست
بحقوق الأفراد المتعاقدين وأضرت بهم وبأموالهم، ويفهم من خلال التعريف الذي أعطاه المشرع الجنائي للموظف العمومي
في الفصل 224 من ق،ج[50] يعد موظفا عموميا ،في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفاته، يعهد
إليه، في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة ، أو المصالح
العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام .
و تراعى صفة الموظف وقت ارتكاب الجريمة و مع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية بعد انتهاء خدمته ، إذا كانت هي التي
سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها .” و ذلك كله يهدف إلى حماية حقوق الأفراد و تحسيس الموثق و العدل
بأنهم مسؤولون عن أخطائهم المهنية . الشيء الذي يجعلهم يلتزمون بقواعد و ضوابط مهنة التوثيق .[51]
و المشرع المغربي حماية منه لحقوق الأطراف المتعاقدة ، سعى إلى إحكام قواعد التوثيق و عززها بإحكام أهمها :
وجوب كتابة الوثيقة في الصك المعد لها ، بعد تلقيها وحفظها في مذكرة الحفظ مع ضرورة خلوها من أي نقص أو عيب
وذلك كله غايته واحدة تتمثل في السعي وراء استقرار المعاملات وتحقيق الأمن العقار
و ذلك كله يهدف إلى حماية حقوق الأفراد وتحسيس الموثق والعدل بأنهم مسؤولون عن اخطائهم المهنية. الشيء الذي يجعلهم يلتزمون
بقواعد وضوابط مهنة التوثيق[52]
و المشرع المغربي حماية منه لحقوق الأطراف المتعاقدة ، سعى إلى إحكام قواعد التوثيق و عززها بأحكام أهمها : وجوب كتابة الوثيقة في
الصك المعد لها ، بعد تلقيها و حفظها في مذكرة الحفظ مع ضرورة خلوها من أي نقص و عيب ، و ذلك كله غايته واحدة تتمثل في السعي
وراء استقرارا لمعاملات و تحقيق الأمن العقاري .
الفصل الثاني: الكتابة كوسيلة لإثبات الالتزامات والعقود:
تعتبر وسيلة الكتابة من أهم وأقوى طرق الإثبات، حيث يمكن أن تكون وسيلة لإثبات جميع الوقائع والتصرفات القانونية والمقصود بها كل ورقة محررة لإثبات عمل قانوني أو واقعة مادية تنشأ عنها حقوق والتزامات. وفي هذا الصدد سنتطرق للحديث عن حجية المحرر العرفي في الإثبات(المبحث الأول)،ثم الحديث عن الاثبات بالكتابة الإلكترونية على ضوء قانون 53.05(المبحث الثاني).
المبحث الأول: حجية المحرر العرفي في الإثبات:
على عكس الورقة الرسمية فإن الورقة العرفية ليست لها حجية في ذاتها من حيث المصدر، وذلك لأنها لا تستند على أي قرينة تدل على صدورها حقيقة ممن تنسب إليه، أو من الشخص الذي وقعها، لأنها عمل من أعمال أشخاص عاديين وحدهم، وليس لأي موظف عمومي وهذا كله يجعل مصدرها مشكوكا فيه كقاعدة عامة .وعليه سوف نتطرق في (المطلب الأول) إلى مبدأ إثبات الإلتزامات والعقود بالحجية الكتابية وفي (المطلب الثاني)إلى الرسمية في توثيق التصرفات العقارية.
المطلب الأول: مبدأ إثبات الإلتزامات والعقود بالحجية الكتابية:
بناءا على ذلك سنتطرق للحديث عن المحرر العرفي من خلال بعض القوانين( كفقرة أولى)، ثم عن الضمانات التي يوفرها التوثيق بواسطة المحرر ثابت التاريخ في استقرار المعاملات العقارية(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المحرر العرفي:
أولا: المحرر الثابت التاريخ في ق ل ع :
ينص الفصل 489من ق ل ع في الفرع الثاني منه المتعلق بتمام البيع على ما يلي: “إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا ،وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ ،ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل التالي المحدد بمقتضى القانون”
وعليه يجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ ،ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون ،غير أن اعتبار الكتابة في البيوع العقارية من الشكليات الجوهرية لوجود العقد وصحته لم يكن محط تأييد من قبل القضاء و الباحثين ،حيث منهم من يعتبر عقد بيع العقار قائما و مرتبا لأثاره القانونية بمجرد تراضي أطرافه ، وما يتلوه من كتابة و تحرير لا يعدو أن يكون إلا مظهرا خارجيا للمعاملة التعاقدية ، و صيغة إثباتية مهمة للحقوق الناشئة عن العقد ،بينما يؤكد الرأي الأخر أن الكتابة في البيوع العقارية قد وصلت في الوقت الراهن درجة هامة تجعلها ركنا أساسيا في العقد وليست مجرد عقد إثبات.
فإبرام عقد البيع الوارد على العقار أو أي حق آخر مما تم ذكرهم في الفصل 489 من ق.ل.ع يتوقف وجودا وعلما على توثيقه في محرر ثابت التاريخ.
ولقد حدد الفصل 425 من ق ل ع كيفية إثبات تاريخ الورقة العرفية من خلال الوقائع التالية :
- من يوم تسجيل الورقة العرفية ،سواء كان ذلك في المغرب أو في الخارج
- من يوم إيداع الورقة بين يدي موظف عمومي
- من يوم الوفاة أو من العجز الثابت إذا كان الذي وقع على الورقة بصفته متعاقدا أو شاهدا قد توفي أو أصبح عاجزا عن الكتابة بدنيا
- من يوم التأشير على الورقة من طرف موظف مأدون له بذلك أو من طرف القاضي سواء في المغرب أو في الخارج.
ثانيا: المحرر الثابت التاريخ في إطار القوانين الخاصة:
سنعالج هذا الموضوع على ضوء القانون المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات البيئية و القانون الخاص ببيع العقار في طور الإنجاز ، و القانون المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار .
أ-المحرر الثابت التاريخ في إطار القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة:
تنص المادة 12 من القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية-ظهير 03 أكتوبر 2002-على ما يلي:
“يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو بإنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخول قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.”
والرجوع إلى المادة 12 من هذا القانون، نجدها تقضي بوجوب توثيق التصرفات التي تجري على الملكية المشتركة كتابة وتركت الباب مفتوحا على مصراعيه أمام أي نوع من الوثيق ،فإما ان تفرغ هذه التصرفات في محرر رسمي، وإما أن تجري كتابة في محرر عرفي ثابت التاريخ يحرر من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة، يخول لها القانون إمكانية تحرير العقود، وذلك بناء على لائحة سنوية يحدد بموجبها وزير العدل أسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود.
ب-المحرر ثابت التاريخ في إطار القانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز:
ينص الفصل3-618 من القانون المذكور على أنه: “يجب أن يحرر عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان …”كذلك جاء في الفصل618-16 من ق.ل.ع ما يلي: “يبرم العقد النهائي طبقا للفصل 618-3 وذلك بعد أداء المبلغ الإجمالي للعقار أو الجزء المفرز من العقار محل البيع الابتدائي”
فهذا الفصل يتطلب وجوب تحرير عقد بيع العقار في طور الانجاز إما في عقد رسمي يصدره عن موثقه أو من طرف العدول ،أو في محرر عرفي يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ،ويتم تصحيح الإمضاءات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى كتابة الضبط المحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها .
و من جهة أخرى يصدر بيع العقار في طور الإنجاز في شكل عقد عرفي يحرره مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونا تحرير العقود، و يحدد وزير العدل سنويا لائحة أسماء المهنيين المخولين لتحرير هذه العقود و بينت المادة 3-618أن كل عقد تم تحريره خلافا لما ذكر فإن مصيره بطلانه.
والأمر هنا لا يخلو من صورتين :
- المحرر الرسمي طبقا للفصل 418 ق ل ع
- المحرر الثابت التاريخ ، شريطة أن يكون كاتبه مهنيا مأذون له ، و أن يخضع المحرر للإجراءات التي تثبت تاريخه
- المحرر الثابت التاريخ في القانون رقم :00-51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار
تنص المادة 4 من القانون رقم :00-51 على أنه ” يجب أن يحرر عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي او محرر ثابت تاريخ ،يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونا تحرير العقود و ذلك طائلة البطلان ”
يقيد باللائحة المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى (حاليا محكمة النقض )
و يتضح من هذا النص أن العقود المحررة بشأن الإيجار المفضي إلى تملك العقار إما أن تكون عقودا رسمية ، أو عقود ثابتة التاريخ محررة من لدن المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض ،أو من طرف مهنيين ينتمون إلى مهنة منظمة يحدد وزير العدل لائحة خاصة بهم ولقد أوردت المادة 4 من القانون رقم 00-51 صراحة جزاء البطلان لكل عقد إيجار مفضي إلى تملك العقار خارج عن نطاق الأحكام المذكورة.
ثالثا: طبيعة المحرر الثابت التاريخ والمادة 4 من مدونة الحقوق العينية:
بالرجوع إلى النصوص القانونية التي نظمت المحرر الثابت المشار إليها مسابقا، لا تجد المشرع المغربي يعرف المحرر الثابت التاريخ، الأمر الذي اختلف معه الفقه في تحديد المراد به، حيث ذهب البعض إلى تقسيم المحررات إلى رسمية وعرفية وثابتة التاريخ في الوقت الذي لا يرى فيه البعض الآخر مبررا لهذا التقسيم مكتفيا بالقول أن الدقة القانونية تقتضي اعتماد تقديم على العقود المكتوبة، حيث هناك عقود رسمية وأخرى عرفية، أما مسألة ثبوت التاريخ فهي صفة تلحق الطائفة الاولى بصورة تلقائية في حين أنها تلحق الطائفة الثانية عند تحقق أمور معينة نص عليها الفصل425من ق.ل،ع من بينها المصادقة على الإمضاءات بمعرفة العاملة الإدارية المختصة.
ظهيــــــــــــــــــر التحفيظ العقاري
وعليه فإن المحرر الثابت التاريخ هو كل وثيقة عرفية يتم تحريرها وفقا الشروط التي بينها القانون من قبل محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ، أو من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة و يخولها قانونا تحرير العقود و يعد اعتماده في لائحة سنوية يحددها وزير العدل
و الواقع أن المشرع المغربي لم ينظم مسألة ثبوت تاريخ الوثيقة العرفية المحررة و فقا للقواعد القانونية أعلاه ،حيث لا نجد إلا نص خاص يتعلق بثبوت تاريخ المحرر الذي يحرره محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض بتصحيح الإمضاءات لدي رئيس كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها .
إما إضفاء الصفة الثبوتية للتاريخ على محرر عرفي موثق من قبل مهني معتمد بلائحة سنوية يحددها وزير العدل ،فظل محل جدل بين من يميزون المحرر الثابت التاريخ عن الورقة العرفية ، و بالتالي لا يمكن إعمال قواعد هذه الأخيرة لإثبات تاريخ المحرر الثابت التاريخ سوى وثيقة عرفية لحقت بها صفة ثبوت التاريخ يتحقق امور حددها الفصل 425 من ق ل ع و هي :
-تسجيل الوثيقة ، سواء كان ذلك في المغرب أو الخارج
-إيداع الورقة بين يدي موظف عمومي
– وفاة أو عجز من وقع الورقة بصفته متعاقدا أو شاهدا
-التأشير أو مصادقة على الورقة من طرف موظف مكون له بذلك أو من طرف قاض، سواء في المغرب أو في الخارج
-وجود أدلة لها نفس القوة القاطعة من شأنها أن تضفي على الوثيقة الصفة الثبوتية للتاريخ
و إذا كان الامر كذلك فهل حلت طبيعة المحرر الثابت التاريخ في المادة من م ح ع و التي تنص على يلي :
يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي او بمحرر ثابت التاريخ …
من خلال هذه المادة ،يتضح أن المشرع المغربي أقر نظرية رسمية العقود غير انه لم يحدد طبيعة المحرر الثابت التاريخ :هل هو محرر رسمي أم محرر عرفي أو محرر من نوع خاص
وانطلاقا مما سبق عرضه بشأن الموضوع المطروح تقدم بعض المقترحات عساها تفتح الآفاق لما هو آت، وأبرزها:
تعديل مقتضيات المادة الرابعة من م.ح.ع بتحديد المقصود من طبيعة المحرر الثابت التاريخ، والذي سيؤدي إلى تضارب الآراء بهذا الخصوص:
-التخفيف من تكلفة التوثيق العصري بشكل يجعله في متناول كل الفئات المعنية بالعقار والتصرفات الواردة عليه.
-إصدار مرسوم تطبيقي لمدونة الحقوق العينية لاسيما فيما يتعلق بالمادة الرابعة، وكذا بيان التزاماته وواجباته بشأن هذه العقود وتلقيها حماية للأطراف.
-إعادة النظر في صياغة المادة 12من القانون رقم18.00 والمادة 3.618من القانون 44.00 والمادة 4من القانون55.00 من حيث تحديد المقصود بالمهلة القانونية والمنظمة، ومفهوم المحرر ثابت التاريخ.
الفقرة الثانية: الضمانات التي يوفرها التوثيق بواسطة المحرر ثابت التاريخ في استقرار المعاملات العقارية:
ولتوضيح هذه الحجية سنقسم هذه الفقرة إلى حجية المحررات الصادرة عن المحامي من حيث المضمون (أولا) وحجيتها من حيث التاريخ والتوقيعات (ثانيا(
أولا: حجية المحررات الثابتة التاريخ من حيث المضمون:
ينص الفصل 424 من ق.ل.ع والعقود على أن “المحررات العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و420 عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد” [53] في هذا الفصل يمكن التمييز ما بين حالتين لمعرفة حجية المحرر العرفي:
- أن يُعترف بالورقة العرفية أو تعتبر في حكم المعترف بها
حيث في كلتا الحالتين تعتبر وثيقة رسمية لا يجوز الطعن فيها إلا بالزور لكن هذا الأمر لا يطال التاريخ وهو ما أكده للمجلس الأعلى سابقا رقم 138 بتاريخ 22 أبريل 1977. ([54])
وقد طرح سؤال حول كيف يمكن اعتبار الورقة العرفية في حكم المعترف بها قانونا؟
تصدى المشرع لهذا الإشكال فأوجد حلا له، سدا لكل تأويل خاطئ أو غير صحيح، حيث جاء في الفصل 431 “يجب على من لا يريد الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أن ينكر صراحة خطة أو توقيعه، فإن لم يفعل اعتبرت الورقة معترف بها“. وعليه فإذا وجد نزاع معروض على القضاء وجب على من في مصلحته تنحية الورقة أن ينكر توقيعه أو خطه وإلا اعتبرت في حكم المعترف بها مما يجعلها تكتسي نفس القوة الإثباتية للمحرر الرسمي، بمعنى أنه لا يمكن رد ما فيها إلا عن طريق الزور، ويسرى نفس الحكم في حالة اعتراف البائع.([55])
ولربما يدخل التوقيع المصادق عليه أيضا في خانة ما وصفه المشرع المغربي في خانة المعترف به قانونا” مادام أنه لا يمكن إنكاره وإنما ينبغي اتباع مسطرة الطعن بزورية شهادة الموظف العمومي.
ب ـ في حالة إنكار الخط (دون التوقيع)
تبدأ إجراءات إنكار التوقيع أو الخط عندما يقدم أحد الخصوم تدعيما لادعاءاته ورقة عرفية يزعم أنها صادرة عن خصمه أو عن الغير، فتقوم المحكمة بعرضها على الخصم الآخر ليبدي موقفه منها، فإذا اعترف بها ولو ضمنيا أصبحت للورقة العرفية نفس الدليل للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و420 من ق.ل.م عدا ما يتعلق بالتاريخ طبقا للفصل 424 من ق.ل.ع، أما إذا أنكر الخصم صدور الورقة العرفية عنه أو عن الغير، فإن ذلك يعتبر إيذانا ببداية مسطرة تحقيق الخطوط وفق ما هو منصوص عليه في الفصول 89 و90 و91 من ق.م.م ومن شروط سلوك دعوى تحقيق الخطوط أن يكون الإنكار صريحا وهو ما أشار إليه الفصل 431 من ق.ل.ع يجب على من لا يريد الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه، فإن لم يفعل اعتبرت الورقة معترفا بها.
وما تجدر الإشارة إليه هو أن الإنكار في الوثيقة المحررة من طرف المحامي يشمل الخط دون التوقيع والذي يكون رسميا لا يطعن فيه إلا بالزور.
وإذا كانت حجية المحررات العرفية إزاء المتعاقدين من السهل النيل منها وذلك بمجرد إنكار التوقيع أو الخط الموجود، وبذلك لا تسري في حقهم إلا بعد أن تثبت المحكمة صحة التوقيع أو الخط، فهل يسري نفس الأمر إزاء الأغيار؟
هذه المسألة تستدعي التمييز بين حالتين في الإنكار: ففي حالة نسبة صدور المحرر إلى الشخص ذاته لابد من أن ينكر الكتابة والتوقيع، وفي وضعنا إنكار الكتابة فقط مادام أن التوقيع لا يمكن إنكاره، ولا يكفي أن يدعي عدم تأكده أو علمه بصحتها، بينما يكفي في حالة الوارث أو الخلف أن يقرر عدم علمه بصدور المحرر من الموروث أو المخلف عنه أو عدم معرفته خطه.
ولقد أشار إلى ذلك الفصل 431/2 من ق.ل.ع بنصه على أنه “يسوغ للورقة والخلفاء أي يقتصروا على التصريح بأنهم لا يعرفون خط أو توقيع من تلقوا الحق منه“، وفي نازلة القرار عدد 4712 الصادر عن الغرفة المدنية لمحكمة النقض بتاريخ 9/10/2010 اعتبر أن الورثة بعدم اعترافهم بصدور الورقة العرفية عن مورثهم وذلك بالاقتصار على التصريح بمعرفة خط مورثهم دون توقيعه المصادق عليه يوجب على المحكمة لما لم تصرف النظر عن إعمال الوثيقة في إثبات العلاقة التعاقدية، مباشرة مسطرة تحقيق الخطوط.([56])
إن الإنكار كإجراء يضعف من حجية المحرر الصادر عن المحامي من حيث مضمونه، ويصعب عمل القضاء الذي لا يسلك هذه المسطرة إلا في الحالة التي يكون فيها العقد العرفي أساسيا للفصل في النزاع. وفي حالة المحرر الصادر عن المحامي فهو طبعا أساسي في النزاع مادام أنه هو وسيلة الإثبات الوحيدة الذي يعتد بها القانون للاعتراف بإجراء تصرف قانوني معين.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه وحتى وإن تم الاعتراف بالمحرر العرفي أو اعتبر في حكم المعترف به، فإن له الحق في الطعن بجميع الوسائل في ذات المحرر سواء تعلق الأمر بالشكل أو بموضوع المحرر، وهو ما نص عليه المشرع في الفصل 432 من ق.ل.ع حيث جاء فيه: “اعتراف الخصم بخطه أو بتوقيعه لا يفقده حق الطعن في الورقة بما عساه أن يكون من وسائل الطعن الأخرى المتعلقة بالموضوع أو الشكل“. ويعني ذلك أن من حق من له المصلحة في أن يدفع بزورية المحرر وذلك لهدم حجية في إطار دعوى الزور الفرعية والتي لم يعرفها المشرع المغربي إلا أنه تطرق إلى المقصود بتزوير الأوراق في فصول القانون الجنائي وبالضبط 351 والذي اعتبر فيه التزوير كل تغيير للحقيقة فيها بسوء نية تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون.
في الختام وكتقييم للمحرر الصادر عن المحامي وحجيته من حيث مضمونه في إثبات حقوق المتعاقدين، نجد أن القوة الثبوتية للمحرر تتوقف على أطراف العقد، فمادام المتعاقد الذي يواجه بالوثيقة لا ينكر خطه فيها، فإن حجية المحرر ترقي إلى الرسمية مما يجعل الطعن فيها لا يتم إلا بالزور. وهذا ما من شأنه أن يضعف من الضمانات القانونية للمحرر الصادر عن المحامي ويشجع المتعاقدين على الإقبال على المحرر الرسمي الصادر عن الموثق أو حتى عن العدول نظرا لعدم توقف نفاذه في حق أطراف العقد أو حتى على الغير على إرادة الأطراف التي قد تسوء نيتها أحيانا.
ثانيا: حجية المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض من حيث التاريخ والتوقيع:
إن إضافة المشرع ولمسته التحسينية التي طالت المحرر العرفي في إطار المادة 4 من م.ح.ع تمثلت في بعض الشكليات والإجراءات التي تتكامل فيما بينها للرفع من حجية المحرر الصادر عن المحامي تشجيعا لمستهلك العقار لاعتماد المقبول للترافع أمام محكمة النقض كمحرر لعقوده، ومن بين هذه المقتضيات القانونية نجد تنصيص المشرع على مسألة ثبوت التاريخ كشرط في المحرر الصادر عن المحامي (أ) كما نجد أنه أتبع تنصيص على توقيع العقد من أطرافه والتأشير عليه ونفس الأمر بالنسبة لمحرر العقد، باستلزام تصحيح إمضاءات الأطراف لدى السلطات المحلية المختصة والتعريف بإمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية المختصة (ب) فأي وقع لهذه الشروط؟ وأي دور لها في الرفع من حجية المحرر الثابت التاريخ؟ وبالتالي ضمان إثبات حقوق المتعاقدين الذي به يتحقق الأمن العقاري على جميع مستوياته.
أ ـ حجية المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض من حيث التاريخ:
من خلال الاستناد على الفصلين 424 و425 من ق.ل.ع يتضح أن المشرع المغربي نظم حجية تاريخ الورقة العرفية من خلال قاعدة ذات شطرين، أحدهما يفيد أن تاريخ الورقة العرفية حجة بين المتعاقدين، وثانيهما أن هذا التاريخ لا يكون حجة على الغير، إلا إذا كان ثابتا.
وبذلك فحجية المحرر العرفي إزاء المتعاقدين من حيث تاريخه تتحدد بما هو مضمن بالعقد، وهو ما أشار إليه صراحة الفصل 425 من ق.ل.ع “الأوراق العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين…” وبذلك لا يجوز إثبات ما يخالف التاريخ الموجود في المحرر إلا عن طريق الكتابة عملا بمقتضيات الفصلين 22 و444 من ق.ل.ع، ونفس الأمر يسري حتى على ورثة المستهلك وخلفه الخاص حينما يعمل كل باسم مدينه.
أما بالنسبة لحجية المحرر الصادر عن المحامي في مواجهة الأغيار([57]) فينبغي الرجوع فيها إلى ما نص عليه الفصل 425. فثبوت التاريخ وفقا للمادة 4 من م.ح.ع يتم بالمصادقة على إمضاءات الأطراف من لدن السلطة المحلية المختصة والتعريف بإمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط كما يتم بالتسجيل لدى إدارة الضرائب. فكلا الإجراءين ونظرا لكون الجهات التي تقوم بها تضع تاريخا على المحرر، يفيد يوم القيام بإجراء المصادقة وهذا التاريخ يعتبر ثابتا ولا يمكن إثبات ما يخالفه إلا عن طريق دعوى الزور.([58])
إن مصطلح الأغيار الذي استعمله المشرع هو بالطبع لا يشمل الخلف العام([59]) وإنما يعني به نوعين وذلك حسب فهم الفصل 425، النوع الأول هو الخلف الخاص إذا لم يكن يعمل باسم مدينه والنوع الثاني هو الدائن. فالخلف الخاص هو ما يتلقى من سلفه ملكية شيء محدد بذاته أو أي حق عيني آخر على ذلك الشيء، وكذلك من ينتقل إليه حق شخص كان سلفه دائنا به من قبل، وهكذا فمن يشتري مثلا عقارا يعتبر خلفا خاصا للبائع بالنسبة للحق الذي انتقل إليه، وكذلك يعتبر الموهوب له، ومن المبادئ العامة التي تهيمن على هذا المستوى أنه لابد أن يكون العقد الذي أنشأ الحقوق أو الالتزامات التي يقع فيها الاستخلاف سابقا في تاريخه على انتقال الحق من السلف إلى الخلف. ([60])
وعلى العموم، فإنه يعتبر من الغير كل شخص ليس من الخلف العام، أو الخاص مع مراعاة ما أشرنا إليه في الحالة أعلاه، ولا دائنا عاديا، فيسري في حقه التاريخ الثابت على الوجه الذي حدده الفصل 425 من ق.ل.ع، وأكدته المادة 4 من م.ح.ع. ذلك أن ثبوت التاريخ إنما هو حكم يرمي بالأساس إلى حماية هذا الغير، وهو ما يستفاد صراحة من خلال حتى ما نصت عليه المادة 395 من القانون المدني المصري “لا تكون الورقة العرفية حجة على الغير في تاريخها إلا منذ أن يكون لها تاريخ ثابت”.[61]
بالتالي فأهمية تنصيص المشرع على ثبوت تاريخ المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع تظهر في كونه يحمي الأغيار عن العلاقة التعاقدية من كل تحايل في التاريخ من شأنه أن يحرم أحد المتعاقدين من حقوقه، ذلك أن المصادقة على إمضاءات الأطراف والتعريف بإمضاء المحامي يجعل من التاريخ ثابتا ويضفي عليه الطابع الرسمي، مما لا يمكن معه الطعن فيه إلا بالزور، وبذلك يتضح دور المشرع المغربي في تعزيز ضمانات المحرر العرفي في مجال توثيق التصرفات العقارية، نظرا لحيوية هذا العقار وأهميته باعتباره رافعة أساسية للتنمية.
ب ـ حجية التوقيعات المضمنة في المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض:
بالإضافة إلى التوقيع،([62]) اشترط المشرع المغربي المصادقة عليه وذلك حتى يتسنى للمحافظ العقاري تقييد العقد. بالرجوع إلى المادة 73 من ظهير التحفيظ العقاري: “تعتبر هوية كل طرف وصفته وأهليته محققة إذا استند الطلب على محررات رسمية، وتعتبر هوية محققة إذا كانت التوقيعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بها مصادق عليها من طرف السلطة المختصة”. ونفس هذا المقتضى أكده المشرع المغربي بالنسبة للعقود الصادرة عن المحامي في إطار المادة 4 من م.ح.ع والقوانين العقارية الخاصة، وهو ما يظهر تقاطع مادة 4 من م.ح.ع مع قانون التحفيظ العقاري وتكاملهما.
وفي هذا الصدد ذهب المجلس الأعلى سابقا في القرار رقم 1697 الصادر عنه سنة 1987،([63]) أن تصحيح الإمضاء من لدن السلطة المختصة لا يضفي على الورقة الحاملة لذلك التوقيع الصبغة الرسمية، فالمصادقة على التوقيع لا يعدو أن تكون إجراء إداريا، وفي قرار آخر جاء فيه أن المحكمة لا يجوز لها أن تعتبر عدم المصادقة على التوقيع ينزع عن العقد القوة الثبوتية. ([64])
وإن كنا نشاطر الرأي الفقهي([65]) الذي اعتبر المجلس الأعلى جانب الصواب حينما اعتبر المصادقة على التوقيع مجرد إداري لا أكثر ولا يضيف للمحرر العرفي شيئا، ذلك أن هذا الإجراء يتم أمام موظف عمومي موكول له هذا الاختصاص بمقتضى القانون ويقوم بذلك بعد التأكد من هوية الأطراف، فإن موقف القضاء يشاركنا نفس الرأي وهو ما يتجلى من خلل عدد من القرارات اخترنا لكم منها على النحو التالي:
قرار رقم 2563 الصادر بتاريخ 17/09/2003 والذي جاء فيه: “لم يعتبر القرار المطعون فيه- عقد التنازل بمضمونه ورقة رسمية وإنما اعتبر توقيع موروث الطاعنين هو الذي يكتسي الصفة الرسمية لأنه مشهود بصحته من طرف الموظف العمومي المختص بذلك. ([66])
كما جاء في القرار للمجلس الأعلى سابقا ([67]) ميز فيه بين واقعة التصديق على الإمضاء من طرف الموظف العمومي والتي تكتسي طابقا رسميا يتوجب معه الطعن فيه بالزور لدحض صحتها، وتوقيع الطرف على الورقة العرفية، الذي يكفي فيه مجرد الإنكار، ويمكن أن تفعل بشأنه مسطرة تحقيق الخطوط، مما يلي: “لا يقبل إنكاره ما نسب إليه من توقيع على الورقة العرفية بعدما شهدت المصالح الرسمية المختصة بنسبة إليه، عن طريق الزور في واقعة المصادقة على التصديق وليس في التوقيع الذي شهد الموظف المختص في إطار الصلاحيات المخولة له بنسبته له.”
وفي نفس السياق جاء في قرار عدد([68]) اعتبر فيه أن المصادقة على إمضاء الورقة العرفية يشكل اعترافا بها مما يرقى بها إلى درجة القوة الثبوتية للورقة الرسمية، ويتعين بالتالي الطعن فيها بالزور لدحض صحتها ولا يكفي في ذلك إنكارها ولو من طرف الوارث، فقد جاء فيه أنه: “مادام بيع العقار المحفظ ثم بموجب ورقة عرفية تحمل تصديقا على توقيع البائع المتوفى من جهة رسمية فإنه يعتبر نافذا، ولا يطعن فيه إلا بالزور، إذ أن الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها، ولا يكفي الطعن فيها عن طريق الدفع بعدم صحتها”.([69])
وبذلك تتضح أهمية الإجراء المنصوص عليه في م.ح.ع والذي يضفى على توقيعات الأطراف الصبغة الرسمية التي لا يمكن الطعن فيها إلا بزورية شهادة الموظف العمومي، مما يرفع من حجية الوثيقة المحررة من طرف المحامي في إثبات التصرفات العقارية، من حيث التوقيعات الواردة فيها سواء تعلق الأمر بتوقيعات الأطراف التي تصحح أمام السلطة المحلية المختصة أو تعلق الأمر بتوقيع المحامي الذي يعرف أمام رئيس كتابة الضبط المحكمة الابتدائية المختصة.
وبعد التمعن في مقتضيات المادة 4 من م.ح.ع باعتبارها النص العام الذي ينظم مسألة توثيق التصرفات العقارية، يتجلى لنا بوضوح الرغبة في تعزيز الضمانات القانونية للمحررات الصادرة عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض هي حاضرة وبشدة وهو ما يتجسد في حصر المشرع لشكلية المحرر الصادر عن المحامي في المحرر الثابت التاريخ والذي فيه حماية للأغيار ولأطراف العلاقة التعاقدية، فمادام التاريخ والتوقيع لا يمكن المنازعة فيهما فإن في ذلك استقرار للمعاملات وضمانة لإثبات حقوق المتعاقدين في حالة نشوب نزاع، كما أن إلزام المشرع المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض وضع توقيعه إلى جانب توقيعات الأطراف يشكل إضافة من طرف المشرع تعزز المحرر العرفي لكونها تمكن من معرفة محرر العقد وبالتالي تدعم مسؤوليته. وفي نفس السياق فإن تنصيص المشرع على التأشير على جميع صفحات العقد فيه ضمانة أخرى للمتعاقدين لتفادي أية إضافات أو تغييرات من شأنها أن تمس حقوقهم.
أما فيما يتعلق بمسألة تصحيح إمضاءات الأطراف والتعريف بإمضاء المحامي، فإن إقرار المشرع لهذا الإجراء والذي واكبه العمل القضائي الذي استقر على أن المصادقة تضفي على التوقيع طابع الرسمية يشكل ضمانة أخرى تنضاف إلى خانة الضمانات التي يوفرها المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض، لكن هذه النبرة الإيجابية لن تغنينا عن اتهام المشرع إن لم نقل مساءلته حول العديد من النقاط، من قبيل:
انتباه المشرع للشكليات المعززة للمحرر العرفي لم يكن شاملا، حيث نسجل غياب مقتضيات قانونية على مستوى م.ح.ع أو القانون المنظم لمهنة المحاماة تحدد الأوضاع القانونية للمحرر الصادر عن المحامي بدقة، فلا يوجد ما يشير إلى كيفية التعامل مع الكشط والكتابة بين الأسطر، ونفس الأمر نسجله بالنسبة لأحكام التشطيبات أو الإضافات أو الإحالات على عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للموثقين والعدول، فضبط هذه الأمور من شأنه تفادي النزاعات، فقد يدعي أحدهم أن ما ورد بالمحرر من إحالة أو إضافة قد تم بعدم إبرام العقد وتوقيعه في حين يدعي الآخر عكس ذلك. كل هذا إلى جانب أن المشرع المغربي لم يشترط الإشارة إلى أن تكتب المبالغ المالية أو أثمنة البيع بالحروف بحيث يسهل في حالة الاكتفاء بالأرقام إضافة رقم أو تعديله بعد تحرير العقد. نفس الغياب نسجله حتى على مستوى تعدد النظائر في مجال التعاقد بواسطة المحررات العرفية بالرغم من أهميته الخاصة.([70])
إن التعامل بالمحررات العرفية بصفة عامة، وفي ميدان المعاملات العقارية بصفة خاصة لم يحطه المشرع المغربي بالضمانات الكافية لضبط هوية الأطراف وهو أهليتهم، فهوية الأطراف في المحررات العرفية غالبا مالا تكون محددة بكيفية دقيقة، مما يؤدي إلى التشابه في الأسماء العائلية والشخصية، كما أن أهليتهم لا يتم تحديدها بالكيفية المطلوبة، مما يجعلنا أمام عقود مبرمة من قبل أشخاص لا يتوفرون على أهلية التعاقد، وهذا ما أثبته بالفعل الواقع العملي. بالإضافة إلى ذلك نسجل أيضا غياب ما يلزم المحامي بالإشارة إلى جنسية المتعاقد، بالرغم من أهمية هذا البيان في الرقابة التي تفرضها الدولة على تملك الأجانب للعقار الفلاحي داخل المغرب.
هذا وقد طرحت قضايا أخرى من قبيل المحرر الصادر عن المحامي لا يتضمن في أعلى الصفحة الأولى: اسم المحامي، صفته، الهيئة التي ينتمي إليها، حيث طرح البعض مدى إلزامية هذا الأمر، وأعتقد أنه لا يجب التمسك إلا بالشروط التي حددها المشرع في المادة 4 من م.ح.ع والتي ليس من بينها ضرورة توفر المعلومات المتعلقة بالمحامي في الأعلى الصفحة الأولى للمحرر، حيث يكفي الإشارة إلى ذلك في سجل إيداع توقيعات المحامي عند التعريف بإمضائه لدى رئيس كتابة الضبط.([71])
إلى جانب عامل الفراغ التشريعي على مستوى الضمانات الشكلية والموضوعية للمحرر الصادر عن المحامي نضيف أيضا ضعف القوة الثبوتية للمحرر الصادر عن المحامي على مستوى المضمون الذي يكفي إنكار الخط الوارد فيه لهدم حجيته، و أيضا عامل افتقار المحامي محرر العقد إما للكفاءة أو الضمير الحي أولهما معا، كلها عوامل كافية بتهديد حق الملكية العقارية وتعريضه للضياع، خاصة وأن هذه النواقص أو السلبيات التي سبقت لها الإشارة لها أثرت على عمل مؤسسة التحفيظ العقاري بشكل تمثل فيما أصبح يسمى بظاهرة عدم تحيين مطالب التحفيظ([72]) وكذا الرسوم العقارية.
بناءا على ما سبق يتضح أن المحرر العرفي وإن كان ثابتا التاريخ يعرف قصورا وعجزا ذاتيا فهو لا يحتاج إلى محررين ذوي الاختصاص للرفع من قيمته، فالإشكال هو مرتبط بالتنظيم القانوني غير المحكم لهذه الوثيقة وليس فقط بمستوى الفئات التي تتولى مهمة تحريرها.
ونعتقد أن هذه الوضعية تقتضي من المشرع التدخل لتنظيم الأوضاع القانونية للمحررات الثابتة التاريخ و لتحديد التزامات ومسؤولية المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض اتجاه المحررات والعقود التي تصدر عنه من أجل تحقيق الانسجام المطلوب في القوانين المنظمة للمهنيين المكلفين بتوثيق التصرفات العقارية وبهدف توفير المزيد من الضمانات للأطراف المعنية بالمحررات الصادرة عن المحامي ونرى أن التدخل المأمول لا يجب أن يطال فقط القانون المنظم للمهنة بالتنصيص على التزامات المحامي والأوضاع القانونية الخاصة بالمحرر، بل ينبغي أن يشمل العديد من النصوص القانونية ومن بينها الفصل 418 من ق.ل.ع وكذا المواد التي تنظم توثيق التصرفات العقارية وذلك بمنح المحامي صلاحية إضفاء الرسمية على العقود وذلك بعد تقنين جميع التزامه التي يجب احترامها بمناسبة توثيق التصرفات العقارية، فأين الجدوى من إجهاد المشرع في البحث عن إطار قانوني لالتزامات المحامي المقبول بمناسبة تحرير عقود المعاملات العقارية، إن كان الفصل 431 يمكن من يُواجه بالوثيقة العرفية من إنكار خطه. فإذا كان المشرع المغربي حريصا على الاحتفاظ بالمحامي كمحرر للعقد فإن ذلك يلزمه الرفع من مستوى المحرر الصادر عنه إلى مصاف الرسمية لكي نكون أمام نظام واحد وموحد للتعاقد وهو رسمية العقود في المعاملات العقارية وبالتالي توحيد ضوابط توثيق التصرفات العقارية في إطار قانوني موحد يخاطب كافة المهنيين من محامين و عدول و موثقين و يجمع شتات النصوص القانونية و يستثمر في رصيد العمل القضائي الصادر في هذا الموضوع، كل هذا في إطار مدونة شاملة جامعة توحد الإطار القانوني و تفادي اختلاف العمل القضائي و الفقهي، لكن بالأساس تحمي حقوق المتعاقدين .
المطلب الثاني: الرسمية في توثيق التصرفات العقارية:
لم تحدد مدونة الحقوق العينية بشكل صريح الجهات المختصة بإصدار المحررات الرسمية في مجال التصرفات العقارية، وكلما أشارت إليه هو نصها في المادة الرابعة في الفقرة الاولى على أنه: “يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية….بموجب محرر رسمي….”فقد ورد فيها ذكر المحرر الرسمي على نحو مرسل، وغير محدد للجهة التي عليها أن تحرر الدليل الرسمي.
وانطلاقا من ذلك واعتمادا على القوانين المنظمة للمتهني التوثيق، يمكننا أن نصنف هذه الجهات إلى طائفتين: جهات تضفي الرسمية بصفة تلقائية بمجرد توثيقه(الفقرة الأولى)،وجهات أخرى لا تضفي الرسمية إلا بعد اتباع إجراءات معينة(الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: الجهات التي تضفي الرسمية على المحرر بمجرد توثيقه:
إن الجهات التي تضفي الرسمية في التشريع المغربي على المحررات بمجرد توثيقه، دون الحاجة إلى تدخل جهة أخرى، وهي:
أولا: الموثق العصري:
رغم أن الموثق لا يعتبر موظفا عموميا وقفا لأحكام قانون الوظيفة العمومية، إنما مزاولا لمهنة حرة(حسب المادة الأولى من قانون التوثيق)،فإن المشرع أضفى بحكم القانون المنضم للمهنة على أعماله الصفة الرسمية، لأنه مكلف بخدمة عامة تتعلق بتحرير العقود وفق الشكل المتطلب قانونا. فبناءا على المادتين 35[73]و48[74]من القانون 32.09 فإن الموثق يختص بإصدار المحررات التي يفرض القانون إعطاءها الصبغة الرسمية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها، وذلك بمجرد توثيقها دون توقف ذلك على تدخل جهات أخرى.[75]
فالموثق على هذا النحو يتولى مهمة الإشراف والمصادقة على تعبير الأطراف عن إرادتهم بالموافقة على التصرف، ويكون بذلك مسؤولا عما شهد به من وقائع واتفاقات وقعت أمامه، ويختم الوثيقة بتوقيعه إلى جانب توقيع الأطراف ويحتفظ بأصلها في ديوانه ولا يسلم لهم نسخة منها، والوثيقة الرسمية بهذا الشكل تتوفر عللا قوة إثباتية وتنفيذية في نفس الوقت .
ثانيا: قاضي الحكم:
إن أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو هل يمكن اعتبار العملية التي يقوم بها القاضي أثناء صياغة الحكم عملية توثيقية؟ بمعنى آخر هل يمكن اعتبار الحكم القضائي وثيقة تدخل في إطار السندات الرسمية المعتد بها في مجال التصرفات، شأنه في ذلك شأن المحرر الرسمي الصادر عن كل من الموثق والعدلان؟
نعتقد أن الجواب عن هذا السؤال سيكون بالإيجاب، وذلك للأسباب الآتية:
-إن التعريف الذي اتفق عليه غالبية الفقه للتوثيق يمكن أن تدخل في إطاره عملية إصدار الأحكام، فتعريف التوثيق بأنه “علم يبحث في طريقة كتابة العقود والتصرفات والمحاضر والتسجيلات بكيفية خاصة، تخضع للقواعد الفقهية والنطقية واللغوية حتى يقع إحكام وربط العقد أو التصرفات غير ذلك كي يصح الاحتجاج بالوثيقة، وحتى لا يجد النقاد مدخلا لإبطال العقد أو التصرف أو نحوهما، او حتى لا يقع نسيان التصرف إذا لم يكتب في وثيقة” فهذا التعريف ينطبق حتى على عملية إصدار الاحكام.
-إذا كان التوثيق بهدف ضبط المعاملات وحقوق الأطراف، فكذلك الشأن بالنسبة للحكم القضائي، فهو يعبر عن حقيقة قانونية معينة، من خلال إقراره حقوقا لمصلحة جهة ضد جهة أخرى.
-إذا كانت الوثائق الرسمية يمكن استعمالها في الإثبات وتسهل الحسم في النزاعات بين المتعاملين أمام القضاء، فإنه يمكن للمحكوم له أو لصاحب المصلحة الاحتجاج بالحكم أمام القضاء، فإذا حكم مثلا على شخص معين في دعوى استحقاقية بثبوت حقه على عقار ما وأصبح الحكم قابلا للتنفيذ، يمكن لنفس المحكوم له الاحتجاج بالحكم ذاته في دعوى أخرى تتعلق بنفس العقار.
-إن المحرر الرسمي الصادر عن العدلان أو الموثق، يعتبر سندا تنفيذيا إذا ذيل بالصيغة التنفيذية، كذلك الامر بالنسبة للحكم القضائي الذي يعتبر سندا تنفيذيا بمجرد صيرورته نهائيا.
-يمكن للطرف الذي حكم له بحق عقاري قابل للتسجيل، أن يلجأ إلى المحافظ على الأملاك العقارية من اجل تسجيله باعتبار هذا الحكم وثيقة رسمية تثبت هذا الحق العقاري، شأنه في ذلك شأن باقي المحررات الرسمية الصادرة عن الموثق والعدلان.
لكل هذا نرى أن المحرر الرسمي في المادة 4 من م.ح.ع يمكن أن يشمل حتى الحكم القضائي إلى جانب المحررات الرسمية الصادرة عن العدول والموثقين.
الفقرة الثانية: الجهات التي تحتاج إلى شكليات معينة لإضفاء الرسمية على المحرر:
إذا كانت المحررات تكتسب الطابع الرسمي بمجرد توثيقها من جهة محررها كما ذكرنا أعلاه، فإن هناك محررات لا تكتسب هذه الصفة إلا بتدخل جهات أخرى غير تلك التي أصدرت المحرر:
أولا: العدلان:
طبقا للقانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة فإن العدلان هما المأذون لهما على وجه الإشتراك بكتابة المحرر الذي لا يكتسب الرسمية إلا بالمخاطبة عليه من طرف قاضي التوثيق (المادة35)وكذلك تلقي الشهادة وتحريرها(المادة27).
وتحرير الوثيقة العدلية يقع تحت مسؤولية العدلان على كل ما ضمن بها ولو قبل خطاب القاضي عليها إذ تعتبر قبل هذه الحالة مجرد وثيقة عرفية، إذ أن إضفاء الصبغة الرسمية رهين بخطاب القاضي، وبعد إنجاز الشهادة وفقا للشروط المقررة يأتي دور قاضي التوثيق ليبسط رقابته قبل الخطاب عليها، وهذه المراقبة ذات شقين:
1-التأكد من كون العدلين منتصبين للإشهاد بدائرة نفوذ المحكمة.
2-مراقبة مدى نظامين الشهادة، ومن كونها تامة الشروط والأركان.
وتأكيدا لهذا جاء قرار المجلس الأعلى أنه “يعتبر الرسم العدلي من الاوراق الرسمية حسب مقتضيات الفصل 418 من ق.ل.ع وأن المحكمة لما اعتبرت البيع الواقع بمقتضاه صحيحا تكون قد طبقت الفصل المذكور تطبيقا سليما.
وقد أثارت مسألة خطاب القاضي على الوثيقة العدلية عدة اختلافات في الآراء لدى الفقه وكذلك الممارسين، بين رافض لها معتبرا إياها مجرد شكلية زائدة يمكن الإستغناء عنها أسوة بالموثقين العصريين الذين تأخذ وثيقتهم الصيغة الرسمية بمجرد التوقيع عليها من طرفهم، وبين مؤيد ومدافع عنها.
ثانيا: التوثيق الإلكتروني :
إذا كان المشرع المغربي يعتبر الدليل الكتابي لازما للإثبات، وفي حالة تعذره يجوز الإثبات بكافة الوسائل، فإنه وأمام بروز الأشكال الحديثة للكتابة، فلا مانع من تبني هذه الأشكال كيفما كانت دعامتها ورقية أم إلكترونية.
وبهذا يكون المشرع المغربي من خلال المقتضيات الفصل417 من ق،ل،ع قد مهد الطريق للإعتراف بالمحررات الإلكترونية وبحجيتها، وبالتالي اعتمادها كوسيلة من وسائل الإثبات و ما تم تأكيده من خلال القانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية رقم 53.00
فاستنادا للمادة2 من هذا القانون فإنه يجوز إثبات المعاملات التجارية والتصرفات المدنية التي تتجاوز قيمتها مبلغ عشرة آلاف درهم بالمحررات الإلكترونية، إلا أن المشرع قد استثنى منها ما يتعلق بتطبيق أحكام مدونة الأسرة ،والمحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية ذات الطابع المدني أو التجاري.
بما أن مجال اهتمامنا هنا هو التصرفات العقارية، فإن التصرفات المعنية بالاستثناءات الواردة أعلاه، هي تلك المتعلقة بالضمانات العينية فقط، وذلك شأن الرهن بنوعيه الرسمي والحيازي، أما بالنسبة لباقي التصرفات العقارية فليس هناك ما يمنع من توثيقها في محررات إلكترونية،
والوثيقة الإلكترونية الرسمية هي تلك التي بالإضافة إلى توفرها على الشروط المتطلبة في الوثيقة الإلكترونية العرفية[76]،يجب أن يتحقق فيها شرط آخر نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل2-417 من ق.ل.ع، وهو ان يوضع التوقيع عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق.[77]
الفقرة الثالثة: توثيق التصرفات العقارية وفق القوانين الخاصة 18.00 و44.00و51.00:
ظهر المشرع المغربي بتوجه جديد نحو الإلزام بكتابة هذه التصرفات من خلال القوانين التالية: – القانون رقم 51.00 المنظم للإيجار المفضي الى تملك العقار.
– القانون رقم 44.00 الذي عدل وتمم بمقتضى القانون رقم 107.12الصادر بتاريخ 3فبراير 2016 بشأن بيع العقارات في طور الإنجاز .
– القانون رقم 18.00 المعدل والمتمم بقانون 106.12 الصادر بتاريخ 27 أبريل 2016 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية .
أولا: شكلية الكتابة في إطار القانون 18.00:
الملاحظ أن المشرع المغربي ومن خلال القانون 18.00 لم يتطرق إلى تعريف نظام الملكية المشتركة تاركا بذلك الأمر للفقه .على عكس المشرع الجزائري حيث عرف الملكية المشتركة بمقتضى المادة 743 من القانون المدني حيث نص على ما يلي:” الملكية المشتركة هي الحالة القانونية التي يكون عليها العقار المبني أو مجموعة العقارات المبنية والتي تكون ملكيتها مقسمة حصصا بين عدة أشخاص تشتمل كل واحدة منها على جزء خاص ونصيب في الأجزاء المشتركة”. وبالرجوع إلى مقتضيات كل من المواد الأولى والثانية والرابعة والخامسة والثامنة من القانون 18.00 يمكن استنتاج أن العقار الخاضع لنظام الملكية المشتركة مقصوده حسب البعض هو: ” كل بناء ولو غير محفظ مشترك بين متعدد من الملاك ينتفعون بالأجزاء المفرزة منه فرادى، وبالأجزاء المشتركة مجتمعين وفق نظام خاص”.
فإنه من أهم الأمور المستجدة هي ما جاءت به المادة 12 من قانون 18.00المعدل بقانون 106.12المتعلق بوجوب تحرير جميع التصرفات الهادفة لنقل الملكية المشتركة و إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها ، و بهذه المادة تم الحسم في أمر تحرير العقود المبرمة المبنية و أصبح هذا التحرير بقوة القانون و بهذا تم تجاوز كل ما يمكن أن يثير الاضطراب في المعاملات الواردة على طبقات أو محلات أو شقق في عقارات مشتركة الملكية بحيث كان العقد عادة ما يبرم من قبل الكتاب العموميون الذي يتميزون حسب الأستاذ عبد الحق صافي بتدني مستواهم الثقافي و عدم إلمامهم بقواعد اللغتين العربية و الفرنسية التي تحرر بها العقود عادة . و جهلهم بالمعلومات القانونية خصوصا تلك المتعلقة بالملكية المشتركة تلافيا لهذه الوضعية الشاذة قرر المشرع في المادة المذكورة أن يتعين تحرير التصرفات القانونية الواردة على محل في عقار مشترك من قبل أشخاص يمتهنون كتابة العقود الرسمية أو يتوفرون على تكوين قانوني يمكنهم من النهوض بهذه المهنة على أحسن وجه و للإشارة فقد أثير تحفظ في مجلس النواب يتعلق بكون هذه المادة تكرس مبدأ احتكار المهن عوض تكريس مبدأ حرية اختيار أسلوب و حرية التعاقد مادام العقد شريعة المتعاقدين ، و القانون يتعين أن يكون أداة لتنمية . و ليس أداة لعرقلتها . كما أن هذا التمييز غير مبرر و لا يقوم على أي أساس منطقي فالمحامون حسب المادة 30 من القانون المنظم لمهنة المحاماة لهم صلاحية تحرير العقود العرفية كيف ما كان نوعها بدون تخصيص وهذا تعارض صريح و صارخ مع المادة 12 و لكن موجة التعديلات التي أصدرها المشرع أزالت اللبس و الغموض الذي كان يكتنف هذه النصوص حيث تم نسخ القانون المتعلق بمهنة المحاماة كما وقع تعديله بمقتضى المادة 103 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة حيث نصت المادة الأولى منه على ما يتماشى مع مضمون المادة 12 خصوصا بالنسبة للأشخاص المؤهلون لتحرير المحررات المتعلقة بالملكية المشتركة و التصرفات القانونية التي تندرج ضمن نطاق تطبيق هذا التحرير حيث عددت المادة المذكورة التصرفات الواردة على محل في عقار مشترك و التي يتعين تحريرها كتابة من طرف مختصين قانونا و هي العقود المتعلقة بالتفويت سواء كان ذلك بمقابل كالبيع و المقايض أو بدون مقابل كالهبة و الصدقة و الحبس ثم جميع العقود المتعلقة بتقرير حقوق عينية على محل أو شقة يستوي أن تكون هذه الحقوق أصلية (حق الانتفاع ، حق السطحية ) أو حقوق تبعية (الرهن الرسمي ، الرهن الحيازي ) ثم جميع العقود المتعلقة بتفويت هذه الحقوق العينية و تعديلها أو إسقاطها و بذلك يكون المشرع قد استبعد من نطاق تطبيق هذه المادة بعض المعاملات الواردة على محلات في عقار مشترك الملكية و التي يمكن تحريرها من قبل غير الموثقين و المهنيين المؤهلين قانونا لكتابة العقود السالفة و المتعلق هنا خصوصا بالاتفاقات و الأعمال الإرادية التي يترتب مجرد التزامات شخصية و على خلاف هذا الأمر فإن المشرع ألزم المتعاملون في نطاق الملكية المشتركة أن يوثقوا تصرفاتهم و ذلك في الشكل الذي يحدده القانون و عليه فالمحرر الرسمي هو ما يتلقاه الموظفون العموميون الذين يخول لهم القانون مهمة التوثيق. الموثقون العصريون وفقا لظهير 4 ماي 1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري الذين يختصون بإبرام التصرفات القانونية المتعلقة بالعقار المحفظ و العقار في طور التحفيظ 2. العدول وفقا لقانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة و الذين يعدون مؤهلين لإبرام كل التصرفات القانونية المتعلقة بالعقارات المحفظة و غير المحفظة و لا تطرح المحررات الرسمية المبرمة من هاذين الصنفين أعلاه أي مشكل فهي تخضع للقوانين المنظمة لهاتين المهنتين. القضاء ، و ذلك فيما يتعلق بأحكام النهائية الصادرة منه المتعلقة بالبيع الجبري للشقق و الطبقات و المحلات. الإدارات المحلية : و ذلك كما توضحه مذكرة الدورية العامة للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية فيما يخص محاضر الاتفاق بالتراضي المنجزة في إطار الفصل 42 من القانون 81.07 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و بالرجوع إلى المادة 12 نجدها في فقرتها تنص على المحرر الرسمي ، و المحرر ثابت التاريخ الذي يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود تم تضيف في فقرتها الثانية بأنه يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير العقود الرسمية وفقا لنصوص القانون . و بالتالي فلا علاقة لها باللائحة التي يحددها وزير العدل سنويا لتحرير هذه العقود ، التي تعني محرري العقود العرفية و من خلال الفقرة الأولى من المادة 12 أعلاه يتبين أن المشرع يشترط شرطين في الشخص المؤهل لتحرير المحرر ثابت التاريخ و هما : – أن ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة – أن ينتمي إلى مهنة يخولها قانونها تحرير العقود و تطبيقا لهذين الشرطين فكل المهن القانونية التي يخولها القانون تحرير هذه العقود يمكنها ممارسة هذه الشكلية و في هذا الصدد نذكر : أ. مهنة المحاماة تم تنظيمها في القانون المعدل رقم 28.08 ب. مهنة وكلاء الأعمال التي ينظمها الظهير الصادر في 12 يناير 1945و هي تضم حسب المادة الأولى من هذا الظهير عدة مهن لكن إن الشرطين السالفين الذكر لا يكفيان للقول بأن الشخص الذي يتوفران فيه مؤهل لتصريف المحررات ثابتة التاريخ ، و ذلك أنه يتعين أن يتم تقييده ضمن لائحة سنوية محددة من قبل وزير العدل حماية لمصالح طرفي المعاملة . و بخصوص هذا الشرط حيث نجد بأن المشرع ميز بين الأشخاص الذين يتم قيدهم بهذه اللائحة بقوة القانون دون إلزامهم بالشروط التي يحددها النص التنظيمي ، و الأشخاص الذين يقيدون بناء على الشروط المحددة في ذلك النص التنظيمي . فأما الصنف الأول فهم المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض كما نصت على ذلك المادة 12 المعدلة بمقتضى قانون 106.12 و الصنف الثاني فهم الذين يحددهم نص تنظيمي مشترك بقرار لوزير العدل و وزير الفلاحة و الصيد البحري و الوزير المنتدب لدى الوزير المكلف بالإسكان و التعمير لائحة المهنيين القانونيين و المنظمة الأخرى و شروط تقييد أعضائها في اللائحة الأساسية المحددة سنويا. غير أن ما يمكن ملاحظته على هذه اللائحة هو تأخرها عن الصدور لتغيب بذلك القيمة العملية و القانونية لهذه الفصول و بالتالي يكون إفراغ هذه العقود في الشكلية المتطلبة قانونا حكرا على جهات معينة مما يؤدي للعزوف أو بالأحرى التحايل .[78]
ثانيا: شكلية الكتابة في إطار القانون 51.00:
عرفت المادة الثانية من القانون رقم 51.00 عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بأنه “كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به بعوض ، مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة الثامنة من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار”
-التوثيق الرسمي لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
تنص المادة الرابعة من القانون 51.00 على أنه يجب أن تحرر عقود الإيجار المفضية إلى تملك العقار بمقتضى محرر رسمي، أو محرر ثابت التاريخ، يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.
بما أن المحرر الرسمي هو الوثيقة التي يتلقاها الموظفون العموميون وبالتالي فإن الموثق والعدل هما الشخصان اللذان خول لهما المشرع مهمة تحرير هذه العقود، على الرغم مما قد تثيره عبارة الموظف العمومي على اعتبار أن كلا من الموثق والعدل يمارس مهنة حرة إلا أنه تم الإجماع على أن العدول والموثقون هم من لهم الصلاحية والصفة لتحرير العقود الرسمية.
عقد البيع
ومما تجدر الإشارة إليه إلى أن الوثيقة التي يحررها الموثق ويوقع عليها تعد وثيقة رسمية وذلك بمجرد توقيعه عليها طبقاً لما نصت عليه المادة 44 من القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق، في حين أن الوثيقة التي يحررها العدل فإنها تظل ناقصة ولا تكتسي الطابع الرسمي ما لم يخاطب عليها قاضي التوثيق طبقاً لمقتضيات القانون 16.03.
وسواء تعلق الأمر بتحريره من طرف موثق أو عدل بعد مخاطبة قاضي التوثيق عليها فإنه يكتسب حجة قاطعة حتى بالنسبة للأغيار ما لم يطعن فيها بالزور.
ويخضع الإيجار المفضي إلى التملك للتحرير الرسمي بداية ونهاية، سواء تعلق الأمر بعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أو البيع النهائي الخاص بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، وقد أورد المشرع البيانات التي يجب أن يتضمنها هذا العقد من خلال المادة السابعة ومن أجل صيانة وحماية حقوق المتملك في مواجهة المضاربين فقد خوله القانون رقم 51.00 حق إجراء تقييد احتياطي لحقوقه من خلال إشهار العقد الابتدائي وهنا يجب التمييز بين العقار المحفظ وغير المحفظ.
فبالنسبة للعقار المحفظ أعطت المادة الخامسة للمكتري حق طلب تقييد احتياطي على الرسم العقاري بناء على عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار حتى يحفظ مؤقتا حقوقه. وهكذا يتقدم المكتري بطلب المحافظ العقاري لتسجيل هذا التقييد الذي يبقى سارياً إلى غاية تقييد العقد النهائي الذي تعيين رتبته بناء على تاريخ التقييد الاحتياطي.
أما بالنسبة للعقار غير المحفظ فإن المادة السادسة نصت على ما يلي:
“إذا كان العقار غير محفظ تسجل نسخة من عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بسجل خاص يمسك بكتابة لضبط لدى المحكمة الابتدائية بالدائرة التي يوجد بها العقار، وتودع النسخة المذكورة لدى نفس الكتابة.
وبخصوص مرحلة البيع النهائي فإذا أدى المتملك جميع الواجبات الملتزم بها، واستعمل حق الخيار المخول له، بموجب العقد الابتدائي ترتب في ذمة المكري التزام بإبرام البيع النهائي طبقاً للشكليات التي يمر بها العقد الابتدائي.
أما إذا رفض المكري إبرام عقد البيع النهائي، فللمكتري المتملك بعد إنذاره عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، ومرور أجل شهر عن توصل الممتنع أن يطلب الإبرام النهائي عن طريق القضاء، فإن صدر الحكم بذلك قام هذا الحكم مقام المحرر الرسمي لعقد البيع النهائي.
-التوثيق العرفي لعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
يتضح من خلال قراءتنا لمقتضيات المادة الرابعة من القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، إلى أنه يجوز للمتعاقدين توثيق هذه العقود بمقتضى محرر ثابت التاريخ وهو المحرر العرفي، شرط أن يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة.
غير أن شرط امتهان مهنة قانونية ومنظمة لا يعني بالأساس أن كل من يمارس مهنة قانونية ومنظمة مخول له تحرير المحررات ثابتة التاريخ، بل يجب أن تنص قوانينها على إمكانية تحرير العقود كما هو الأمر بالنسبة لمهنة المحاماة حيث نصت المادة 30 في فقرتها السادسة على أن من مهام المحامي: “تحرير العقود، غير أنه يمنع على المحامي الذي حرر العقد، أن يمثل أحد طرفيه في حالة حدوث نزاع بينهما بسبب هذا العقد”.
إلا أن الملاحظ أن المادة الرابعة من القانون رقم 51.00 لم تعتمد لصياغة المحرر ثابت التاريخ إلا المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض(المجلس الأعلى سابقا). وحتى يكتسب هذا المحرر حجيته يجب أن تلي هذه المرحلة مرحلة التوقيع الذي يعد أثرا يطبع به الشخص المتعاقد هويته في أسفل المحرر. وبذلك يصبح المحرر كدليل تام. غير أنه لا يكون ثابتاً في مواجهة الغير إلا بالإشهاد على نسبة التوقيعات لأصحابها، ويختلف الشاهد على نسبة هذه التوقيعات لأصحابها باختلاف ما إذا كان المحرر محاميا، أو كان أحد المهنيين الآخرين المقبولين لتحرير العقود.
ثالثا: شكلية الكتابة في إطار القانون 44.00:
تفاديا لكل تضارب حول ماهية بيع العقار فقد تدخل المشرع المغربي ووضع تعريفا لهذا النوع من البيوع، بحيث عرفه الفصل 1-618 من ق.ل.ع بما يلي : “يعتبر بيعا لعقار في طور الانجاز كل اتفاق يلزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال “.
أعلن المشرع بشكل واضح وصريح من البداية على إلزام الأطراف بإتباع مجموعة من الشكليات التي حددها القانون لإبرام العقد وحدد الأشخاص الذين يحق لهم تحريره كما حدد وقت وأثاره[79]. وذلك مراعاة منه لأهمية الإلتزامات التي يتضمنها عقد بيع العقار في طور الإنجاز. وبالرجوع إلى القانون الجديد رقم 107.12 نجد أنه قد سار في نفس نهج القانون القديم رقم 44.00 عندما أكد على الطابع الشكلي لعقد بيع العقار في طور الإنجاز وفق ما تنص عليه المادة 3-618، و التي أوجبت وفرضت أن يحرر العقد في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف الأشخاص الذين خول لهم القانون ذلك.
أ-الجهات المخول لها تحرير عقد بيع العقار في طور الإنجاز:
أسند المشرع مهمة تحرير عقد بيع العقار ف طور الإنجاز إلى عدة أشخاص منهم العدول والموثقون والمحامون المقبولون لترافع أمام محكمة النقض المجلس الأعلى سابقا، غير أن ما أثار إنتباهنا هو أنه بالرجوع إلى القانون المنظم لمهنة التوثيق نجده قد استثنى من صلاحيات الموثق تحرير العقود المتعلقة بالعقار الغير المحفظ إلا بعد إيداع مطلب التحفيظ، في حين نجد أن القانون رقم 107.12 قد أسند للموثق مهمة توثيق عقد بيع العقار في طور الإنجار دون مراعات هذا الإستثناء. ومن الإشكالات أيضا نجد هذا القانون قد ميز بين المحررات في كل من العقود المحررة ممن هو مؤهل قانونيا لذلك، وبين عقد يحرره من ينتمي إلى لائحة المهن القانونية المنظمة التي حصرها وزير العدل. كما نجد أن المشرع ميز لنا بين المحرر الرسمي وآخر ثابت التاريخ.[80]
هذا فضلا عن أن المحامي المقبول لترافع أمام محكمة النقض مهما بلغ من الخبرة والكفاءة في التقاضي والدفاع عن حقوق المتقاضين، فإنه يظل بعيد كل البعد عن عملية تحرير العقود ذلك أنها ليست بمهنته الأساسية، كما نجد أن التمييز بين المحامي المقبول والغير المقبول أمام محكمة النقض معيار غير قائم على أساس منطقي، فالكفاءة لا تثبت بالمدة.
وبالرجوع إلى المشرع الفرنسي نجد أن قانون بيع العقار في طور الإنجاز أكد أنه لا يجوز إنشاء هذا العقد إلا بشكل رسمي وذلك من أجل توفير نوع من الحماية للمشتري الذي يستفيد من نصائح الموثق، هذا الأخير يعتبر الجهة الوحيدة المخول لها تحرير هذا العقد وملزم بإعلام المشتري بكل العمليات التي تعرفها شكليات بيع العقار في طور الإنجاز وتحث مسؤوليته الجنائية.لقد حدد قانون بيع العقار في طور الإنجاز مجموعة من البيانات اللازم توفرها في عقد بيع العقار في طور الإنجاز، بدءا بعقد التخصيص مرورا بالعقد الابتدائي وصولا إلى العقد النهائي.
ب-العقد الإبتدائي:
إن الحديث عن العقد الإبتدائي، فهو رغم طابعه المؤقت قد أولاه المشرع بعناية خاصة ولم يخرج القانون المغربي الجديد عن هذه القاعدة، بحيث أحاطه بالكثير من الإهتمام وألزم المتعاقدين بالتحري بالدقة في إدراج البيانات التفصيلية التي تحدد إلتزامات وحقوق المتعاقدين، فقد توخى المشرع تفادي الإشكالات التي كانت تعاني منها الصيغة السابقة في قانون 44.00، إذ حدد المشرع البيانات التي يجب إحترامها وإدراجها في صلب العقد من خلال الفصل 3-618 مكرر فبالإضافة إلى هوية الأطراف وتحديد محل المخابرة وذكر رقم الرسم العقاري أو مراجع الملكية إذا كان العقار غير محفظ مع تحديد التحملات العينية والإرتفاقات، فإن القانون الجديد 107.12 أثقل العقد ببيانات جديدة وهي ضرورة تحديد الثمن النهائي للمتر المربع، بعد أن كان يتم تحديده بشكل جزافي، كما ألزم بضرورة الإشارة للمراجع الضمانات لإسترجاع الأقساط المؤداة في حالة إخلال البائع بإلتزاماته القانونية أو تقديم ضمانات إنهاء الأشغال أو التأمين الخاص، وأيضا يجب الإشارة لهوية العقار من حيث خصوصياته الداتية والموقع والمساحة التقريبية له.
ج-عقد التخصيص:
ولابد من الإشارة إلى أنه في حالة تم اللجوء إلى عقد التخصيص قبل العقد الإبتدائي، والذي نجد المشرع حدد له هو أيضا قالب شكلي قانوني يجب أن يفرغ فيه ورتب عن مخالفة ذلك البطلان، نظرا للحقوق الهامة التي يحملها، ولذلك قام المشرع بتبسيط أسلوب إبرام عقد التخصيص بتمكين الأطراف من إمتياز التوثيق الرسمي أو العرفي كأساس لتحرير هذا العقد بخلاف العقد الابتدائي، كما تطلب فيه أن يكون متوفر على بيانات التي تطلبها لإبرام العقد الابتدائي، ما عدا البيان المتعلق بتحديد الضمانات البنكية أو ضمانات إنهاء الأشغال أو التأمين.[81]
ومن أهم هذه المستجدات التي أضاف بها المشرع قيمة جديدة للنص المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز نجد: نصه على عقد التخصيص كعقد جديد في عقد بيع العقار في طور الإنجاز . وإمكانية ممارسة المشتري لحقه في التراجع عن مشروع التعاقد .تحميل البائع لضمانة إنهاء الأشغال ضمن حدود الأجل والكيفية المتفق عليها بين أطراف العقد. فتح المجال أمام المتعاقدين لاختيار الوسيلة المناسبة لفض المنازعات بينهما قضائيا أو عن طريق شرط التحكيم في عقد البيع الابتدائي.
المبحث الثاني: الإثبات بالكتابة الإلكترونية على ضوء قانون 53.05:
إن الإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب في مواجهة من ينكرها أثرا قانونيا لمن يدعيها أما بالنسبة للإثبات في العقود التي تبرم عبر الإنترنت أنها لا تقوم على دعامة مادية ورقية ثابتة يمكن الرجوع إليها كلما اقتضى الأمر ذلك، بل هي مثبتة على دعائم إلكترونية غير مادية وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور ما يسمى بالإثبات الإلكتروني. وهذا الذي سنتطرق إليه (كمطلب أول).
وسنحاول( كمطلب ثاني) التطرق لتأثيرات جائحة كورونا على مستوى تنفيذ العقود الزمنية في مجال المعاملات العقارية سواء ذات الطابع التجاري وذات الطابع المعيشي.
المطلب الأول: الإثبات بالكتابة الإلكترونية:
سنقف في هذا المطلب من خلال فقرتين على شروط الوثيقة الإلكترونية في (الفقرة الأولى)،ثم حجية هذا المحرر الإلكتروني في إثبات المعاملات العقارية(الفقرة الثانية) بالإضافة إلى حجية التوقيع الإلكتروني .
الفقرة الأولى: شروط الوثيقة الإلكترونية للبيوع العقارية:
إن من بين أهم الغايات التي سعى القانون 53.05الى تحقيقا ،هي إعادة النظر في مفهوم الدليل الكتابي قصد تجاوز الفراغ التشريعي الذي كان يعرفه القانون المغربي في مجال الإثبات بالطرق الإلكترونية الحديثة من جهة ،و توسيع مفهوم
الدليل الكتابي ليشمل أيضا حتى الوثيقة الالكترونية وفقا للشروط التي حددها سواء كان ناتجا عن ورقة رسمية أو ورقة عرفية. و بالرجوع للفقرة الثانية من الفصل 1-417من قانون الالتزامات و العقود المعدل بمقتضى القانون 05.53 نجدها تنص على ما يلي :”تقبل الوثيقة المحررة بشكل الكتروني للإثبات ، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق، شريطة ان يكون بالإمكان التعرف ، بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه و أن تكون معه محفوضة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها ”
إذا ما نحن تفحصنا مقتضيات الفصل أعلاه بنوع من التدقيق سوف نلاحظ أن المشرع ، بالإضافة إلى الشروط المنصوص عليها في القواعد العامة من أهلية و تبادل الإيجاب و القبول و محل ….، حدد في الفصل المذكور بعض الشروط الواجب توفرها في المحرر الالكتروني و هي كالتالي :
أولا: الكتابة على دعامة الكترونية أو موجهة بطريقة إلكترونية:
الكتابة ما هي إلا ، الأسلوب الذي يتم من خلاله التعبير عن الإرادة بشكل مادي ظاهر في شكل معادلات خوارزمية تنفد من خلال عمليات إدخال البيانات و إخراجها عبر الحاسوب ، و التي تتم عن طريق تغذية الجهاز بهذه المعلومات بواسطة وحدات الإدخال و التي تتبلور في لوحة المفاتيح او استرجاع المعلومات المخزنة في وحدة المعالجة المركزية.
وقد نص المشرع المغربي في الفصل2.1 من ق ل ع المعدل بمقتضى القانون 53.05على أنه لا بد أن يتم تحرير المحرر الالكتروني ،و مفاد كلمة تحريرها ما هو إلا الكتابة.
أما بخصوص الدعامة الالكترونية فيمكن أن تكون قرصا مدمجا أو شريطا أوبطاقة ذات ذاكرة و لا يهم بعد لك الطريقة التي تم بها نقلها ، أي طريق تبادل المعلومات القانونية سواء بالمناولة اليدوية ، لكتابة محملة على دعامة الكترونية من النوع المذكور ، أو بالنقل الالكتروني عبر شبكة الانترنيت أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة ، إن الاحتجاج بالمحررات الإلكترونية و التي تعتمد في كتابتها على الإشارات و الرموز و الأرقام ، يقتضي أن تكون مقروءة و مفهومة لدى أطراف العقد ، و لن يتأتى ذلك إلا باستعمال رموز و حروف معروفة لديهم ، و هذا الشرط بطبيعة الحال متوفر في الكتابة الإلكترونية إن كان ذلك يستدعي استعمال الحاسب الآلي ، عن طريق برامج معينة تقوم بترجمة هذه الرموز المستعملة إلى اللغة التي يفهمها و يستوعبها الإنسان [82]
ثانيا: أن تكون معدة و محفوظة وفق شروط يضمن سلامتها و تماميتها :
بالإضافة إلى الشرط السابق اشترط المشرع المغربي في الورقة الالكترونية أن تكون قابلة للحفظ ، و ذلك حتى يمكن الاعتداد بها و اعتبارها مثل المحرر الورقي التقليدي ، فإذا كانت قابلة بطبيعتها للحفظ مهما طال الزمن ، لان حامل الكتابة فيها ، الذي هو الورق ، قابل للحفظ و التخزين و الأرشفة ، فإن الدعامة الالكترونية هي الأخرى ، و أيا كان شكلها، معدة و قابلة بدورها للحفظ بالطرق الفنية المعروفة ،و ذلك من أجل ضمان إمكانية الرجوع إليها عند الحاجة ، و إمكانية الاحتفاظ على مضمونها و محتواها .
و يراد بالحفظ حسب بعض الفقه المعنيين التاليين :
-حفظ الوثيقة الالكترونية من التحريف : أي من كل محو أو تغيير لما هو مكتوب فيها و هذا مطلوب أيضا في الوثيقة المحررة على الورق ، و لتامين حفظ الوثيقة الالكترونية من التحريف ابتكر العلم و سائل خاصة أهمها التشفير [83] ، و بموجب هذه الوسيلة يتحول الوضوح المشترط في الوثيقة إلى غموض لا يفهمه إلا من يملك مفتاح الولوج إليها و إلى مضمونها .
-حفظ الوثيقة الالكترونية من التلف : أي حماية الحامل الالكتروني أيا كان نوعه أو شكله ، من التلف و الاضمحلال سواء بفعل إنسان أو بفعل الزمن أو بفعل الفيروسات و هذا ما يقتضي نظاما خاصا لتخزين هذه الوثائق و أرشفها .
ثالثا:إمكانية التعرف على الشخص الذي صدر عنه الوثيقة :
ينص الفصل 1.417من ق ل ع في فقرته الثانية على ما يلي :تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات… شريطة أن يكون بالإمكان التعرف بصفة قانونية ،على الشخص الذي صدرت عنه …
و أضاف الفصل 2.417 من نفس القانون على أن ” التوقيع الضروري لإتمام و وثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع و يعبر عن قبوله الالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة “.
و لعل ذلك يعني أن التوقيع هو نسبة ما ورد في المحرر لاطرافه ، و يعبر عن قبول الشخص الموقع للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة ،فالتوقيع الكتروني الموثق وفق ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف ، يكون علامة مميزة لشخص الموقع و يرتبط به ارتباطا وثيقا ، و بالتالي يشير إلى شخص الموقع بشكل لا لبس فيه ، و يحدد هويته ، تحديد هوية مبرم العقد أو صاحب الوثيقة أمر ضروري خاصة في مجال الوفاء بالالتزامات العقدية ليتم تحديد أهلية صاحب التوقيع ، إذ لا يتم منح شخص عديم الأهلية أو ناقصها توقيعا إلكترونيا .
إذا هذه من أهم الشروط الواجب توفرها في التوثيق الالكتروني للبيوع العقارية و المنصوص عليها في القانون 05.53 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية ، مع العلم أنه في النظام العقاري لا يمكن الاحتجاج بالرسم العقاري كلما تعلق الأمر بعقار محفظ، و هنا يمكن للموثق أو العدل أن يرسل العقد المحرر الكترونيا عبر شبكة الانترنيت للمحافظ على الأملاك العقارية لكي يتم تقييده برسم عقاري من طرف هذا الأخير و هذه الإمكانية مسموح بها من طرف المشرع الثبوتية في مواجهة الكافة بمجرد إشهاره بالرسم العقاري ، فإن المشرع خول للمحافظ على الأملاك العقارية إمكانية تلقي عقود عقارية إلكترونية في قرص صلب و يذهب به للمحافظ ، أو عن طريق إرسال ذلك العقد عبر شبكة الانترنيت للمحافظ العقاري فيقوم هذا الأخير بإشهار العقد بالرسم العقاري ، و ذلك طبعا بعد مراقبة صحة العقد شكلا و مضمونا .
كل ذلك يوصلنا إلى حقيق واحدة ، هي أن المشرع يتجه تدريجيا إلى الرقمنة الإدارية و جل العمليات المتعلقة بها ، ذلك لان اعتماد إدارة إلكترونية من شأنه تقريب البيانات و العقود و المعلومات بين مختلف الإدارات و المهنيين .
الفقرة الثانية: حجية المحرر الالكتروني في إثبات المعاملات العقارية :
إذا كان المشرع يعتبر الدليل الكتابي [84] لازما للإثبات ، وفي حالة تعذره يجوز الإثبات بكافة الوسائل ،فإنه وأمام بروز أشكال حديثة للكتابة ،لا مانع من تبني هذه الأشكال كيفما كانت دعامتها ورقية أم الكترونية.
ينص الفصل 1.417 من قانون ل ع المعدل بمقتضى القانون 53.05 على ما يلي : “تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.
تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات ،شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق…”
وينص الفصل 417.03 في فقرته الأخيرة على ما يلي :”تتمتع كل وثيقة مذيلة بتوقيع إلكتروني مؤمن والمختومة زمنيا بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المصادق على صحة توقيعها والمذيلة بتاريخ ثابت”
إذا ما نحن تفحصنا مقتضيات الفصلين أعلاه بنوع من التدقيق سوف نلاحظ ،أن المشرع جعل للوثيقة المحررة الكترونيا نفس القوة الثبوتية التي تتمتع بها المحررات الورقية وذلك كلما استوفت شروطها المحددة قانونا ،بحيث أنه كلما صدرت الوثيقة الالكترونية من طرف الجهات المشار إليها في المادة الرابعة من القانون 39.08 المتعلق بمدونة ح ع ،إلا واعتبرت محررا رسميا لها نفس الحجية التي يتمتع بها العقد المحرر على دعامة الكترونية.
وهذه المعادلة بين العقد المحرر على دعامة ورقية والعقد المحرر على دعامة الكترونية ،فرضها الواقع ،بحيث انه كان لزاما على المشرع أن يفرض هذه المعادلة بين هذا المحرر وذاك ،من أجل طمأنة المتعاقد الالكتروني وتحفيزه على الأقدام على مثل هذه العقود الالكترونية ،لان في ذلك توفير للوقت بالنسبة للمتعاقدين وكثير من المزايا…
وبالنسبة للمشرع المغربي فعلى غرار المشرع الفرنسي أشار صراحة إلى مبدأ المساواة بين الكتابة العادية والكتابة الالكترونية من حيث الحجية ،حيث أصبحت الوثيقة الالكترونية تتمتع بقوة توازي قوة الاثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق ،فالعبرة اذن ليست بشكل النسخة ورقية كانت أو الكترونية ،وإنما الأهم هو التأكد من أخذ تلك النسخة وحفظها بوسائل تضمن سلامتها من كل تغيير قد يدخل عليها ،فالكتابة الالكترونية لكي تقوم بوظيفة الكتابة الورقية التقليدية ولكي تتمتع بالحجية يجب أن تتوفر فيها
شروط الكتابة المعتبرة قانونا ،وهي أن تكون مقروءة وتتصف بالاستمرارية والثبات،وعدم قابليتها للتلاعب والتعديل.
وقد قام المشرع المغربي بتحويل الحجج الالكترونية إلى حجج في المقام الأول ،واضعا بذلك حدا للتساؤلات التي ثارت والتي قد تثار حول مكانة المحررات الالكترونية ضمن منظومة الاثبات ،وحسنا فعل المشرع عندما نص على المعادلة الشاملة بين المحررات سواء العرفية منها أو الرسمية ،لأن عدم التنصيص على هذه التسوية والمعادلة سيفتح المجال واسعا لاعتبار المحررات الالكترونية محررات غير رسمية ،إلا أن المشرع المغربي لم ينص إلا على شرطين اثنين ،وهما أن يتم التعرف على هوية صاحبها وأن يتم حفظها.
الفقرة الثالثة : حجية التوقيع الالكتروني :
أولا: التوقيع الالكتروني :
انطلاقا من الفصل 426 من ظهير الالتزامات و العقود الذي نص على أنه “يلزم ان يكون التوقيع بيد الملتزم و ان يرد في اسفل الوثيقة ، ولا يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع “فإن هذا التوقيع اليدوي صار غير كافي أمام استعمال التكنولوجيا الحديثة المعتمدة على الإنترنيت كأداة للتعاقد، لذلك عملت جميع التشريعات على الاعتراف بالتوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثبات، وذلك استجابة لمتطلبات التجارة الدولية، والحفاظ على استقرار المعاملات، ومواكبة التطور التكنولوجي. ولهذا السبب أضيفت بمقتضى قانون53.05 فقرة للفصل 426 ق.ل،ع، على أنه: “إذا تعلق الامر بتوقيع إلكتروني وجب تضمينه في الوثيقة وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة في هذا المجال”. وبهذا يكون قد أضفى على التوقيع الإلكتروني حجية قانونية، وأجاز اعتماد المحرر الموقع الإلكتروني كوسيلة إثبات.
ثانيا: شروط التوقيع الإلكتروني:
من خلال قراءتنا للقانون المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية رقم53.00،يتبين لنا أن المشرع تناول نوعين من التوقيع توقيع إلكتروني: توقيع إلكتروني يكمن اعتباره “عاديا” وآخر “مؤمن”. وقد حدد لكل نوع شروط معينة. بخصوص النوع الأول المتعلق بالتوقيع الإلكتروني العادي ،فالمشرع لم يعط تعريفا محددا له وإنما اكتفى بذكر شروطه من خلال “استعمال وسيلة موثوق بها”، وتضمن ارتباط ذلك التوقيع بالوثيقة المتصلة به. ولكن ما يلاحظ على هذين الشرطين أن المشرع المغربي قد أعاد ذكرهما في شروط التوقيع الإلكتروني المؤمن التي تطرق لها في المادة السادسة من القانون53.05.
وبعد تحديد التوقيع الإلكتروني على نحو مت تقدم، تبقى الإشارة واجبة إلى حجيته.
ثالثا: حجية التوقيع الإلكتروني:
إن وضع التوقيع على أية محرر يهدف إلى ترتيب أثار قانونية معينة ، فمن خلال هذا التوقيع يمكن تحديد هوية الموقع و معرفة صلاحيته . كذلك فإن أصحاب الشأن على المحرر يعد إقرار منهم لمضمون ما ورد به . و إذا كان الفقه و القضاء قد استقرا على أن التوقيع اليدوي التقليدي يحقق الآثار السابقة ، فإن السؤال الذي يجب بحثه هو تحديد المنظور الوظيفي للتوقيع الالكتروني و مدى ترتبه التوقيع الخطي من أثاره [85].
و هذا من التعديلات التي أدخلها المشرع المغربي على ظهير الالتزامات و العقود حيث اعترف في الفصل 417-1 ، حيث نص على أنه : ” تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة الكترونية بنفس بقوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق ، و تقبل الوثيقة المحررة على بشكل الكتروني لإثبات ، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق ، شريطة أن يكون بالإمكان التعرف بصفه قانونية على الشخص الذي صدرت عنه ، و أن تكون معده و محفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها ” .
و كما سبق و أن اشرنا إلى أن المشرع المغربي عرف نوعين من التوقيع الإلكتروني عادي و مؤمن ’ فهذا الأخير يشهد بصحته مقدم خدمات المصادقة الالكترونية ، معتمد من لدن السلطة الوطنية المكلفة باعتماد و مراقبة المصادقة الالكترونية ، و يجب أن تتوفر في التوقيع مجموعة من الشروط [86]، و هذا ما يجعل التوقيع الالكتروني المؤمن يحظى بقوة قانونية تجعله يتفوق على التوقيع الالكتروني العادي في الإثبات .
فالمشرع المغربي على غرار باقي التشريعات نهج نهجا إيجابيا من خلال إصدار قانون53.05، و الذي تطرق من خلاله إلى معالجه التوقيع الالكتروني و ضرورة توفر الشروط المنصوص عليها في الفصل 3-417من ظهير الالتزامات و العقود ، و كذا تلك المنصوص عليها في الفرع الأول من الباب الأول من القسم الثاني للقانون من نفس القانون، على أنه بعد توافر هذه الشروط و التي تطرقنا لها سابقا لابد أن يتم إخضاع هذا التوقيع للمصادقة من قبل السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية، حتى يتمتع بالحجية، وبالتالي كأداة من أدوات الإثبات القانونية.
المطلب الثاني: تأثيرات جائحة كورونا على تنفيذ العقود الزمنية في مجال المعاملات العقارية :
سنتطرق في هذا المطلب إلى تأثيرات جائحة كورونا على تنفيذ الالتزامات الناشئة عن المعاملات ذات طابع سكني (الفقرة الأولى )وإلى تأثيرات جائحة كورونا على تنفيذ الالتزامات الناشئة عن المعاملات العقارية ذات الطابع التجاري(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : تأثيرات جائحة كورونا على تنفيذ الالتزامات الناشئة عن المعاملات ذات طابع سكني :
نظرا للظرفية الاستثنائية التي فرضتها تدابير حالة الطوارئ الصحية ،فإن العديد من المتعاملين الملتزمين في ميدان المعاملات العقارية أضحوا أمام إكراهات التباعد الاجتماعي والحجر الصحي ،وهو ما رتب خسارة العديد منهم لمداخيلهم ،مما انعكس بدوره على قدرتهم في تنفيذ التزاماتهم المستمرة الناشئة عن المعاملات العقارية التي أبرموها قبل الجائحة ،وهو الأمر الذي نلمسه كثيرا على مستوى معاملات القروض العقارية السكنية الطويلة الأمد وما يرتبط بها من تسديد الأقساط والفوائد في ظل الجائحة من جهة .ومن جهة أخرى فإن الأكرية العقارية السكنية ،وما لها من تقاطعات اجتماعية واقتصادية لم تشكل استثناء من تداعيات هذه الجائحة.
أولا:تداعيات وباء كورونا كوفيد -19 على معاملات القروض السكنية في ضوء تدابير لجنة اليقظة الاقتصادية والقانون رقم 31.08 :
تعتمد غالب الأسر المغربية على القروض السكنية من أجل اقتناء عقار للسكن ،ويتجهون إلى البنوك سعيا للحصول على عروض قد تتوافق مع مستواهم الاجتماعي وقدرتهم على الدفع ،وبالنظر إلى المعطيات الرسمية الصادرة عن بنك المغرب ،فقد عرفت السنوات العشر الأخيرة الماضية ،تزايد مديونية الأسر المغربية للبنوك ،من 8800 مليار سنتيم إلى أزيد من 35 ألف مليار سنتيم حاليا ،والأهم من ذلك أن ما يزيد عن 80 في المائة من هذا التزايد المهول في القروض يخص شراء منازل ،حيث مدة القرض طويلة الأمد والتي تصل في بعض الأحيان إلى 30 سنة ،مع فائدة بنكية تزداد على حسب مرور السنوات ،وتؤرق بال المستهلكين المقترضين.[87]
ولذلك ،فإذا كانت مزية القروض العقارية بالنسبة للمستهلك لا ينكرها أحد ، إذ تسمح له بتمويل شراء أو بناء عقار سكني بسرعة ودون انتظار ادخار السيولة اللازمة لذلك إلا أن مخاطره على المصالح الاقتصادية للمستهلك لا يمكن تجاهلها. فبالإضافة إلى كون عقد القرض العقاري عقد إذعان بكل المقاييس[88] ،حيث يتم تحريره بطريقة مسبقة ومنفردة من طرف المقرض أي المؤسسة الائتمانية ،وعملية الإعلان عن القرض العقاري في الغالب ما ترافقها عملية إشهار واسعة ،تبين تسهيلات كبيرة في منح القرض وفي كيفية تسديده [89] .وهذا كله يؤثر على سلامة رضا المستهلك ،فيدفعه إلى الانخراط دون رؤية واضحة في التزامات مالية يعجز عن تسديدها وهو ما يترتب عنه وضعية اقتصادية واجتماعية تتعدى تأثيراتها السلبية النطاق الشخصي أو الأسري أو العائلي للمستهلك ،إلى التأثير على الاقتصاد الوطني بشكل عام وكذلك السلم الاجتماعي أيضا ،لا سيما في ظل جائحة كورونا (كوفيد -19)[90].
وبعدما جاءت تداعيات فيروس كوفيد 19 على مجال التشغيل ،بسبب حالة الطوارئ الصحية وما تفرضه من تباعد اجتماعي ، ترتب عنه فقدان دخل شرائح كبيرة من المشتغلين في القطاع الخاص المهيكل وغير المهيكل وكذا المهن الحرة ،ليجد العديد من هؤلاء المقترضين للتمويل العقاري أنفسهم عاجزين عن سداد أقساط القرض العقاري ،مما يجعلهم مهددين بإمكانية لجوء المؤسسة البنكية المقرضة إلى كافة الطرق لاسترجاع مبلغ القرض والفوائد المستحقة مع احتساب فوائد التأخير ،واللجوء إلى القضاء لتحصيل ديونهم ،والتنفيذ على الضمانات الشخصية والعينية التي تمسكها المؤسسة الائتمانية .
تسبيب القرارات الإدارية
ولذلك ، وأمام هذه الوضعية الحرجة فقد أعلنت لجنة اليقظة الاقتصادية[91] مع الجمعية المهنية لبنوك المغرب عن اتخاذ تدابير احترازية للتخفيف من تداعيات هذه الجائحة عن مستهلكي القروض البنكية خصوصا العقارية منها ،وذلك من خلال إجراء أساسي وهو تأجيل سداد أقساط القروض العقارية والاستهلاكية المستحقة بعد تقديم طلب كتابي ،ودون أن يترتب عن ذلك أية مصاريف أو غرامات عن التأخير لثلاثة أشهر –تنتهي في 30 يونيو الحالي – قابلة للتجديد مرة واحدة ،وخلال التأجيل الثاني سيكون أمام المقترضين التقدم بطلب كتابي جديد يبررون فيه أسباب اللجوء لهذا التأجيل ودواعيه. وكل ما سبق يحيلنا على التساؤل هنا : هل هذه المدة التي قررتها لجنة اليقظة الاقتصادية والجمعية المهنية للبنوك كافية لتجاوز عجز المقترض عن سداد الأقساط الحالة والمستحقة ؟ وهل يحق للبنك أن يلجأ للتنفيذ الجبري للضمانات العينية للمقترضين وتحقيق الرهون الرسمية في حال إذا ما استمر عجز المقترض بعد 30 يونيو ؟ وما هي الحماية القانونية للمقترض في هذه الحالة ؟ لا سيما مع تمديد الحجر في المناطق الأكثر رواجا اقتصاديا كطنجة والدار البيضاء إلى غاية 10 يوليوز بمقتضى مرسوم الطوارئ الصحية ؟
الحال أنه كدنا أن نسلم بهذا الإجراء ونقول بأن مستهلكي القروض خاصة العقارية منها قد نجوا من إجراءات التنفيذ الجبري على ضماناتهم الشخصية والعينية ، خصوصا وأن القروض السكنية لها بعد اجتماعي كبير لاعتبارها مرتبطة بإيواء هؤلاء المواطنين المقترضين لا سيما في ظل تدابير الحجر الصحي إلا أن هذا الإجراء الاستباقي يكاد يكون ذي أثر حقيقي لو لا الوقوف على آجالات التأخير المحددة في أقصاها بعد التمديد إلى أجل 6 أشهر وفي 30 يونيو القادم دون التمديد وهو ما يشكل امتدادا عكسيا للتأثيرات السلبية غير المباشرة التي تخلفها جائحة كورونا على معاملات القروض العقارية .
وعلى العموم ، فبالرغم من أهمية هذا الإجراء الاستباقي إلا أنه وكما يقول أحد الباحثين أنها ليست بدعة تعاقدية غير مسبوقة في القانون المغربي أو منة تشريعية صدرت إكراما وتفضيلا ، وذلك لأنه يمكن تقرير هذه التدابير وبشروط تحقق مزايا أفضل بالاعتماد على الإمهال القضائي الذي كرسه القانون رقم 08-31 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك[92]، وهذا الإمهال جاء بصيغة حمائية مهمة تتعلق بمنح المقترض حسن النية الذي توقف عن تنفيذ التزاماته بسبب ظروف غير متوقعة ، مهلة قضائية للتوسع والتنفيس عليه حتى يستطيع الوفاء بالتزاماته.
ومن خلال مقتضيات المادة 149[93] من القانون رقم 08-31 المتعلقة بالإمهال القضائي ، فنلاحظ أن هذا القانون يوفر حماية أكبر من إجراء خاص تفترض فيه حماية أكبر للطرف الضعيف في العقد خصوصا خلال هذه الظرفية الاستثنائية ، فنجد أنه بمقتضى هذه المادة ، قد رصد المشرع مدة سنتين للمستهلك قصد إيقاف أداء أقساط قرضه في حال الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة وذلك بأمر من رئيس المحكمة. وبالتالي فمجال المقارنة واسع بين آجال السنتين –كحد أقصى- المحددة في المادة 149 من القانون رقم 08-31 ، وبين 6 أشهر كحد أقصى المحددة في إجراء لجنة اليقظة الاقتصادية والجمعية المهنية للبنوك.
وبالرجوع إلى الفقرة الأخيرة من المادة الأولى [94]من نفس القانون رقم 08-31 نجدها تخول الحق للمستهلك في التمسك بالمقتضيات التشريعية التي تكون أكثر فائدة له ، وهذه المقتضيات الأفضل لمصلحة المستهلك تعني مجموع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل والمتعلقة بنفس الموضوع وفقا لنفس المادة. ولذلك وفي ظل التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا خاصة على مستوى معاملات القروض العقارية ، فإنه يتعين على المقترضين العاجزين عن سداد الأقساط أن يتمسكوا بآجال السنتين باعتباره حقا مشروعا لا يجوز المساس به بمقتضى القانون، لمن توافرت فيه الشروط الاجتماعية والقانونية الضرورية ، وذلك عن طريق اللجوء إلى القضاء لاقتضاء حقوقهم المشروعة.[95]
وبالإضافة لهذا فإنه باستقراء نماذج التأجيل التي توفرها بعض المؤسسات البنكية لزبنائها ، نجدها في إحدى فقراتها تتحدث عن برمجة جداول استحقاق جديدة خاصة بالأقساط الجديدة ومدة السداد الجديدة للقرض وأنه ، ستتم رسملة الفوائد المستحقة خلال فترة التأجيل وكذا الغرامات المرتبطة بهذه الأقساط غير المؤداة بسعر الفائدة المحددة في عقد القرض ، ليكون مبلغا إجماليا للقرض والذي سيشكل موضوع سداد طبقا لجداول الاستحقاق الجديدة ، وهذه نقطة سوداء في هذه النماذج التي تتجاوز بشكل سافر المقتضيات الحمائية التي يضمنها القانون رقم 08-31 للمقترض خصوصا لأصحاب القروض العقارية.
وتأسيسا عليه، فإنه يمكن اعتبار هذه الشروط الإذعانية في نماذج التأجيل للمؤسسات البنكية شروطا تعسفية باطلة بقوة القانون استنادا لمقتضيات الفصل 59 [96] من القانون رقم 08-31 ، لأن إلزام المقترض بطلب التأجيل بشكل نهائي وبشكل غير مشروط فيه استغلال لوضعية الضعف والجهل التي يوجد فيها المستهلك ، فالجهل بمضمون ومحتوى وآثار هذا التأجيل على وضعيته القانونية والاقتصادية ، والضعف لعجزه عن سداد القرض بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا. وبالتالي لا يحق للمؤسسة البنكية استغلال هذه الوضعية لحمل المستهلك المقترض بقبول هذا التأجيل والدخول في التزام جديد يجهل عنه ما يحق له معرفته.
لا سيما إن تحد ثنا عن قروض عقارية متوسطة أو طويلة الأمد (من 15 إلى 30 سنة) ، وقيمتها تضاهي الملايين ، ولكن في المقابل تأوي الملايين من الناس في مساكنهم ، خصوصا في هذه الجائحة الصحية التي تفرض تباعدا اجتماعيا وحجرا صحيا ، وبالتالي فنرى أنه لا يستسيغ مع هذا الوباء ، ولأية غاية كانت ، أن تغلب فيها مصلحة اقتصادية على مصلحة اجتماعية هي الأصل في الترجيح والتخيير بين المصالح.
لذا ، فإنه لا بد من اعتماد مقاربة تشاركية بين أطراف العلاقة الاستهلاكية الثلاث بين الحكومة والبنك والمستهلك (ممثلا في جمعيات حماية المستهلك) ، قصد الوقوف على مقاربة أكثر اجتماعية تراعى فيها الوضعية الحرجة التي خلفتها جائحة كورونا على مداخيل هؤلاء المقترضين وكذلك بمقاربة عملية من خلال فرض شروط معقولة وإجراءات منطقية تراعى فيها مصلحة الطرفين خصوصا في هذه الظرفية الاستثنائية.
ثانيا:استيفاء وجيبة كراء العقارات السكنية في ظل وباء كورونا كوفيد -19 المستجد وعلى ضوء القانون رقم 67.12 :
تعد الأكرية السكنية من بين أكثر المعاملات العقارية التي حصل فيها خلل كبير بسبب التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية ، بحكم أن عددا كبيرا من المكترين تضررت مداخيلهم وتوقفت مواردهم المالية ومناصب شغلهم ، بسبب الجمود الذي غطى العديد من الأنشطة الاقتصادية من قبيل السياحة ، ووسائل النقل ، والمقاهي ، والمطاعم ، والحلاقة…، ليجد هؤلاء المكترين أنفسهم من غير دخل ، وبالتالي لم يعد بوسعهم أن يسددوا الوجيبة الكرائية في ظل انتشار الوباء.
والمشرع المغربي قد نظم معاملات كراء العقارات للاستعمال السكني بمقتضى القانون رقم 67.12 [97]، ومن أهم الالتزامات التي يرتبها عقد الكراء السكني طبقا للمادة 12[98] من هذا القانون هو الالتزام بأداء الوجيبة الكرائية في الأجل الذي يحدده العقد ، وعند عدم الأداء فالمادة 23[99]من نفس القانون تحدد المسطرة التي سيتبعها المكري في مواجهة المكتري في حالة مطل ، وهذه مسطرة ضرورية ، لأن القاعدة القضائية تقول بأن الكراء مطلوب لا محمول [100]. بمعنى أنه حتى يكون أو يوصف المكتري في حالة مطل لا بد من توجيه الإنذار إليه ، والمشرع نص على مسطرة مبسطة في إطار الأوامر المبنية على طلب في الفصل 148 من قانون م م[101]، فيلجأ المكري إلى رئيس المحكمة ويطلب توجيه الإنذار بالأداء إلى المكتري شريطة الإدلاء بالعقد المحرر الثابت التاريخ[102]و أو بحكم نهائي يحدد الوجيبة الكرائية وهذا الإنذار يمنح للمكتري 15 يوم من أجل الوفاء بالمستحقات الكرائية ، وإلى هنا يكون المكتري في حالة مطل وبعد مرور هذه المدة يكون للمكري حق اللجوء لرئيس المحكمة من أجل المصادقة على الإنذار ، ليصدر الرئيس أمره الاستعجالي بالأداء ، وينفذ هذا الأمر في مواجهة المكتري على الأصل وذلك طبقا للمادتين [103] 26 و 27 من القانون رقم 67.12.
وبذلك فإن وضعية المكترين للعقارات السكنية في ظل الجائحة تطرح إشكالات عديدة من بينها أنه في حالة سلوك المساطر التي تخول للمكري إنذار المكتري ثم وضعه في حالة مطل ، ومنه سلوك مساطر الإفراغ وإنهاء العلاقة الكرائية وبذلك فإنه سيجد هذا المكتري نفسه وعائلته بدون سكن ، والحالة هذه أن وباءا خطيرا قد عم البلاد ، وبإمكانه أن يصيبه هو وأسرته وأن يؤدي بهم إلى الوفاة ، خاصة وأنه لم يسدد الوجيبة الكرائية اختيارا وإنما اضطرارا بحكم ظروف حالة الطوارئ العامة التي أقرتها الدولة.
ولكن ما يتضح لنا باستقراء الفصل 440 قانون م م [104]مقتضى مهم ، مناطه أنه عندما يبلغ عون التنفيذ للطرف المحكوم عليه الأمر الاستعجالي قصد تنفيذه ، فأعطى للمحكوم عليه إمكانية أن يطلب من عون التنفيذ إخبار رئيس المحكمة من أجل منحه آجالا لتأجيل التنفيذ وهذه المسألة تم تكريسها عمليا خلال فترة الطوارئ الصحية ، في أمر صدر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالخميسات [105] يستند فيه على مقتضيات الفصل 440 قانون م م ، وفعلا منح للمكتري مهلة شهر لاستئناف التنفيذ ، بمعنى أن هذا الأمر لم يزل صفة التماطل ، ولا يحول دون إنهاء العلاقة الكرائية.
وبخصوص تشبت المكتري بأحكام الفصل 269 من ق ل ع [106] المتعلقة بنظرية القوة القاهرة[107] والإعفاء من المسؤولية ، فهذه الحالة لا تحيل على الحالة الأخيرة ، لأنه من شروط تطبيق القوة القاهرة أن يكون الحادث غير متوقع ويستحيل دفعه ولا يد لفعل المكتري فيه ، والحال أن إمكانية الدفع ليست مستحيلة وإنما على حد تعبير أحد الباحثين أنها صعبة فقط. وبالتالي فإن النص القانوني لا يقدم أي حل للمكتري المتوقف عن الأداء بسبب حالة الطوارئ الصحية حسب قوله.
إلا أنه في نظرنا أنه يمكن لهذا المكتري أن يتشبث بالقوة القاهرة ، ولكن ليس من جانب التأثر من جائحة كورونا لأن النص لا يسعف كثيرا –كما يرى الباحث أعلاه – ، وإنما من جانب التمسك بدفع حالة الطوارئ ، التي أعلنها المغرب بمرسوم قانون 2.20.292 ، وذلك بالاعتماد على مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 269 ق ل ع ، التي من خلالها تم اعتبار فعل السلطة –فعل أمير- كقوة قاهرة تنفي المسؤولية لا سيما وأن حالة تضرره من فرض حالة الطوارئ لا يحتاج إلى إثبات إذا كانت مهنته مشمولة بالتوقيف طبقا للأحكام الخاصة التي سنها المرسوم بقانون. وبالتالي عدم اعتباره في حالة مطل.
ومع غياب نص في القانون رقم 67.12 يؤطر لتدبير العلاقات الكرائية خلال فترات الجوائح والأزمات العامة ، فقد تم اقتراح مقترحات قوانين من طرف ثلاث فرق برلمانية . ومن خلالها ، وباستقراء المادة الثانية من المقترح ، فقد نصت على أن الوجيبة الكرائية في فترة الطوارئ الصحية تعد دينا عاديا ، وذلك من المدة المقرر فيها تطبيق حالة الطوارئ الصحية ، ولغاية مرور 60 يوما من تاريخ رفعها بمقتضى مرسوم ، كما لا يحق للمكري المطالبة باستيفاء الوجيبة الكرائية ، إلا بعد انتهاء فترة الطوارئ الصحية ، علاوة على عدم ترتب الفسخ أو فوائد أو تعويضات عن عدم الأداء ، والتأخير فيه خلال هذه الفترة الاستثنائية. بالإضافة إلا أنه بمقتضى المادة الثالثة من هذا المقترح فإن طلب استيفاء الوجيبة الكرائية من طرف المكري مشمولة بالإعفاء من جميع الرسوم والمصاريف القضائية أمام رئيس المحكمة المختصة. كما أنه يمكن لرئيس المحكمة بناء على طلب من المدين المكتري أن يمنح مهلة أداء لا تتعدى 90 يوما ، وذلك حسب ظرف كل نازلة ووضعية المدين.
وعليه ، كان يستحسن من المشرع أن يضمن هذه المقتضيات في المرسوم بقانون 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة لحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها. وذلك اقتداء بالحكومة الفرنسية في هذا المجال التي أصدرت مرسومين بتاريخ 25/03/2020 والمتعلق بالمواعيد والإجراءات خلال فترة الطوارئ وأيضا مرسوم بتاريخ 15/04/2020 والمتعلق بوضع أحكام للمدد الزمنية للتعامل مع وباء كوفيد 19. وبمقتضى هذه المراسيم تم إيقاف دفع مبالغ الكراء بشكل مطلق ، كما أن المكتري يستفيد من التأجيل لالتزامه بدفع وجيبة كرائية ، بمعنى عدم سريان أحكام الإنذار والفسخ والإفراغ في حكمه خلال هذه المدة وهذا أمر معقول ويراعى فيه الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمكتري.
الفقرة الثانية : تأثيرات جائحة كورونا على تنفيذ الالتزامات الناشئة عن المعاملات العقارية ذات الطابع التجاري :
إن اتخاد الدولة لمجموعة من الإجراءات الاستباقية والتدابير الاحترازية لمواجهة تفشي وباء كورونا كوفيد 19 ، بدءا من إعلان حالة الطوارئ الصحية ، وكذا مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي الوباء ، قد أثر بشكل كبير على مجموعة من القطاعات الاقتصادية ، وعلى رأسها معاملات الكراء العقاري للاستعمال التجاري ، وذلك نتيجة اتخاذ وزارة الداخلية لقرار الإغلاق الكلي أو الجزئي للمحلات التجارية منذ بداية الوباء ، الأمر الذي انعكس سلبا على التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية لأطراف العلاقة الكرائية ، وهو الأمر الذي كان له وقع كذلك على الأكرية الوقفية المستغلة للتجارة والمهن والخدمات ، وإزاء هذا الوضع وبالموازاة مع فرض الحجر الصحي وصدور المرسومين المتعلقين بحالة الطوارئ الصحية ، صدر بلاغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن أمير المؤمنين الملك محمد السادس ، الناظر الأعلى للأوقاف ، قام بإعفاء المكترين للمحلات الوقفية المستغلة للتجارة والحرف والمهن والخدمات ، كبادرة حميدة ، وهو ما يطرح إشكالات التنزيل الواقعي للقرار السامي من طرف الإدارة الوصية من جهة ، وفرضيات أزمة الوقف بعد الجائحة.
أولا: جدلية التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية في ظل تداعيات وباء كورونا المستجد على ضوء القانون رقم 49.16 :
يطرح كراء العقارات المخصصة للاستعمال التجاري ، إشكالا عريضا حول جدلية التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية في زمن وباء كورونا المستجد فكما هو معلوم أن المشرع المغربي نسخ ظهير 25 ماي 1955 بقانون جديد هو قانون رقم 49.16 [108] المتعلق بكراء العقارات للاستعمال التجاري والحرفي والصناعي ، وقد جاء هذا القانون بفلسفة جديدة وهي محاولة التوفيق وخلق توازن بين الملكية العقارية التي يمتلكها المكري ، وبين الملكية التجارية التي يملكها المكتري التاجر ، الذي بعد مرور آجال سنتين متتاليتين من الممارسة الفعلية ، يكتسب حقا يسميه المشرع بالأصل التجاري ، و القانوني بالملكية التجارية.
ومن جملة ما جاء به المشرع من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود ، وخلق الموازنة الموضوعية والمسطرية بين الملكية العقارية والملكية التجارية ، نذكر مثلا لا حصر كوجوبية الكراء مع إثبات التاريخ [109] ، وكذلك منح الحق للمكتري في تجديد عقد الكراء أو التعويض لصاحب الملكية التجارية ، كما خول أيضا لأجل خلق التوازن من جهة أخرى للمكري الحق في الهدم من أجل إعادة البناء ، حفاظا على ملكيته العقارية (المواد 9/10/11/12 من قانون رقم 49.16) ومنع المكتري من التأجير من الباطن من دون علم المكري (المادة 24 من قانون رقم 49.16) ، وكذلك حق المكري في استرجاع محله المهجور أو المغلق حفاظا على الملكية العقارية (المادة 32 من قانون 49.16 ) ، وأكثر من ذلك أعطى المشرع للمكري حق تفعيل الشرط الفاسخ من أجل استرجاع العقار أو المحل جراء عدم أداء المكتري لوجيباته الكرائية (المادة 33 من القانون 49.16)…
ولكن ما يهمنا هنا وارتباطا مع الزمن الذي نعيش فيه ، والظرفية الاستثنائية والتي تتمثل في جائحة كورونا ، تطرح التساؤلات الآتية : هل كان للمشرع بعد نظر وهو يحاول أن يقوم بخلق هذا التوازن بين الملكيتين العقارية والتجارية ؟ وهل استطاع أن يضع الظروف الاستثنائية سواء كانت في صورة قوة قاهرة أو حادث فجائي في صدارة أولوياته من أجل تفادي الخلل الذي يقع في التوازن العقدي بين الملكيتين العقارية والتجارية ؟ كما يثار التساؤل أيضا هنا حول ماهية الاستشكالات الفرضية التي يمكن أن تطرحها الملكية العقارية في شخص المكري من جهة والملكية التجارية في شخص المكتري من جهة أخرى؟ وما هي الطلبات التي يمكن أن يتقدم بها المكري ، باعتباره مدعي من أجل المطالبة بالسومة الكرائية أو بالتماطل في أدائها ؟ وهل يمكن كذلك لهذا المكري تفعيل مقتضيات الشرط الفاسخ في حالة تم تضمينه في العقد ؟ خاصة وأن المادة 33 من القانون رقم 49.16 قد حددت فقط ثلاثة أشهر من أجل تفعيل هذا المقتضى وهو ما قد يتحقق هنا ابتداء من شهر أبريل وماي ويونيو التي امتد خلالها ظرف الحجر الصحي ؟
تتعدد الفرضيات أمام غياب أجوبة مباشرة عن كل هذه التساؤلات مادامت الجائحة باقية وتتمدد ، فنفترض من جهة المكري صاحب الملكية العقارية أنه قد يعزز موقفه بأنه مدين بقروض وأن الملكية العقارية مثقلة برهون وأن السومة الكرائية هي التي كان معولا عليها لتغطية هاته القروض… ويطلب من المحكمة إلزام المكتري بأداء ما عليه من سومة كرائية ، أما من حهة المكتري صاحب الملكية التجارية فقد يتقدم بدوره بدفوعات وطلبات مقابلة ، كأن يدفع بتطبيق الفقرة الثانية من المادة 4 من القانون رقم 49.16 ، حيث يدعي أنه عمل على أداء ثمن الكراء مدة سنتين لكي يكتسب الحق في تجديد عقد الكراء .[110] وهنا هل يمكن أن يطالب المكتري باسترجاع تلك المبالغ بعد حدوث هذه الأزمة ؟ وبالتالي سيثار السؤال هنا حول ما إذا كانت تلك المبالغ المدفوعة (والتي يطلق عليها عرفيا شراء “الساروت”) تعتبر هنا سومة كرائية أم فقط لأجل أن يكتسب هذا المكتري الحق في التجديد؟
كما قد يفترض أن يكون المكتري صاحب الملكية التجارية ، يستغل الملكية العقارية في أنشطة تتعلق مثلا بالمأكولات الخفيفة أو صالون حلاقة أو مقهى… والمعلوم أن هاته الأنواع من الأنشطة قد شملها الحظر ضمن المحلات الموقوفة بمقتضى المرسوم بقانون 2.20.293 ،[111] إلا أنه يرى أحد الباحثين ان المكتري ومن أجل تفادي الأضرار المادية في ظل هاته الجائحة ، قد يعمد إلى تغيير النشاط الاقتصادي ، فيقوم مثلا بتغيير المقهى لمحل بيع المواد الغذائية لم يطلها هذا الإغلاق بمرسوم حالة الطوارئ ، فهل يحق هنا للمكري أن يفرغه لأنه قام بتغيير النشاط التجاري دون علمه ؟
ومع وجاهة نظر الباحث ، فنرى هنا أنه بالرجوع للبند الثالث من المادة 8 من قانون 49.16 ، نجد أن المشرع اشترط بصريح النص في حال تغيير المكتري لنشاط أصله التجاري ضرورة موافقة المكري عن هذا التغيير ، ماعدا إذا عبر عن نيته في إرجاع الحال لما كان عليه ، وبالتالي فلا ينبغي التذرع بظرف الجائحة وهدم التوازن العقدي بين المكري صاحب الملكية العقارية والمكتري صاحب الملكية التجارية ، ألا وننظر إلى التأثر فقط من جانب المكتري بل لابد من اعتبار افتقاد المكري لوجيباته الكرائية التي يمكن أن تكون مصدر قوته وعيشه لاسيما وأن هذا التغيير قد تترتب عنه تحملات والتزامات جديدة قد لا يستطيع أحد الأطراف تنفيذها.
كما قد يثار السؤال حول الفترة ما بعد كورونا وتداعياتها على كراء العقارات للاستعمال التجاري ، وحول إمكانية المكتري أن يطالب بإنقاص السومة الكرائية ، لا سيما وأن المعاملات التجارية قبل الجائحة كانت تعرف رواجا ، ولكن ما بعد كورونا فالكل يتنبأ بأنه ستكون هناك تداعيات وأزمات متعددة المستويات [112] إلا أنه ما يستجد هنا كحل ترقيعي مؤقت لإعادة التوازن بين الملكيتين العقارية والتجارية في ظل الجائحة هو تقدم أحد الفرق البرلمانية بمقترح قانون لتعديل المادة 30 مكرر من القانون المذكور ، وذلك بتقرير عدم الأداء خلال فترة الطوارئ كدين عادي [113] .
ثانيا:-تأثيرات جائحة كورونا كوفيد -19 على معاملا الأكرية الحبسية بين مقتضيات مدونة الأوقاف والتوصيات السامية للملك محمد السادس الناظر الأعلى للأوقاف بالمغرب :
إن الكراء بالنسبة للأوقاف [114] يعتبر من المعاملات العقارية القديمة والأكثر انتشارا والأهم للجهة المكلفة بالوقف لتستثمر فيها الأملاك الوقفية لعدة أسباب : الأول ، وهو أن الأشخاص الذين كانوا يشرفون على الأوقاف كانوا يخافون من ضياع الوقف وبالتالي كانوا دائما يحاولون أن يستثمروا الأملاك الوقفية خاصة الوقف العام في الكراء لأنه بالنسبة لهم هو استثمار آمن . وثانيا ، أن هذا الوقف له مردودية تتمثل في وجيبة كرائية يمكن أن تقوم باستغلالها في إعادة الاستثمار في الوقف أو تثمين الوقف.
وهكذا صدرت أوامر ملكية سامية موافقة مع هذا الاتجاه ، وبالفعل قد تم سن وإصدار مدونة الأوقاف[115]، واعتبرت في حينها أنها حدث تشريعي تاريخي مهم ، وأهم شيء في هاته المدونة أن المشرع حاول من خلالها أن يعطي حماية قبلية وبعدية للأوقاف ، ومن بين ما نظمته هذه المدونة الكراء.
وبذلك فقد اهتمت مدونة الأوقاف أساسا بوضع جملة من التدابير الإجرائية و الموضوعية التي تهدف من ورائها إبان تكوين عقد كراء الأملاك الموقوفة تحقيق الحماية القانونية اللازمة للمال الموقوف وضمان حسن تدبيره وطرق مراجعة السومة الكرائية. وإذا كانت القواعد العامة في عملية الكراء تقتضي بأن يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء المكري وعلى الأجرة طبقا للفصل 628 من ق ل ع [116] ، فإن التشريع الخاص بالأوقاف ذهب إلى اتجاه آخر حيث قررت أن عملية التعاقد يجب أن تتم في إطار السمسرة العمومية أو طلب العروض وفق مجموعة من الضوابط ، والتي لها أهمية كبرى في حماية العقارات الموقوفة وتمكين السلطة المكلفة بالأوقاف من حسن تدبير واستغلال الأملاك الموقوفة [117].
وما يهمنا في ظل جائحة الطوارئ الصحية التي يعيشها المغرب بسبب تداعيات جائحة كورونا (كوفيد 19) هو السؤال حول ما مدى حصانة السومة الكرائية في الكراء الحبسي في ظل الجائحة ؟ وما آثار الإعفاء من أداء السومة الكرائية لحالة الطوارئ الصحية على حماية الأموال الوقفية ؟
فكما هو معلوم أن كراء الأوقاف قد نظمها المشرع في مدونة الأوقاف من المواد 80 إلى 107 ، إلا أنه وبراهنية ظرفية جائحة كورونا (كوفيد 19) ، فإنه بالاستناد على الفقرة الأولى من المادة 101[118] تقول إحدى الباحثات [119] على أنه إذا اعتبرنا أن حالة الطوارئ الصحية التي يمر بها المغرب قوة قاهرة ، وبالتالي أثرت على الالتزامات التعاقدية ومن ثم أداء السومة الكرائية ، وعليه يمكن تكييف الظرفية الصحية التي يعيشها العالم والمغرب على الخصوص قوة قاهرة غير متوقعة ولا يمكن ردها ، مما يعفى معه المكتري من أداء السومة الكرائية ، وبالتالي فيمكن التوسع في الإعفاء المنصوص عليه في المادة 101 من مدونة الأوقاف.
إلا أنه ورغم وجهة نظر الباحثة ، فنرى أنه لخصوصية الأوقاف فإن الاختصاص يعود إلى جلالة الملك محمد السادس باعتباره الناظر الأعلى للأوقاف بالمغرب ، بإعفاء هؤلاء من الوجيبة الكرائية ، ولذلك فإن جلالته نصره الله قد أصدر قراره السامي يوم الأربعاء الثامن من أبريل 2020 ، بأن تعفى هاته الشريحة من المكترين من غير الموظفين والتي تضررت مداخيلهم من هاته الجائحة ، مما أدى إلى عدم أداء الوجيبة الكرائية ، ولكن في نفس الوقت ليس كل المحلات المكتراة يعفى أصحابها الذين يكتروها من أداء الوجيبات الكرائية ، فتستثنى منها الأراضي الفلاحية حسب القرار السامي ، وكما هو معلوم فإن النص الذي استندت عليه الباحثة يأتي في الجزء الفرعي الثاني من المدونة والمتعلق بأحكام خاصة بكراء الأملاك الوقفية الفلاحية ، والتي استثناها قرار جلالته بصفته أميرا للمؤمنين والناظر الأعلى للأوقاف والمختص قانونيا بهذا الصدد بصريح المادة 2 من مدونة الأوقاف [120] .
ولكن من جهة أخرى ، فهذا الوباء ضرره مؤكد ، لأن عدم العمل يؤدي أساسا لعدم الحصول على أداء الأجر ، وبالتالي لا يمكن الحصول على هاته الوجيبات الكرائية خلال هذه الظرفية الاستثنائية ، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية باعتبارها الجهة المكرية ، فقانونيا في حالة ما إذا توقف المكتري عن أداء الوجيبة الكرائية لمدة 3 أشهر متتالية مع إنذاره ل 8 أيام فإنه سيحال على القضاء لأن المكتري سيكون في حالة تماطل وستطالب الإدارة المعنية بفسخ عقد الكراء طبقا للمادة 95 من المدونة [121] وكذا بإفراغ المكتري من العين المكتراة طبقا للمادة 97 من المدونة [122] ، وتصبح معه مجموعة من الأسر مشردة إلى الخارج .
وعليه فبالدراسة القانونية لهذا القرار السامي بصفة مجملة ، نجد على أنه يشير إلى ثلاث نقط أساسية الأولى هي أن الإعفاء يشمل المحلات التجارية والمهن والحرف و الخدمات ، من غير الأراضي الفلاحية ، وثانيا فالقرار قد أشار إلى الأملاك الحبسية دون تحديد ، والنقطة الثالثة هي بخصوص الأشخاص المعفون الذين تم إعفاؤهم من أداء الوجيبة الكرائية فالقرار يشير إلى المكترين بصفة عامة باستثناء الموظفين .
وبالتنزيل الواقعي لهذا القرار ، فإن الإدارة الوصية على القطاع ستطرح عليها مجموعة من الإشكاليات والتساؤلات فمن هو الموظف الذي هو غير معفى من أداء الوجيبات الكرائية ؟ هل تعرفه بالموظف حسب ظهير 1958 المتعلق بالوظيفة العمومية [123]؟ بمعنى أن هل جميع المستخدمين والأجراء من غير الموظفين غير المصنفين في إطار ظهير 1958 هم معفون من أداء الوجيبات الكرائية ؟ خاصة وأن من بين المستخدمين من لم يتضرر-لأنه قد يوجد مستخدمون في أبناك أو ومؤسسات أخرى ولكن ظلوا يتوصلون برواتبهم وكذلك ماهو الحد الأدنى أو الأقصى للدخل الشخصي حتى يعتبر المكتري متضررا ؟ وما معيار الضرر ؟
وفي النقطة الثانية سوف يطرح سؤال بأن هذا الإعفاء تحدث عن العقارات أو المحلات الحبسية بصفة عامة دون أن يحدد ما إذا كانت هذه الأملاك الحبسية هي محبسة تحبيسا عاما أو خاصا أو مشتركا ، ومنه فهل كل هذه الأصناف من الأملاك الحبسية معفاة من أداء الوجيبات الكرائية لفائدة المكترين طيلة فترة الحجر ؟ أم أن الأمر يتعلق فقط بالمحلات التابعة إلى الوقف العام ؟
ولكل هذه الإشكالات يقول أحد الباحثين [124]، أنه على الهيئة الوصية على القطاع أن تجيب عن هاته الأسئلة وأن تحاول أن تجد حلا لها مع المكترين حتى لا تصل الأمور إلى المحاكم وألا نصل إلى مجموعة من الملفات التي يمكن أن تثقل كاهل المحاكم .
وبخصوص حماية الأموال الوقفية فإن أحد الباحثين [125] قد حدد مجموعة من الإجراءات اللازمة المقترحة للتخفيف من آثار الإعفاء من أداء السومة الكرائية لحالة الطوارئ الصحية على حماية الأموال الوقفية ، والتي يجب أن تتخذها الإدارة الوصية ، ومن بين هذه التدابير والإجراءات الاستعجالية المقترحة نذكر الآتي :
تعديل الميزانية السنوية للأوقاف العامة وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 134 من المدونة[126] .
استثمار الزخم التضامني المترتب عن جائحة كوفيد-19 لا سيما ما يسمى ب “وقف الوقت”[127].
تفعيل “سندات الوقف” وفقا للمادة 140 من المدونة [128] ، على أساس أن يكون أول مشروع لهذه السندات هو دعم صندوق مواجهات تداعيات كوفيد-19 .
إعادة النظر في نمط التدبير المالي للأوقاف والموارد الوقفية وشكل الإدارة الوقفية.
الخاتمة :
وصفوة القول ، وانطلاقا مما سبق ذكره يتبين لنا أن المشرع قد حاول من خلال القوانين المتعلقة بالعقار سواء تعلق الأمر بمدونة ح ع أو النصوص القانونية الخاصة ، الحسم في توثيق جميع التصرفات العقارية وخاصة البيوع العقارية ، من خلال وضع شكلية الكتابة وجعلها شرطا لانعقاد وحصرها في المحررات الرسمية والمحررات الثابتة التاريخ تحت طائلة البطلان ، كما عمل المشرع على حصر الجهات التي أوكل لها مهمة تحرير العقود في ثلاث جهات ، ويتعلق الأمر بالتوثيق العصري والتوثيق العدلي والمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض ، وبذلك يكون المشرع قد خطى خطوة جريئة بإصداره مدونة ح ع التي من خلالها أقر رسمية العقود العقارية وخاصة البيوع منها وضبط الجهات التوثيقية المخول لها صلاحية تحرير هذا النوع من العقود ، ولعل غاية المشرع بهذه المستجدات محاولا التقليل من المشاكل والنزاعات التي يعرفها العقار بسبب هذا الجانب ، ووضع حد نهائي لكل تسيب في تحرير العقود المتعلقة بالمعاملات العقارية بصفة عامة والبيوع العقارية بصفة خاصة .
على أن هذا لا يعني أن ما جاء به المشرع لا يسلم من النقائص و الشوائب .و لعلى من أهم هذه النقائص و الشوائب التي تؤاخد و تلاحظ على المشرع الغربي و تناقض مع غايته في تعميم رسمية العقود في المعاملات العقارية ، ما يلي :
-غلبة الطابع الغموض و اللبس بخصوص المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ،و التي لم تحسم بشكل صريح في مسألة -غلبة الطابع الغموض و اللبس بخصوص المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ،و التي لم تحسم بشكل صريح في مسألة رسمية العقود في المعاملات العقارية عندما أبقى على المحرر الثابت التاريخ من دون أن تبين طبيعته و المقصود منه .
– تمييز المادة الرابعة بين المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض و باقي المحاميين .
– إقصاء بعض المهن من تحرير العقود العقارية كالكتاب العموميين و وكلاء الأعمال ، دون مراعاة مصيرهم و للجانب الاجتماعي للفئة عريضة من المجتمع .
لكل ذلك تقدم بعض الاقتراحات التي نرى فيها حلا لهذه المشاكل و الصعوبات و هي كالتالي :
- ضرورة تعديل المشرع لمقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ،و من ذلك تحديد المقصود من طبيعة المحرر الثابت التاريخ ، تفاديا لفتح باب التأويلات و تضارب الآراء بهذا الخصوص .
- تقرير رسمية العقود في جميع المعاملات العقارية ، مع الإبقاء على المحررات العرفية بشروط .
- مناداة المشرع بضرورة وضع إطار قانوني لضبط و تنظيم المهن المقصية من تحرير العقود و إدماجهم ضمن الجهات المخول لها توثيق التصرفات العقارية
- التخفيف من تكلفة التوثيق العصري بشكل يجعله في متناول كل الفئات المعنية بالعقار و التصرفات الواردة عليه .
- دعوة المشرع إلى منح الاختصاص فيما يتعلق بالتعريف بإمضاء المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض لنقيب هيئة المحامين ، و ليس لرئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية .
وعليه فإن هذا الموضوع المتناول في هذا البحث المتواضع هو موضوع فضفاض وشاسع ويطرح مجموعة من الإشكاليات التي لا يسع المجال لاحتوائها في بحث من هذا الحجم.
لائحة المراجع
الكتب:
- احمد درويش :مناهج القانون المدني المعمق ،الطبعة الأولى 2012
- عبد القادر العرعاري نظرية العقد الطبعة 4.2004
- خالد سعد الإثبات في المنازعات المدنية، دراسة علمية و عملية على ضوء القانون المغربي و الاجتهاد القضائي ، محكمة النقض ، الطبعة الأولى 2014ص108
- عبد المجيد بوكير ، التوثيق العصري المغربي مكتبة دار السلام ،الرباط طبعة 2010.2 ص 96
- عبد الحق صافي بيع العقار في طور الإنجاز مطبعة النجاح الجديدة،البيضاء ،الطبعة الأولى .2011،ص 108
- ادريس العبدلاوي شرح وسائل الإثبات في التشريع المدني،منشورات كلية الحقوق مراكش الطبعة 1983
- محمد الربيعي،الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم.دراسة في ضوء مستجدات قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة وقانون رقم 32.096 المتعلق بالتوثيق.مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء .الطبعة الثالثة 2017
- محمد خيري.العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي،مطبعة المعارف الجديدة.الرباط
الرسائل الجامعية والأطاريح:
- لعبيد محمد ياسين،توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية ،رسالة دبلوم الماستر في الشريعة والقانون كلية الشريعة،جامعة القرويين فاس.السنة الجامعية 2014-2013
- حياة الصابري ،مدى تأثير إقرار رسمية التصرفات العقارية في استقرار المعاملات العقارية ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، وجدة ، السنة الجامعية 2013 -2014 ،ص : 67
- خرشي الكنتاوي، أحكام بيع العقار في طور الإنجار، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية سطات، السنة الجامعية 2004/2005، ص 54.
- عمر أوتيل.التوثيق ودوره في استقرار المعاملات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الإلتزامات والعقود والعقار.جامعة محمد الاول.كلية العلوم القانونية ةالاقتصادية والاجتماعية.وجدة.2013 -2012
- إيمان السايح : الضمانات القانونية للعقود الرسمية و دورها في استقرار الملكية العقارية . أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ، تخصص قانون العقود و العقار كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية جامعة محمد الأول ، و جدة السنة الجامعية 2014-2015 ،ص : 279.
المجلات:
مجلة المحاكم المغربية العدد 143 نونبر دجنبر 2013
الندوات:
- محمد الخضراوي.إشكاليات توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية.قراءة في القانون 44.00 ندوة النازعات العقارية
- عبد القادر بوبكيري،توثيق التصرفات العقارية في المحررات الرسمية على ضوء مستجدات القانون08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية والقوانين ذات الصلة،أعمال الندوة العلمية الثانية ،العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب،منشورات المنبر القانوني مطبعة المعارف الجديدة،الرباط،2004
- الطيب لمنوار،توثيق التصرفات الواردة على العقار في ضوء التشريعات القضائية الجديدة ومشروع قانون مدونة الحقوق العينية ،ندوة العقار والإستثمار،الجهة الشرقية
المقالات:
- وائل العياط، مقال بعنون الأحكام الخاصة لنظام الملكية المشتركة بعنون منشور بالموقع الإلكتروني التالي almaqaldroit.blogspot.com
- محمد أهتوت الإثبات في العقود الإلكترونية مقال منشور بالموقع الإلكتروني التالي:https://www.maroclaw.com
- أحمد حفاف:تأثيرات جائحة كورونا على تنفيذ العقود الزمنية في مجال المعاملات العقارية.مقال منشور بالموقع الإلكتروني التالي:maroclaw.com
المصادر القانونية:
- قانون الالتزامات والعقود ظهير9رمضان 1331(12أغسطس 1913)
- القانون رقم39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في24 ذي الحجة 1432(22نونبر2011).الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذي الحجة 1432(24 نونبر 2011)
- ظهير شريف رقم 1.11.179 صادر في 25 ذي الحجة 1432(22نوفمبر2011)بتنفيذ القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهمة التوثيق
- القانون 28.08 الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 101.08.1 صادر في شوال 1429(10أكتوبر2008) بتنفيذ القانون رقم 08.28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهمة المحاماة
- القانون القاضي بتغيير وتتميم القانون 44.00بشأن بيع العقار في طور الانجاز الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.16.5 بتاريخ 23 ربيع الاخر 1437(3فبراير 2016)المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6440 بتاريخ 9 جمادى الاولى1437(18فبراير2016)
- الظهير الشريف رقم 1.02.298 صادر في 25 رجب 1432(3أكتوبر2002) بتنفيذ القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية
ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011) ،
[1] الفصل35 من الدستور”يضمن القانون حق الملكية…..”.
“[2] يجب أن تحرر – تحت طائلة البطلان –جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أوإسقاطها بموجب محرر رسمي , أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك . يجب أن يتم أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي التأشير على جميع صفحاته من الأطراف و من الجهة التي حررته . تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة و يتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها “.
[3] القانون القاضي بتغير وتتميم القانون44.00 بشأن العقارات في طور الإنجاز,الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم1.16.05بتاريخ23 ربيع الأخر1473(3فبراير2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد6440 بتاريخ 9 جمادى الأولى1473 18 فبراير1473الموافق ل 18 فبراير2016
[4] بمقتضى ظهير الشريف رقم 1.03.202 في 16 رمضان1424(11نوفمبر2003)بتنفيذ القانون رقم 51.00المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار
[5] بمقتضى ظهير الشريف1.11.178 في 25 ذي الحجة1432(22نونبر2011)المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذي الحجة 1432(24نونبر2011)
[6] تنص الفقرة الأولى من الفقرة الأولى من المادة 4من مدونة الحقوق العينية :”يجب أن تحرر – تحت طائلة البطلان – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أوإسقاطها و كذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك…”
[7]احمد درويش :مناهج القانون المدني المعمق ,الطبعة الأولى 2012
[8] نظم المشرع المغربي البيع الإلكتروني في ق ل ع,ففي ظل التطور التكنولوجي الحالي أصبح بإمكان المتعاملين إبرام عقود عن بعد,بحيث يتم العرض والقبول من خلال الحاسوب في شكل محادثة فورية ومباشرة.
[9] ينص الفصل 404 من قانون الإلتزامات و العقود على ” و سائل الإثبات التي يقررها القانون هي :إقرار الخصم , الحجة الكتابية , شهادة الشهود , القرينة, اليمين و النكول عنها ”
[10] (القرار منشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 32-1983 ص 52 .
[11]عبد القادر العرعاري نظرية العقد الطبعة 4.2004
[12] خالد سعد الإثبات في المنازعات المدنية, دراسة علمية و عملية على ضوء القانون المغربي و الاجتهاد القضائي , محكمة النقض , الطبعة الأولى 2014ص108
[13] عبد الكريم هبون الشافي في شرح الالتزامات و العقود ,انقضاء الالتزام و إثباته ,ص 301
[14] محمد محروك الوجيز في العقود المسماة البيوعات والأكرية الواردة على العقار في ضوء آخر التعديلات؟الطبعة 1.2017 ص9
[15] عبد المجيد بوكير , التوثيق العصري المغربي مكتبة دار السلام ,الرباط طبعة 2010.2 ص 96
[16] ينص الفصل من ق-ل-ع على ما يلي :”للورقة التي لا تصلح لتكون رسمية بسبب عدم اختصاص أو عدم أهمية الموظف أوعيب في الشكل تصلح لإعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم توقيعهم لصحة الورقة ”
[17] للتفصيل في هذه الإشكالات ينبغي الرجوع إلى محمد محروك ص9 وما بعدها.
[18] تنص المادة1من قانون رقم32.09على أن التوثيق مهنة حرة”تمارس وفق الشروط وحسب الاختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة”
[19] ظهير الشريف رقم 1.11.179 صادر في 25 ذي الحجة 1432 ( 22نوفمبر 2011 ) بتنفيذ القانون رقم 32.09المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق
[20] محمد خيري الجهات المؤهلة لتحرير العقود المتعلقة بالملكية المشتركة و العقارات في طور الإنجاز أشغال ندوة العقار الإسكان
[21] ” يمارس الموثق مهامه بمجموع التراب الوطني .
غير أنه يمنع عليه تلقي العقود و توقيع الأطراف خارج مقر مكتبه .
يمكن للموثق لأسباب استثنائية تلقي تصريحات أطراف العقد و التوقيع على العقود خارج مكتبه و ذلك بإذن من رئيس المجلس الجهوي و إخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين بدائرتها .
[22] تنص المادة47 من القانون رقم 32.09 أنه:”يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد الإشهاد بمطابقتها من طرفه بمكتب التسجيل المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في الأجل المحدد قانونا إنجاز الإجراءات الضرورية للتقييد في السجلات العقارية غيرها لضمان فعاليتها.ويقوم بإجراءات النشر والتبليغ عند الإقتضاء. يمكن للأطراف المعنيين إعفاء الموثق من إجراءات النشر والتبلبغ وذلك تحت مسؤوليتهم, ويشار إلى ذلك في صلب العقد أو في وثيقة مستقلة ثابة التاريخ يوقعها الطرف المعني”.
[23] عبد الحق الصافي,عقد البيع-دراسة في قانون الالتزامات والعقود والقوانين الخاصة-مطبعة النجاح الجديدة,الدار البيضاء, الطبعة الاولى1998,ص179
[24] ظهير26صفر 1334(3يناير1916)بمثابة النظام الخاص لتحديد الأملاك المخزنية ح.ر عدد 141,بتاريخ 10يناير 1916 ص 28
[25] محمد خيري العقار وقضايا التحفيظ العقاري.ص421
[26] لكن هذه المدة تم تقليصها إلى 10سنوات عرض 15 سنة حسب المادة 35 من مشروع قانون المحاماة
[27] المادة33 من القانون 28
[28] لعبيد محمد ياسين ,م.س, ص 54-55
[29] لعبيد محمد ياسين ,م,س ص68
[30] محمد ابن معجوز :وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي.مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء1997
[31] قرار عدد349 أشار إليه محمد لكشبور:بيع العقار بين الرضائية والشكلية.ص140
[32] ملف عدد98092,رسالة المحاماة عدد5ص112
[33] وهكذا تنص المادة 274من مدونة الحقوق العينية على أنه”يغني التقييد بالسجلات العقارية عن الحيازة الفعلية للملك الموهوب ومن إخلائه من طلرف الواهب إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ.”
[34] قرار عدد 349أشار إلي الأستاذ محمد الكشبور:بيع العقار بين الرضائية والشكلية ص 140
[35] ملف عدد98092,رسالة المحاماة عدد5ص112.
[36] لمناقشة الأساس الفلسفي لاستبعاد تطبيق ق.ل.ع يراجع: أحمد ادرويش, نطاق ظهير الإلتزامات والعقود سلسلة المعرفة القانونية العدد3,مطبعة الأمنية الرباط 1996ص28
[37]قرار عدد 433 ملف إجتماعي عدد 664 مجلة المحاماة عدد 17 ص 115
[38] قرار عدد 883الصادر بتاريخ 1986/4/2 في الملف المدني عدد4172
[39] المجلة المغربية للقنون والسياسة والقانون والإقتصاد عدد4ص123.
[40] قرار عدد 443 و تاريخ 14دجنبر 1987 مجلة المجلة المحاماة عدد 17ص 115,
[41] قرار عدد817 ملف مدني عدد90228 مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد32ص 52 مجلة المحامي عدد32-33 ص 183
[42] قرار عدد661 منشور بالمجلة المغربية للقانون للسياسة والقانون والإقتصادعدد4ص127
[43] تنص الفقرة الأولى من المادة 4 من مدونة الحقوق العينية :” يجب أن تحرر – تحت طائلة البطلان –جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها و كذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك …”
[44] عبد القادر بوبكيري,توثيق التصرفات العقارية في المحررات الرسمية على ضوء مستجدات القانون08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية والقوانين ذات الصلة,أعمال الندوة العلمية الثانية ,العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب,منشورات المنبر القانوني مطبعة المعارف الجديدة,الرباط,2004 ص :53
[45] ينص الفصل 35من دستور 2011 على أنه : ” يضمن القانون حق الملكية …”
[46] حياة الصابري ,مدى تأثير إقرار رسمية التصرفات العقارية في استقرار المعاملات العقارية , رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار , كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية , وجدة , السنة الجامعية 2013 -2014 ,ص : 67
[47] الطيب لمنوار,توثيق التصرفات الواردة على العقار في ضوء التشريعات القضائية الجديدة ومشروع قانون مدونة الحقوق العينية ,ندوة العقار والإستثمار, الجهة الشرقية
[48] قرار رقم 809 الصادر بتاريخ 1982/12/25 في الملف عدد 47497 منشور بمجل قضاء المجلس الأعلى عدد 31 سنة 1981 ص :45
[49] قرار رقم 2615 الصادر بتاريخ 2010/6/8 في الملف مدني عدد 2008 /5/4/4129 , أوردته إيمان السايح : الضمانات القانونية للعقود الرسمية و دورها في استقرار الملكية العقارية . أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص , تخصص قانون العقود و العقار كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية جامعة محمد الأول , و جدة السنة الجامعية 2014-2015 ,ص : 279.
[50] ظهير شريف رقم1.59.413 صادر في 28جمادى الثانية 138 (26نونبر1962)بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي الجريدة الرسمية عدد2640 مكرر بتاريخ 12محرح 1383(5يونيو1963)ص:1253
[51] ظهير شريف رقم1.59.413 صادر في 28جمادى الثانية 138 (26نونبر1962)بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي الجريدة الرسمية عدد2640 مكرر بتاريخ 12محرح 1383(5يونيو1963)ص:1253
[52] استاذ عبد العزيز حضري ,محاضرة ألقيت على طلبة قانون العقود والعقار,في مادة أنظمة الاثبات (موضوع الكتابة ودورها في الاثبات)بتاريخ 20/3/2018
-[53] إن المشرع المغربي من الفصل 424 من ق.ل.ع أظهر تأثره الواضح بمصدره التاريخي حيث جاءت صيغة الفصل المذكور مطابقة تقريبا لصيغة الفصل 1322 من القانون المدني الفرنسي والذي جاء فيه:
« L’acte sous seing privé, reconnu par celui auquel ou l’oppose ou légalement tenu pour reconnu a entre ceux qui l’on souscrit et entre leurs héritiers et ayant cause, la même foi que l’acte authentique ».
[54] – ملف المدني 45171 بتاريخ 22 أبريل 1977 مجموعة قرارات المجلس الأعلى منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، 1966-1982، ص 526.
[55] – تنص المادة 148 من قانون الإثبات المصري أن مناقشة الوثيقة العرفية دون الاعتراف بها أو إنكارها يجعلها في حكم المعترف بها قانونا.
[56] – في ملف عدد 131/1/2010نشر قرارات محكمة النقض الغرفة المدنية 2012، ص: 13 وما بعدها.
[57] – الأغيار هم الخلف الخاص كالورثة.
[58] – محمد كبوري،، حماية مستهلك العقار، م.س، ص 289.
[59] – كالوارث أو الموصى له.
[60] – وحسب الفقرة الأخيرة من الفصل 425 فإنه لسريان التاريخ في حقه يلزم فيه ألا يعمل باسم مدينه وإلا يسري في حقه التاريخ الموجود في المحرر ولو لم يكن ثابتا. وأما الدائن فإما أن يكون دائنا عاديا أو له حق بأموال معينة لمدينة فكلاهما ليسرى التاريخ في حقهما يجب أن يكون ثابتا هذا وإن كان البعض يرى أن أنه في حالة تصرف الدائن العادي الذي يضر مدينه بتصرفاته فإن تاريخ المحرر العرفي هو الذي يسري في حقه حماية لمصالحه
-محمد كشبور،ثبوت تاريخ الورقة العرفية، م س ،ص : 19-20.
[61] – محمد كشبور، م س ،ص :22.
[62] – قرار محكمة النقض عدد 3499 المؤرخ في 31/08/2010 ملف مدني عدد 3216/1/2/2009 “تستمد الورقة العرفية قوتها الثبوتية من توقيع الملتزم بها طالما لم ينازع في صحة توقيعها عليه“، مجلة المحاكم المغربية العدد 143 نونبر دجنبر 2013، ص 170 و171 و172.
[63] – الملف المدني 386/29 سنة 1987 مجلة المحامي العدد 15، ص 132-133.
وفي قرار آخر “مجرد تصحيح الإمضاء والمصادقة عليه من السلطات المختصة لا يجعل من المحرر يرقى إلى درجة الرسمي” عدد 5669 تاريخ 1989/09/22 مجلة المحاكم المغربية عدد 27، ص 70.
[64] – قرار رقم 792 في الملف المدني عدد 1407/86 بتاريخ 22 مارس 1982 مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 46 ص 125-126.
[65] – محمد الربيعي ،المعاملات العقارية بين ظاهرة انتشار المحررات العرفية و ضمانات المحررات الرسمية ،م.س، ص 46 و47.
– محمد كبوري-، حماية مستهلك العقار،م.س ص 273 و274.
[66] – ملف مدني عدد 1514/2002 مجموعة قرارات المجلس الأعلى – الغرفة المدنية- م.س، ص 251-254.
[67] – قرار عدد 1109 صادر بتاريخ 9/3/2010 ملف عدد 499/1/2/2008، نشرة قرارات المجلس الأعلى، الغرفة المدنية، م.س، ص
[68] – 837 بتاريخ 22/2/2011 ملف عدد 1982/1/1/2009أشار إليه محمد المجدوبي الإدريسي، م.س، ص 34.
[69]– نضيف أيضا لتأكيد هذا التوجه: – قرار عدد 1554 المؤرخ في 29/03/2011 ملف مدني عدد 2407/1/3/2010 – قرار عدد 5317 المؤرخ 21/12/2010 ملف مدني عدد 4150/1/2/2009، مجلة المحاكم المغربية عدد 143- نونبر – دجنبر 2013، ص 150 إلى 153. و 172 و 173 .
[70] – محمد الربيعي، المعاملات العقارية بين ظاهرة انتشار المحررات العرفية و ضمانات المحررات الرسمية ،م.س، ص 65.
[71] – عبد الرحيم حزيكر، توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية و الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري، م.س، ص 177.
[72] – فعلى مستوى مشكل تحيين مطالب التحفيظ فيجب على المحافظ العقاري إذا قدم إليه عقد عرفي لإيداعه بمطلب التحفيظ، أن يقوم ببسط رقابته عليه، فإذا تبين له أن فيه خللا معينا سيرفض القيام بعملية إيداع المطلب، مما ينتج عنه ضياع الحقوق خاصة إذا ما استمرت المسطرة بالرغم من وجود الخطأ وصدور قرار التحفيظ والذي بالطبع يكتسي قوة قاطعة سواء في مواجهة حسن النية أو سيئها، والذي يطالب في هذه الحالة بالتعويض وليس برد العقار. و هنا جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة: “حيث إن المحكمة وبعد إطلاعها على وثائق الملف ودراستها للعلل الحكم المستأنف لا من حيث الوقائع ولا من حيث التقليل تبين لها بأن العقد المطلوب إبطاله كان سندا في مسطرة التحفيظ التي انتهت بإنشاء رسم عقاري، وعليه فالسند المذكور بات معدما بإنشاء الرسم العقاري، على اعتبار أن عملية التحفيظ مهما شابها من قصور وعيوب فإن نهايتها بإنشاء الرسم العقاري تجب ما قد يثار حول الوثائق المستند عليها في عملية التحفيظ بالاطلاع على حيثيات القرار اتضح أن السند المطلوب إبطاله هو عقد عرفي) لهذه الوثيقة وليس فقط بمستوى الفئات التي تتولى مهمة تحريرها”، لم يذكر رقم القرار صدر بتاريخ 4/4/2007، أشارت إليه حنان السعيدي، م.س، ص 148.
[73] “يتلقى الموثق ما لم ينص القانون على خلاف ذلك العقود التي يفرض القانون إعطاءها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية او التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع ويقوم بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وبتسليم نظائر ونسخ منها”.
[74] “تكون للعقود و المحررات التي ينجزها الموثق وفقا لمقتضيات هذا القانون الصبغة الرسمية المقررة في قانون الإلتزامات والعقود”.
[75] وهكذا جاء في قرار المجلس الأعىلى أن عقد البيع المحرر من طرف الموثق يعتبر حجة رسمية لا يطعن فها طبقا لمقتضيات الفصلين 418و419من ق.ل.ع إلا بالزور.
[76] الوثيقة الإلكترونية العرفية هي التي تستوفي شروط الفصلين 1-417 و 2-417من ق.ل.ع فإنها:
1-تعرف بالشخص الذي صدرت عنه
2-تكون معدة ومحفوظة ضمن شروط تضمن تماميتها
3-تحمل توقيعا مؤمنا
4-تحمل تاريخا ناتجا عن التوقيع الإلكتروني المؤمن
[77] تنص الفقرة الثانية من الفصل 2-417 على ما يلي:”تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق”.
[78]وائل العياط,مقال بعنون الأحكام الخاصة لنظام الملكية المشتركة بعنون منشور بالموقع الإلكتروني التالي: WWW . almaqaldroit.blogspot.com تاريخ الزيارة 15/4/2021
[79] خرشي الكنتاوي، أحكام بيع العقار في طور الإنجار، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية سطات، السنة الجامعية 2004/2005، ص 54.
[80] عبد القادر العرعاري، نظرية العقد، مطبعة الأمنية الرباط، طبعة 2016، ص 46.
[81] عبد القادر العرعاري، م س، ص 54.
[82] محمد أهتوت الإثبات في العقود الإلكترونية مقال منشور بالموقع الإلكتروني التالي:https://www.maroclaw.com
[83] تنص المادة 12 من القانون 53.05على ما يلي:”تهدف وسائل التشفير على الخصوص إلى ضمان سلامة تبادل المعطيات القانونية بطريقة إلكترونية أو تخزينها أو هما معا,بكيفية تمكن بضمان سريتها وصدقيتها ومراقبة تماميتها,يراد بوسيلة التشفير كل عتاد أو برمجة أو هما ينشأ أو يعدل من أجل تحويل المعطيات سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية أو من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها,يراد بتقديم خدمة التشفير كل عملية تهدف إلى استخدام وسائل التشفير لحساب الغير.”
[84] وهنا نؤكد على أن الدليل الكتابي يعتبر أنجع وسيلة في الإثبات في التشريع العقاري المغربي إذ يمتاز على غيره من الأدلة بإمكانية إعداده منذ نشوء الحق وقبل قيام النزاع,كما أن الدليل الكتابي يوفر لأطراف العقد عدة ضمانات من أهمها,أنه يضبط الحقوق القائمة بينهم سواء قبل النزاع أو بعده إضافة أن الكتابة أقل تعرضا لتأثير عوامل الزمن ولعل هذا هو أساس تغليب جل التشريعات الوضعية الإثبات عن طريق الكتابة.
[85] سعيد السيد قنديل : التوقيع الالكتروني , ماهيته – صوره – حجيته في الإثبات بين التداول و الاقتباس , الطبعة الثانية , 2006, دار الجامعة الجديدة للنشر ,ص :48
[86] تنظر , المادة السادسة من القانون 53.05
[87] للتفصيل أكثر يمكن الرجوع إلى موقع بنك المغرب www.bkam.ma
[88] ويرى هنا الأستاذ بنيعيش بأنه :”… أما عقود الإذعان في خدمات المرافق العامة ومنها الأبناك بالنسبة إلى القروض فإن الحد من شطط أصحاب الامتياز فيها ,يعالج القانون مسألته بتشريع خاص هو قانون حماية المستهلك ويتولى القضاء تطبيقه ولا يتوقف هذا التطبيق على إثارته من الطرف المحمي .” /محمد بنيعيش ,كوفيد 19 وأثره على الالتزامات التعاقدية .
[89] ويرى هنا الأستاذ الشرقاوي بأنه :”من أجل حماية رضا المستهلك فإنه لا ينبغي أن يتضمن الإعلان المقدم من قبل المهني بيانات كاذبة أو مضللة للمستهلك , أو ما يسمى بالإشهار الكاذب الذي حرمه القانون في أغلب التشريعات الحديثة “.
[90] نزهة الخالدي ,تداعيات وباء كورونا كوفيد 19 على القروض العقارية في ضوء تدابير لجنة اليقظة الاقتصادية .
[91] تم إنشاء هذه اللجنة على مستوى وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بعضوية مجموعة من الوزارات والجمعيات المهنية –من بينها الجمعية المهنية لبنوك المغرب –الأخرى كإجراء استباقي نهجته الحكومة المغربية لمواجهة الانعكاسات الاقتصادية المباشرة لوباء كورونا من خلال مراقبة آنية للوضعية الاقتصادية الوطنية ومواكبة القطاعات الأكثر عرضة للصدمات الاقتصادية الناجمة عن هذه الجائحة.
[92] ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011) , ص 1072.
[93] تنص المادة 149 من القانون 31.08 على أنه : “بالرغم من أحكام الفقرة 2 من الفصل 243 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أكتوبر 1913) بمثابة ق ل ع , يمكن ولا سيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة . ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية .يجوز للقاضي , علاوة على ذلك أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ , دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين. غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد المذكورة إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ”.
[94] تنص الفقرة الأخيرة من القانون 08-31 على أنه : “غير أنه , تظل مطبقة جميع أحكام النصوص التشريعية المتعلقة بنفس الموضوع والتي تكون أكثر فائدة للمستهلك”.
[95] وهو ماذهب إليه الأمر الاستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بوجدة عدد 2019/207 في الملف رقم 8101/2019/135 بتاريخ 2019/08/15 جاء فيه :”نأمر بوقف التزامات المدعية المترتبة عن عقد القرض الذي أبمته مع المدعى عليه مؤقتا , وذلك ابتداء من تاريخ توقفها عن اداء قسط القرض إلى غاية اقتضائها التعويضات المحكوم لفائدتها , على ألا تتجاوز فترة الامهال القضائي سنتين , مع وقف احتساب الفوائد طيلة الفترة المذكورة , مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل , وتحميل المدعى عليه الصائر”.
[96] تنص المادة 59 من القانون رقم 08-31 : “يقع باطلا بقوة القانون كل التزام نشأ بفعل استغلال ضعف أو جهل المستهلك مع حفظه حقه في استرجاع المبالغ المؤداة طرفه وتعويضه عن الأضرار الاحقة”
[97] ظهير شريف رقم 1.13.111 صادر في 15 من محرم 1435(19 نونبر 2013) بتنفيذ القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني. منشور بالجريدة الرسمية عدد 6208 الصادرة بتاريخ 24 محرم 1435(28 نونبر 2013) ص : 7328.
[98] تنص المادة 12 من القانون رقم 67.12 على أنه : يلتزم المكتري بأداء الوجيبة الكرائية في الأجل الذي يحدده العقد , وعند الاقتضاء جميع التكاليف الكرائية التي يتحملها بمقتضى العقد بموجب القوانين الجاري بها العمل. تدخل في التكاليف الكرائية , المبالغ التابعة للوجيبة الكرائية مقابل الخدمات اللازمة لاستعمال مختلف أجزاء محل الكراء”.
[99] تنص المادة 23 من القانون رقم 67.12 على أنه :”يمكن للمكري في حالة عدم أداء وجيبة الكراء والتكاليف التابعة لها المستحقة , أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية الإذن له بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري”.
[100] قرار المجلس الأعلى تحت عدد 906 في الملف المدني 88653 بتاريخ 9 مارس 1995/ أورده محمد الكشبور , ملاحظات بشأن موقف القضاء من قاعدة الكراء مطلوب لا محمول , مقال منشور بمجلة القانون القضاء المغربي العدد 143 , ص 7 وما بعدها.
[101] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون م م , الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر , بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974) , ص 2741. كما تمم وعدل.
[102] -ويرى أحد الباحثين ونوافقه الرأي- أن هذا العقد الثابت التاريخ ليس شكلية للانعقاد ولا للإثبات ولا للنفاذ إنما هي شكلية فقط لتطبيق القانون رقم 67.12 بدل مقتضيات ق ل ع من الفصول 699/627 والتي تقوم على الرضائية كمبدأ./عبد المهيمن حمزة , استيفاء وجيبة كراء العقارات السكنية في ظل جائحة كورونا.
[103] تنص المادة 26 من القانون رقم 67.12 على أنه :” يمكن للمكري أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية المصادقة على الإنذار والأمر بالأداء في حالة عدم الأداء الكلي أو الجزئي للمبالغ المستحقة والمحددة في الإنذار”.وتنص المادة 27 من القانون رقم 67.12 على أنه :” يصدر رئيس المحكمة أو من ينوب عنه , أمرا بالمصادقة على الإنذار مع الأمر بالأداء يضمن بنفس الطلب في أجل 48 ساعة من تاريخ تسجيل الطلب اعتمادا على محضر التبليغ والوثائق والبيانات المذكورة في المادة 22 وما يليها. ينفذ هذا الأمر على الأصل”.
[104] …………………التنفيذ إلى الطرف المحكوم عليه , الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حالا أو بتعريفه بنواياه وذلك خلال أجل لا يتعدى 10 أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ. إذا طلب المدين آجالا أخبر العون الرئيس الذي يأذن بأمر بحجز أموال المدين تحفظيا إذا بدا ذلك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيد من الحكم.إذا رفض المدين الوفاء أو صرح بعجزه عن ذلك اتخذ عون التنفيذ الإجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ”.
[105] وقد جاء في الأمر الاستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالخميسات , في الملف الاستعجالي رقم 2020/318 , عدد 1109/318/20 بتاريخ 2020/03/16 : “…تلتمس فيه إصدار أمر بمنحها مهلة استرحامية في إفراغها من المنزل السفلي الكائن … وأنها ستكون عرضة للشارع هي وأبناءها الصغار… وحيث أنه وأمام الوضعية الاستثنائية التي تمر بها المملكة المغربية والمتمثلة في انتشار وباء “كورونا” المستجد وما يمكن أن ينتج عنه من مساس الوضعية الصحية للمواطنين أمام قرار الدولة المتمثل في التزام المواطنين بمساكنهم وعدم الاختلاط فإن إفراغ المنفذ عليها من مسكنها هي وأبنائها الصغار في الوقت الراهن من شأنه الاضرار والمساس بالصحة العامة , مما يكون معه الطلب وجيها ومبررا ويتعين الاستجابة إليه وذلك بمنحها أجلا مناسبا لكلا الطرفين. وعملا بمقتضيات الفصل 148 من قانون م م. وتطبيقا للفصل 440 من قانون م م…لأجله…نمنح الطالبة أجل شهر مهلة استرحامية , على أن تستأنف عملية التنفيذ مباشرة بعد انتهاء الأجل.”
[106] ق ل ع الصادر بتنفيذه ظهير 9 رمضان 1331(12 غشت 1913) , بصيغته الأخيرة المعدلة بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.140 الصادر في 16 رمضان 1432 الموافق ل 17 غشت 2011 , المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5980 الصادر في 23 شوال 1432/22 شتنبر 2011 , ص 4678.
[107] ينص الفصل 269 ق ل ع على أنه :”القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه , كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف , والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة , ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه , ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين.”
[108] ظهير شريف رقم 1.16.99 صادر في 13 من شوال 1437(18 يوليوز 2016) بتنفيذ القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي , الجريدة الرسمية عدد 6490 الصادرة في 7 ذو القعدة 1437(11 اكتوبر 2016).ص 5857.
[109] وكما سبق وأشرنا فإن هذه الكتابة بإثبات التاريخ هنا على غرار القانون 67.12 ليست للانعقاد ولا للإثبات ولا للنفاذ , إنما لتطبيق القانون 49.12 ودونها تخضع للقواعد العامة لإجارة الأشياء في القسم الثالث من الكتاب الثاني ل ق ل ع القائمة أحكامها على الرضائية.
[110] عبد الإله المحبوب , إشكالية التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية في ظل جائحة كورونا على ضوء القانون 16.49 .
[111] يراجع البند (د) من مرسوم بقانون 2.20.293 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد -19.
[112] ونستحضر هنا قول أحد الأساتذة الباحثين في هذا المجال الذي عبر عن هذا الحال “بإشكال تشريد المقاولات في ظل الجائحة” /عبد الرحيم شميعة , جائحة كورونا فرصة لتجديد الرؤية التشريعية في مجال الأعمال .
[113] وذلك حسب الصيغة التالية : “استثناء من أي مقتضيات مخالفة , تعد المبالغ الكرائية العالقة بذمة المكتري عن الفترة المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية دينا عاديا يستوفى بالمساطر القانونية المعمول بها دون اعتبار ذلك تماطلا موجبا للإفراغ دون تعويض”.
[114] يعرف الفقه الأوقاف أو الأحباس وكرائها بأنها :”أملاك عقارية كالأراضي والمساجد والآبار والحوانيت والديار والقناطير والمقابر والطرق وغير ذلك من الأصول والمنقولات باستثناء الطعام الذي تكون منفعته في استهلاكه فقط , هذه الأصول والمنقولات يحبسها مسلم لصالح من يعينه في عقد التحبيس سواء كان إنسانا موجودا حقيقة أو حكما كالجنين ومن سيولد معينا أو مجهولا , وسواء كان قريبا أو بعيدا , مسلما أو غير مسلم , غنيا أو فقيرا … أما بالنسبة لكراء الأملاك الحبسية العامة فيتم بناء على عقد بمقتضاه تمنح إدارة الأحباس منفعة عقار إلى آخر مزايدة خلال مدة معينة مقابل وجيبة كرائية يؤديها مسبقا”
[115] ظهير شريف رقم 1.09.236 صادر في 8 ربيع الأول 1431(23 فبراير 2010) يتعلق بمدونة الأوقاف , الجريدة الرسمية عدد 5847 بتاريخ فاتح رجب 1431(14 يونيو 2010) , ص 3154 .
[116] ينص الفصل 628 من ق ل ع على أنه :”يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى الأجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد”.
[117] يمكن الرجوع بخصوص هذه الإجراءات إلى المواد من 82 إلى 88 من مدونة الأوقاف .
[118] تنص الفقرة الأولى من المادة 101 من مدونة الأوقاف على أنه :”لا حق للمكتري في الإعفاء من الكراء أو استرداده كليا إلا إذا زرع الأرض ثم هلك كل الزرع نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة”.
[119] أمال خليل , “تأثير حالة الطوارئ على الكراء الحبسي “, مقال منشور على موقع :WWW .MAROC DROIT . COM // : HTTPS/
[120] تنص المادة الثانية من مدونة الأوقاف على أنه :” يعتبر النظر في شؤون الأوقاف العامة من صلاحيات جلالته الشريفة بصفته أميرا للمؤمنين. ويقوم بهذه المهمة تحت سلطته المباشرة وزيرا في الأوقاف والشؤون الإسلامية , في إطار التقيد بأحكام هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها”.
[121] تنص المادة 95 من مدونة الأوقاف على أنه :”إذا لم يؤد المكتري كراء ثلاثة أشهر داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ توصله بإنذار الأداء , اعتبر في حالة مطل , وترتب عنه الحق في فسخ العقد مع التعويض”.
[123] ظهير شريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان (24 فبراير 1958) يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية . ويعرف هذا الظهير الموظف في فصله الثاني على أنه :”يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”.
[124] عبد الله فرح,توجهات محكمة النقض في قضايا الاوقاف وتأثير كورونا على على الكراء الوقفي
[125] عبد الرزاق أصبيحي,الأوقاف بالمغرب والإجراءات اللازمة في ظل تداعيات جائحة كورونا,مقال منشور بمجلة مغرب القانونعدد خاص بعنون الدولة والقانون في زمن جائحة كورونا.
[126] تنص المادة 134 على أنه :”توضع للأوقاف العامة ميزانية سنوية خاصة بها , تكون مستقلة عن الميزانية العامة للدولة , وتقوم على أساس التوازن المالي بين الموارد والنفقات طبقا لأحكام هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها” .
[127] وهو نوع من الوقف يقوم على تبرع أصحاب الكفاءات والمهارات بجزء من أوقاتهم على سبيل الدوام لفائدة المؤسسات الخيرية ويمكن استثمار هذا النوع من الوقف في القطاع الصحي /التعليمي/الخدماتي …
[128] تنص المادة 140 من المدونة على أنه :”يجوز للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف التماس الإحسان العمومي تلقائيا ودون سابق إذن لفائدة الأوقاف العامة عن طريق جمع تبرعات نقدية أو عينية أو عن طريق إصدار سندات اكتتاب بقيمة محددة “تسمى سندات الوقف” , تخصص مداخيلها لإقامة مشاريع وقفية ذات صبغة دينية أو علمية أو اجتماعية .يحدد شكل سندات الوقف المذكورة وكيفية إصدارها وطريقة الاكتتاب فيها وكذا كيفية جمع التبرعات بموجب قرار للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف بعد استشارة المجلس الأعلى لمالية الأوقاف العامة” .