دور القضاء الإداري في مراقبة مشروعية قرارات الضبط الإداري

شارك

دور القضاء الإداري

في مراقبة

مشروعية قرارات الضبط الإداري

رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام

من إعداد البلاحث

طارق زريقين


    من المبادئ السائدة أن الحقوق والحريات تتعارض فيما بينها، لذلك فحتى يمكن التمتع بحرية ما يحميها القانون، فإنه يتحتم الحد من حرية أخرى غير منضبطة وغير منظمة قانونا، وذلك باستخدام وظيفة الضبط.

    وعليه، فإن هيئات الضبط الإداري أو الشرطة الإدارية تهدف من خلال ما تتخذه من إجراءات قانونية وأعمال مادية إلى حماية نظام الدولة وكيانها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

    إلى جانب وقاية الأفراد في المجتمع من كل خطر قد يهددهم، بمعنى حماية النظام المجتمعي ووجوده، مما يتطلب معه على سلطات الضبط أن تعمل على إحداث نوع من التوازن بين مطلب حماية الحقوق والحريات، وبين ضرورة الحفاظ على النظام العام وصونه.

     وذلك من خلال اعتماد مقاربة تشاركية قائمة على الحكامة الجيدة تضمن للأفراد حدا معقولا من حقوقهم وحرياتهم من جهة، ومن جهة أخرى تكفل للجماعة أمنها واستقرارها ونموها.

آلية التخطيط الاستراتيجي بالجماعات الترابية ودورها في تحقيق التنمية المحلية

    إن تفعيل هذا المنهاج رهين بتحديد حدود وأبعاد وظيفة الضبط الإداري، وعلى هذا الأساس، فإذا كانت وظيفة الشرطة الإدارية تدبير وقائي لازم للنظام المجتمعي، فإن تأطيرها بنظام قانوني مسألة أساسية للحد من كل تجاوز لأهدافها.

     لذلك يتكفل القانون برسم إطار للحقوق والحريات في أحد المجالات التي يتكفل بها الدستور أصلا، باعتباره قانون القوانين، يتولى وضع قواعد ومبادئ تحكم الحقوق والحريات تنزيلا لالتزاماته الدولية.

     هذا وتعتبر أعمال الضبط الإداري تدابير مانعة وقائية، وسابقة على حدوث تهديد يخل بالنظام العام، ويظهر ذلك في التصدي إلى كل ما يهدد استقراره، باتخاذ كل الإجراءات الوقائية قبل وقوع الإخلال الفعلي به.

    أو حتى بعد وقوعه، إذا لم يصل إلى جريمة جزائية التي تباشر فيها وظيفة الضبط القضائي بهدف معاقبة مرتكبيها.

    إلا أنه في بعض الأحيان تستمر مهمة الضبط الإداري بعد وقوع الاضطرابات، وهذا معناه أن التدابير في هذا الحالة ليست مانعة، وانما تأخذ أسلوب الجزاءات الإدارية كالاعتقال أو سحب الترخيص أو
المصادر.

التعاقد ودوره على ضوء الحكامة الجيدة لتدبير الشأن العام الترابي

    تماشيا مع ذلك، فالضبط الإداري يعد ضرورة اجتماعية، فهو عبارة عن مجموعة من الوسائل التي تفرضها هيئات الضبط الإداري على حريات الأشخاص، أو نشاطاتهم بهدف الحفاظ على النظام العام.

      وتأخذ شكل لوائح أو قرارات تنظيمية، أو قرارات فردية، أو جزاءات إدارية، ويترتب عنها تقييد لحقوق وحريات الأشخاص بالقدر الذي يضمن إيجاد نوع من التوازن بين متطلبات ممارسة الحقوق والحريات، ومتطلبات الحفاظ على النظام العام، وهذه الملائمة يحددها المشرع، وتنفذها هيئات الضبط الإداري.

      إشكالية الموضوع:

    ويسعى الباحث من خلال اختياره لهذا الموضوع طرح إشكالية حول آليات الضبط الإداري كتعبير عن قدرة الإدارة في التأثير على حركية المجتمع وتطوره، حفاظا على مكونات المجتمع واستجابة لحاجياته بطرق عقلانية حامية لحقوقه، تعتمد على حرية الانتماء داخل فضاء عمومي مشترك .

      وعلى ضوء ما سبق، كيف يمكن قياس فعالية آليات الضبط الإداري لضمان توازن بين الحفاظ على النظام العام من جهة واحترام الحقوق والحريات من جهة أخرى، ارتكازا على ما مدى فعالية جهاز الرقابة القضائية على قرارات الضبط الإداري وفق مقاربة قانونية وحقوقية قائمة على مبدأ التناسبية والموازنة؟ 

اترك رد

error: Content is protected !!