تصرف الشريك في العقار المملوك على الشياع ـدراسة مقارنةـ
الباحث: عبد الصمد مبيطل
باحث في القانون الخاص
خريج ماستر المعاملات العقارية ـ الكلية متعددة التخصصات تازة
حاصل على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة
حاول الباحث من خلال هذا البحث التطرق لحكم التصرفات القانونية التي يجريها الشريك منفردا في العقار المشاع وكذا الآثار المترتبة عنها، وخلصنا إلى أن الشريك عندما يتصرف في حصته الشائعة، فإن هذا التصرف يكون حكمه الجوار إطلاقا، ما لم يقيده في ذلك القانون أو الاتفاق، فيجوز له نقل ملكيتها أو ترتيب حق عيني أو شخصي عليها، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بتصرفات في غير حصته الشائعة نجد الأمر على خلاف ذلك، فتصرفه في جزء مفرز من العقار المشاع يكون متوقفا على شرط واقف وهو حصول القسمة ووقوع الجزء المتصرف فيه من نصيبه، على أنه في حالة عدم تحقق هذا الشرط، فإنه يعد وكأنه تصرف في ملك غيره وبالتالي موافقة الشريك الذي وقع الجزء المتصرف فيه من نصيبه حتى ينفذ التصرف، أو إعمال قواعد التصرف في ملك الغير وإبطاله، أما عندما يتعلق الأمر بتصرف الشريك في كل العقار المشاع، فإن هذا التصرف لا يكون نافذا فيما زاد على حصته الشائعة، بحيث إن ذلك يتطلب موافقة كل الشركاء، مع استحضار خصوصية بيع الصفقة كحالة خاصة ينفرد بها الفقه المالكي المغربي منه على الخصوص، والتي ترتب آثارا خاصة.
فإذا كان التنظيم القانوني الذي أولاه المشرع المغربي للشيوع بوجه عام، ولأحكام التصرف القانوني للشريك في العقار المشاع على وجه الخصوص غاية في الأهمية، إلا أنه كان مشوبا بالقصور، بحيث أغفل عدة جوانب منه، الشيء الذي أحدث العديد من الثغرات التي زادت من حدة الخلاف سواء بين فقهاء الشريعة أو بين شراح القانون، وهو ما انعكس سلبا على العمل القضائي.
وبناء عليه، خلص الباحث إلى مجموعة من الملاحظات يمكن إجمالها كالآتي:
- أن المشرع المغربي لم يقيد الشريك عند تصرفه في حصته الشائعة بقيد عدم الإضرار بباقي الشركاء، عكس بعض التشريعات العربية التي جعلته قيدا على الشريك كالتشريع المصري والتشريع اليمني؛
- أن المشرع المغربي من خلال المادة 306 من م ح ع عند حديثه عن الأجل الذي يتعين معه على الشفيع أن يودع ثمن البيع بصندوق المحكمة، جاء بعبارة “الأجل القانوني” دون تحديد هل المقصود به أجل الثلاثة أيام المحدد بمقتضى الفصل 974 من ق ل ع م، أم الأجل المحدد في المادة 304 من م ح ع، وهو ما أثار نقاشا بين الفقه، بل أثر حتى على العمل القضائي الذي يتضارب في كثير من الأحيان؛
- أن المشرع المغربي جاء بمصطلح “التصرف” في الفصل 523 من ق ج بشكل يوحي أن جنحة التصرف في مال مشترك بسوء نية تشمل كلا من التصرفات القانونية والتصرفات المادية، إلا أن القضاء حصرها في التصرفات القانونية وحدها؛
- أن المشرع المغربي لم ينص صراحة على مدى إمكانية معاوضة الحصة الشائعة، أو وقفها، عكس بعض التشريعات العربية كالتشريع الجزائري؛
- أن المشرع المغربي لم يحدد حكم تصرف الشريك في جزء مفرز من العقار المشاع بنص خاص، عكس بعض التشريعات العربية كالتشريعين المصري والسوري؛
- أن المشرع المغربي لم يخول لمشري جزء مفرز طلب إبطال التصرف في حالة جهله بواقعة الشياع عكس بعض التشريعات العربية كالتشريع المصري؛
- أن المقتضيات المنظمة للتصرف في ملك الغير في ق ل ع م مقتصرة فقط على بيع ملك الغير دون باقي التصرفات الأخرى كالإيجار أو الرهن؛
- أن المشرع المغربي لم يعط للشركاء إمكانية رفع دعوى الاستحقاق في حالة تصرف أحد الشركاء في جزء مفرز من العقار أو العقار المشاع في مجموعه، عكس ما قامت به بعض التشريعات العربية كالتشريع الأردني من خلال المادة 197 من ق م أ؛
- أن المشرع المغربي لم ينظم بيع الصفقة كنوع خاص من البيوع بالرغم من أن العمل القضائي يفعل هذه المؤسسة الفريدة التي ابتدعها الفقه المالكي المغربي.
ومن أجل ذلك فقد قدم بعض الحلول والاقتراحات التي من شأنها أن تساعد تسهيل التصرف في العقار المملوك على الشياع:
- ضرورة تدخل المشرع المغربي بخصوص مسألة وقف المشاع أن يحذو حذو المشرع الجزائري، من خلال التنصيص على إمكانية وقف العقار المشاع فقط الذي يقبل القسمة، لأن بقاء الموقوف مملوك على الشياع مع الشركاء، قد يثير مجموعة من النزاعات التي من شأنها أن تعرقل الدور التنموي الذي تلعبه هذه المؤسسة الفريدة؛
- قيام المشرع المغربي بتحديد مصير التصرفات التي يرتبها الشريك على جزء مفرز من العقار المشاع قبل القسمة، تماشيا مع ما أقره المشرع العراقي بهذا الخصوص؛
- حماية لاستقرار المعاملات ومبدأ الأمن التعاقدي أن يخول لمشتري جزء مفرز من العقار المشاع حق طلب إبطال هذا التصرف، وذلك كما فعل كل من المشرعين الجزائري والمصري؛
- قيام المشرع المغربي بتنظيم الأحكام المنظمة لبيع الصفقة بمقتضى نصوص قانونية وعدم الاكتفاء بأحكام الفقه المالكي، تيسيرا للعمل القضاء بهذا الخصوص خاصة وأنه لا يوجد نص تشريعي يوجب على القاضي التعامل مع مصادر فقهية محددة؛
وقد اعتمد الباحث في هذا الموضوع المناهج التالية:
– الاعتماد بالدرجة الأولى على المنهج المقارن، من خلال مقارنة القواعد القانونية للتشريع المغربي المنظمة للتصرف في العقار المشاع، مع تلك المقررة في بعض التشريعات الأخرى، ومقارنتها مع الأحكام المنظمة للشيوع في الفقه الإسلامي بمذاهبه الأربعة.
– المنهج الوصفي، من خلال رصد مسائل الشيوع وتكييف طبيعة التصرفات القانونية التي يجريها الشريك، وذلك بالوقوف على كل تصرف قانوني على حدة مميزين في ذلك بين التصرفات المنصبة على الحصة الشائعة، والمنصبة على جزء مفرز من العقار، أو على العقار المشاع في مجموعه.
– المنهج الاستقرائي وذلك بتتبع أقوال الفقهاء في كل من الفقه الإسلامي باعتباره الإطار العام لأحكام الشيوع والفقه القانوني كإطار خاص، وذكر الخلاف الموجود في كل مسألة.
– المنهج التحليلي الذي يقتضي تحليل النصوص القانونية المنظمة للشيوع، والأحكام والقرارات القضائية المرتبطة بها، وتفكيكها بشكل يساعد على فهم الأحكام المنظمة لأعمال التصرف.
كما قام الباحث بتوزيع عناصر الموضوع على فصلين على النحو التالي:
الفصل الأول: تصرف الشريك في حصته الشائعة في العقار المشاع.
الفصل الثاني: تصرف الشريك في غير حصته الشائعة في العقار المشاع.
مع التمهيد لهما بجملة من الأحكام العامة للشيوع، التي تعد مدخلا أساسيا لفهم القواعد القانونية المنظمة للتصرف القانوني للشريك في العقار المشاع.
تعليق واحد
مهتم