الازمة النووية الايرانية

شارك

     بدأ البرنامج النووي الإيراني في الخمسينيات من القرن الماضي بمساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية بدعم و تشجيع و شراكة حكومات أوربا الغربية. واستمر التعاون حتى قيام الثورة الإسلامية الإيرانية و إسقاط الشاه سنة 1997، وقد تم إيقاف البرنامج بعد الثورة مؤقتا و أعيد تشغيله مجددا بقليل من المساعدة الغربية كألمانيا و روسيا، و بدأ التوتر في العلاقات مع إيران نتيجة لهذا البرنامج النووي .

     لقد أثار الملف النووي الإيراني جدلا واسعا في السنوات القليلة الماضية، إذ حضي بالاهتمام الكبير من طرف الباحثين و مراكز الأبحاث و أجهزة الاستخبارات و المنظمات المعنية باستخدامات الطاقة النووية لأزيد من 10 سنوات، و ذلك بعد التحول في موقف الدول الغربية من البرنامج النووي الإيراني و خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت هذه الأخيرة الراعية و المشجعة للشاه محمد رضا بهلوي في هذا المجال في إطار ما عرف ب ” الذرة من أجل السلام”. لتصبح بعد ذلك المناوئة بقوة لآية الله خامنئي لاسيما مع الحديث عن مخاطر هذا البرنامج على الأمن و السلم الدوليين.

   وتعتبر الأزمة الأمريكية الإيرانية إحدى الأزمات الدولية و التي كان محورها الخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ العام 1997، حول برنامج إيران النووي و موقف أمريكا الرافض له، و الذي كان له انعكاساته الواضحة على المنطقة. لقد سعت إيران لتطوير قدراتها النووية و تحويلها لامتلاك السلاح النووي و ليس مجرد بناء المفاعلات. و يندرج الإطار النظري لهذه الدراسة ضمن رؤية النظرية الواقعية في العلاقات الدولية، التي ترى أن العلاقات بين الدول تبنى على المصالح و أن الدول تسعى إلى تحقيق مصالحها بامتلاكها القوة.

    تكمن أهمية البحث في موضوع البرنامج النووي الإيراني في الأزمة الدولية التي خلقها نتيجة تناقض و تباين وجهات النظر بين أطراف الأزمة و هي إيران من جهة و التي تصر على كون برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، و الطرف الآخر الذي تقوده بشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية، و التي تشكك في ادعاءات إيران و تتهمها بكون برنامجها النووي يوجد تحت ثناياه برنامج نووي عسكري سري يهدف إلى امتلاك السلاح النووي، كما تكمن أهمية البحث أيضا في الربط بين امتلاك أسلحة الدمار الشامل و الإرهاب ، هذا الربط الذي تعزز بعد أحداث 11 شتنبر و التي نتج عنها تغيير جوهري في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية التي تحولت من استراتيجية الردع إلى استراتيجية الضربة الاستباقية.

إن اختلاف الرؤى و الأهداف الاستراتيجية و المصالح أدى إلى تبادل الاتهامات بين أطراف الأزمة  هذه الأخيرة التي كان من الممكن أن تتعقد و تتحول إلى مواجهة عسكرية يكون لها عواقب مدمرة على ولا شك  منطقة الشرق الأوسط برمتها . فكيف تم التعاطي مع هذه الأزمة ؟ أي كيف تمت إدارتها ؟  قبل الإجابة عن هذا السؤال المحوري في المبحث الثاني سنعمل على معرفة دوافع إيران لتبنيها البرنامج النووي ثم المراحل التي مر منها هذا الأخير وكذلك تداعياته من خلال ردود الفعل التي أثارها ،لذلك سنختار التصميم التالي :

المبحث الأول : الطموحات الاستراتيجية لإيران وتداعيات برنامجها النووي

المبحث الثاني : البرنامج النووي الإيراني من الأزمة إلى التسوية

المبحث الأول: الطموحات الاستراتيجية لإيران و تداعيات برنامجها النووي

لقد تعددت الأهداف والطموحات الإيرانية وراء تبني البرنامج النووي، هذا البرنامج الذي خلف تداعيات ومواقف دولية متعددة، وسنتناول هذا المبحث من خلال مطلبين، نخصص الأول لدوافع وتطور البرنامج النووي الإيراني، على أن نخصص المطلب الثاني لتداعياته .

المطلب الأول: دوافع و تطور البرنامج النووي الإيراني

لا شك أن وراء سعي إيران واجتهادها لامتلاك القدرة النووية وتطويرها مجموعة من الدوافع (الفقرة1) جعلتها تؤسس لبرنامج نووي، هذا الأخير الذي مر من عدة مراحل (الفقرة2 ).

الفقرة الأولى: دوافع امتلاك القدرة النووية و تطويرها

لقد راود حلم امتلاك قدرة نووية القادة الإيرانيين منذ أيام الشاه  في منتصف القرن العشرين، لاسيما مع وجود ثروة بترولية تسمح بتمويل المشروع النووي، و في ظل التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، و الدور الذي اضطلعت به إيران كشرطي في وجه النفوذ السوفياتي أيام الحرب الباردة[1]، و لم يؤثر في ذلك التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية سنة 1968، حيث أنها أعطت الحق وفقا للمادة 4 من إنتاج و استعمال و تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية، و امتلاك المواد و الأجهزة و المعلومات التكنولوجية المتعلقة لها؛ و بذلك فقد أعلن القادة الإيرانيون في أوائل التسعينيات، أي في أعقاب استئناف العمل بالبرنامج النووي، أنهم يسعون إلى تحقيق إنجازات سلمية بالكامل، و أن اهتمامهم بالتكنولوجيا النووية لا يخرج عن ذلك، و أكدوا مرارا أن تطوير الطاقة النووية بإتقان دورة الوقود النووي ، يدخل ضمن حرص إيران على أن تصبح في المستقبل مزودا للدول الأخرى بالوقود النووي[2].

     و ظلوا مصرين على ذلك، فقد أشارت تصريحيتهم، و ما تزال،  إلى أن برنامجهم يرمي إلى توفير الطاقة السلمية التي تحتاجها البلاد في مختلف المجالات و خصوصا في مجالات الكهرباء و الصحة و الاقتصاد.[3]

     و عموما يشير الباحثون و المحللون السياسيون إلى مجموعة من الدوافع المتداخلة فيما بينها، و التي تقف خلف السياسية النووية لإيران لعل أهمها خمسة دوافع، نتطرق لها كما يلي:

أولا دعم الاقتصاد الوطني

     لاشك أن أي دولة تسعى إلى دعم اقتصادها الوطني، خصوصا إذا كان يعاني من اختلالات، و بالنظر إلى الاقتصاد الإيراني نجده يعاني من عدة اختلالات هيكلية، تظهر من خلال عدم تساوي قطاعاته في المساهمة في الناتج الإجمالي المحلي، بشكل يتناقض مع ما هو معروف في الاقتصاديات المتقدمة فمثلا قطاع الخدمات لوحده يساهم بنسبة 50 % من الناتج المحلي الإجمالي أما قطاع الصناعات التحويلية فلا تتجاوز مساهمتها  11.20 %، من جهة أخرى نجد الاقتصاد الإيراني يعاني من الطبيعة الريعية، فبالرغم من تنوعه الكبير إذ يضم النفط و مشتقاته و الغاز، و الفواكه و المنسوجات و المكسرات… إلا أن الجزء الأكبر من صادراته هي من السلعتين الأولى و الثانية؛ ثم إن المشكلة الحقيقية تكمن في اعتماد الاقتصاد الإيراني على مصادر طاقة غير متجددة، مما يجعل التفكير في موارد بديلة ضرورة ملحة .

ثانيا: الإسهام في النهضة العلمية

تنظر القيادة السياسية الإيرانية إلى البرنامج النووي كجزء من الجهد الذي تبدله الدولة على طريق النهضة العلمية، يظهر ذلك ليس فقط في التصريحات الرسمية، و إنما أيضا مواكبة هذا البرنامج للمسار العلمي، بحيث يشير الاثنان إلى رؤية استراتيجية لمستقبل إيران، و الواقع يظهر بالفعل أن إيران قطعت أشواطا كبيرة في طريق النهضة العلمية، و يبدو ذلك جليا من خلال زيادة عدد الجامعات، و التقدم الصناعي سواء المدني أو العسكري، لذلك ترفض القيادات السياسية الإيرانية محافظة كانت أم إصلاحية فكرة وقف عملية تخصيب اليورانيوم، لأن هذه العملية تبين مدى التقدم العلمي و التقني الذي وصلت إليه الدولة الإيرانية، و كيف نجح آية الله علي خامنئي خلال فترة قصيرة في إنجاز ما أخفق فيه الشاه.[4]

ثالثا: حماية النظام الإسلامي

     يتعلق الأمر هنا بجانب قيمي، غير مادي و هو الجانب الروحي، و يبدو أكثر وضوحا لدى المتشددين من الإيرانيين، و في هذا السياق يقول نائب الرئيس الإيراني آية الله مهاجراني في المؤتمر الإسلامي في طهران سنة 1922 ” طالما تقوم إسرائيل بمواصلة امتلاكها للسلاح النووي، فإن الواجب يحتم علينا نحن المسلمون التعاون فيما بيننا لإنتاج قنبلة نووية، بغض النظر عن جهود الأمم المتحدة لمنع الانتشار[5]، و هذا يعني أن الطموح النووي الإيراني يعد من وجهة نظر المسؤولين الإيرانيين، مصدرا لتدعيم نظام الحكم الإسلامي الشيعي، أي أنه كلما تقدمت بالدولة في هذا المجال كلما زادت شعبية القيادات الإيرانية.

رابعا : مواجهة التحديات النووية الخارجية

     لاشك أن امتلاك القدرة النووية هو أمر جد مهم في ظل بيئة دولية لا تخلو من المخاطر، خصوصا و أن إيران تجد نفسها محاطة بدول تمتلك أسلحة غير تقليدية، كباكستان في الشرق و إسرائيل في الغرب، و روسيا في الشمال، هذا فضلا عن القوات الأمريكية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم و خصوصا في الخليج العربي جنوبا، أضف إلى ذلك تجربتها مع العراق، و التهديدات الإسرائيلية و الأمريكية، و هي قابلة للتنفيذ في أية لحظة.

     لذلك ترى إيران أنه لابد من امتلاك مصادر القوة العسكرية ضمن الاستعداد لأي حرب أو حروب قادمة في إطار الاعتماد على الذات، و يرى أكثر  من باحث أنه يمكن النظر إلى البرنامج النووي الإيراني في هذا السياق، أي من خلال امتلاك أسرار الصناعات النووية لاسيما و أن ذلك لا يتعارض مع معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.[6]

خامسا: تعزيز مكانة إيران النووية

     على الرغم من المقدرة الجيوسياسية لإيران فإنها لم تتمكن من تحويلها إلى امتيازات سياسية، فهي دولة تنظر إليها عدد من الأنظمة العربية على أساس أنها دولة شيعية غير عربية، مما يجعلها تفتقر إلى التوحد الطبيعي مع محيطها، كما تفتقر أيضا إلى أصدقاء استراتيجيين يمكنها الاعتماد عليهم، و لذلك لم تستطع مثلا إقامة علاقات إقليمية ذات أهمية، و هي على سبيل المثال ليست موجودة في مجلس التعاون الخليجي و مع أن علاقاتها مع الهند و الصين في تطور مستمر، إلا أن هاتين الدولتين، مثل روسيا، لا ترغبان في رؤيتها كدولة نووية[7]، و من المعلوم أن امتلاك أي دولة للسلاح النووي يحقق لها مكاسب متعددة أو متنوعة، و لا يختلف الأمر بالنسبة لإيران، إذا أن امتلاكها لهذا السلاح لابد و أن تعطيها مكانة مرموقة توفر لها ميزة تفاوضية مع خصومها، و تمكنها و بالتالي من الوصول إلى الأهداف التي تسعى إليها أو على الأقل الاقتراب كثيرا منها.

     و يرى القادة الإيرانيون أن إيران يمكن أن تقوم بدور إقليمي في ضوء قدراتها التي تؤهلها لأن تكون قوة اقتصادية و عسكرية عظمى، و هي تؤكد ذلك عن طريق التدرج في بناء دولة قوية، و لذلك ارتبط برنامجها النووي بالرؤية الاستراتيجية في العهد الجمهوري[8]

الفقرة الثانية: مراحل تطور البرنامج النووي الإيراني

لابد من الإشارة في البداية إلى أن المحاولات الإيرانية للحصول على الطاقة النووية بدأت في ظل الحكم المالكي ( في عهد الشاه) بدءا من سنة 1957 و استمرت إلى حين وقوع الثورة الإسلامية، حيث دخلت مرحلة تعليق للبرنامج النووي من طرف القادة الإسلاميين، بسبب موقفهم الديني السلبي منه، و الذي تعزز بفتوى أصدرها آية الله على خامنئي بمنع إنتاج الأسلحة النووية بأي شكل، و ثم بذلك تعطيل البرنامج و إلغاء صفقات الأسلحة و المشاريع الصناعية المرتبطة به، و استمرت هذه السياسة لخمس أعوام بعض الثورة أي حتى مارس 1984 عندما قامت العراق  بضرب مفاعلات بوشهر، ليبرز لدى الإيرانيين شعور بتعاظم القوة العراقية، و ثم إدراك مدى أهمية بناء قوة نووية، ليدخل بذلك البرنامج النووي مرحلة جديدة  و بالرغم من أن المراحل التي مر بها البرنامج النووي متداخلة مع بعضها البعض إلى حد كبير، إلا أنه يمكن التمييز بين ثلاث مراحل أساسية نتناولها كما يلي:

أولا : مرحلة التأسيس 1958- 1979

كانت البداية متواضعة في سنة 1958 و بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، عندما حصلت إيران على مفاعل نووي بحثي بقدرة خمسة ميغاوات، و عدة كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب، و بعض المساعدات الفنية بموجب برنامج الذرة من أجل السلام [9]، و بدأ العمل فعلا في ذلك المفاعل النووي سنة  1967 [10]  في مركز طهران للبحوث النووية، و في سنة 1974 ثم إنشاء منظمة الطاقة الذرية لإيران للإشراف على تنفيذ البرنامج النووي، و ألحقت بالقصر الإمبراطوري لتكون تحت إشراف الشاه نفسه و هي تعمل على مستويين رئيسيين يتعلق الأول بتنظيم عمل منشآت البرنامج النووي، أما الثاني فيتعلق بتسهيل التعاون مع المؤسسات الدولية.

إقرأ: تسبيب القرارات الإدارية

     لقد كان الشاه محمد رضا بهلوي متحمسا للحصول على التقنية النووية، مبرزا ذلك بحاجة بلاده إلى الطاقة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات حول مدى حاجة إيران إلى مثل هذه الطاقة في الوقت الذي تمتلك فيه احتياطيا ضخما من النفط و الغاز الطبيعيين جهة، مقابل اهتمامه ببناء قوة عسكرية كانت هي الأكثر تسلحا كما و نوعا و تحديثا من كل تلك التي كانت سائدة في منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى.

     و قد قامت إيران بإبرام العديد من العقود مع مجموعة من المؤسسات لعل أهمها العقد المبرم مع مؤسسة كرافت ويرك (kwu) الألمانية في العام 1974، و الذي تضمن بناء مفاعلين نوويين ، أحدهما بقدرة 1300 ميغاواط و الآخر بقدرة 1200 ميغاواط غير أن التعاون الإيراني في ذلك الوقت في المجال النووي لم يكن مقتصرا على ألمانيا و الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل تعداهما إلى دول غربية أخرى كفرنسا[11]

     و لم يكن توجه الشاه  و السعي للحصول على التقنية النووية مقتصرا على الدعم الذي حظي به من قبل الغرب فقط، و إنما أيضا شمل دولا أخرى في آسيا و إفريقيا مثل الهند التي قامت و منذ وقت مبكر بتدعيم البرنامج النووي الإيراني بشكل ملفت للنظر، لاسيما في مجال تدريب العلماء الإيرانيين و المستشارين، و كذلك جنوب إفريقيا، حيث أبرمت معها عقدا ساريا عام 1976 بقيمة 700 مليون دولار أمريكي لشراء مادة ( الكيك الأصفر)، توصلا إلى اتفاق تحصل بموجب إيران على 1000 طن من هذه المادة سنويا.

     إن تقييما عاما لطبيعة البرنامج النووي الإيراني  الذي أراده الشاه و أرسى قواعده، يتبين لنا أنه يحمل في ثناياه نوايا مغايرة تتعلق بالسعي للحصول على السلاح النووي على الرغم من ادعائه أن أهدافه تسعى إلى الحصول على الطاقة الكهربائية.

ثانيا: مرحلة التوقف و العودة 1979- 1984

     يرى الكثير من المختصين في متابعة البرنامج النووي الإيراني، أن سياسة إيران النووية قد شملها التغيير عند قيام الثورة الإسلامية، و باتت مغايرة لما كانت عليه في العهد الإمبراطوري ( الشاه)، و ظلت كذلك عدة سنوات لاحقة، و السؤال الذي يطرح هنا هل كان هناك تغيير حقيقي في تلك السياسة ؟

     بمعنى هل تم فعلا إيقاف البرنامج النووي الإيراني مع وصول الإسلاميين إلى الحكم ؟

     الإجابة بنعم قد تبدو واضحة لدى الكثير ممن يرون أن الثورة الإسلامية قد أخذت تنظر بازدراء إلى البرنامج النووي للشاه، و قامت بإلغاء صفقات الأسلحة الضخمة مع الولايات المتحدة الأمريكية و المشاريع الصناعية مع فرنسا و ألمانيا و اليابان، كما أن آية الله الخميني قد ازدرى علانية علوم الغرب و تكنولوجياته معلنا أن إيران ستعود إلى قيمها الإسلامية [12]، و انهارت بذلك الاتفاقيات التي كان قد عقدها الشاه مع الغرب، و توقف العمل ببناء المفاعلات النووية؛ لكن و مع أهمية هذه المعطيات و غيرها التي تفيد بأن إيران في السنوات الأولى من الحكم الجمهوري الإسلامي، قد استغنت عن برنامجها النووي الذي بدأه الشاه، نجد أنفسنا أمام حقائق أخرى قد تفند الرأي السابق، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: [13]

1- أن نظام الحكم الجديد لم يوقف فعليا الجهود البحثية النووية، بدليل أنه قد أبقى على المفاعل البحثي الصغير الذي سبق و أن وضعه الشاه في كلية أمير آباد التكنولوجية، و استمر هذا المفاعل يعمل لأغراض البحث النووي، و تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، و استمر تدريب الاختصاصيين الإيرانيين على هذا المفاعل البحثي، كما استمرت نشاطات البحث النووية فيه.

2- أدى وقوع حريق داخل محطة توليد الطاقة النووية في بوشهر عام 1982 إلى توقف العمل في تلك المحطة، مما يوحي بأن الحريق قد نتج من جراء وجود أعمال داخل المحطة لا سيما و أن المصادر لم تشر إلى أسباب الحريق، بالإضافة إلى أن حجم الضرر كان كبيرا مما يعني أن الحادث قد حصل الأجزاء الأساسية للمحطة ، أي في البنية التحتية للمفاعلات.

3- أن السلطات الإيرانية الجديدة على الرغم من إعلانها أنها ضد البرنامج النووي للشاه، و إعلان حكومة بازركان عن التخلي عن مفاعل بوشهر، إلا أنه الملاحظ أنها لم تنفذ تلك السياسة فعليا، بدليل أن حوالي 300 أو 400 تقني إيراني استمروا في ممارسة أعمالهم في الموقع المذكور بعد مغادرة التقنيين الأجانب إبان وقوع الثورة.

هذه الحقائق، إلى جانب غيرها، تفيد أن الإيرانيين الإسلاميين لم يصرفوا اهتمامهم عن متابعة البرنامج النووي الذي أرسى دعائمه الشاه كليا، أو أنهم قد ألغوه فعلا، و إنما قاموا بتعليقه فقط.

ثالثا: مرحلة الاندفاع المكثف   2004-1984

     بدأ النظام الجديد في عام 1984 العمل الجدي من أجل مواصلة و تحديث البرنامج النووي، و لم تخف إيران نيتها في استئناف برنامجها النووي، حيث بدأت تتحرك بسرعة شديدة باتجاه الحصول على السلاح النووي، و يبدو أن تطورات الحرب مع العراق في منتصف الثمانينيات قد أدت إلى إحداث تحولات جذرية في التفكير الاستراتيجي الإيراني عموما، و في المجال النووي خصوصا، عندما وجدت القيادة الإيرانية أنه من الحيوي بالنسبة لها أن تهتم بإعادة إحياء البرنامج النووي، ودورة الوقود النووي اللازمة لهذا، كما قامت الحكومة الإيرانية بتعزيز و دعم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية[14]، و اتخذت قرار بالاستمرار في بناء محطات بوشهر و بالفعل تم استئناف العمل بها في عام 1984، و قد قامت السلطات الإيرانية بالعديد من الإجراءات، و الاتفاقيات في إطار سعيها الحثيث لتطوير قدراتها النووية[15]

     و حينما انتهت الحرب الإيرانية العراقية عام 1988، بدأت إيران ببرنامج ضخم لإعادة بناء جيشها، لتعوض ما فقد منه أثناء تلك الحرب، و قد شمل ذلك البرنامج توجها قويا لتفعيل برنامج أسلحة الدمار الشامل، و الذي ترافق سعي إيران في الحصول عليه مع مخاوفها من البرنامج النووي الإسرائيلي و البرنامج النووي العراقي، مما حدا بها إلى الاندفاع باتجاه الصين، الهند، الأرجنتين، باكستان و ألمانيا للحصول على التكنولوجيا النووية اللازمة.

     إن ما يمكن استنتاجه من خلال ما سبق أن البرنامج النووي الإيراني في هذه المرحلة، قد عانى من توقف شبه تام خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الثورة الإسلامية، و على ما يبدو أن هذا الأمر قد حصل نتيجة عوامل داخلية و خارجية، و هذه العوامل كانت بالدرجة الأولى عوامل سياسية و إيديولوجية، و قد مر هذا البرنامج بفترة يمكن تشبيهها بحالة تجميد بسبب  من تلك العوامل ، و أن انطلاقته الجدية كانت في العام 1984 برغم الظروف الصعبة التي كانت تعيشها إيران بسبب حربها مع العراق، في الوقت الذي ربما كانت تلك الحرب سببا فعالا في إيقاظه من سباته.

المطلب الثاني: تداعيات البرنامج النووي الإيراني

لقد خلف برنامج إيران النووي عدة ردود أفعال ومواقف لعدد من الفاعلين الدوليين، وسنقتصر على دراسة موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية و مجلس الأمن (الفقرة 1) ثم الموقف الأمريكي والأوروبي والروسي (الفقرة 2 ) باعتبار هذه الأطراف ذات دور محوري  في التعاطي مع الأزمة التي خلفها برنامج إيران النووي .

الفقرة الأولى: موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية و مجلس الأمن

أولا: موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية

     تلخص موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية في البرنامج النووي الإيراني بأن إيران ترفض الانصياع لشروط و أنظمة الوكالة الدولية، حيث رفضت تقديم بيانات و معلومات شاملة و سليمة عن كافة أنشطتها النووية، كما ثبت قيامها بأنشطة محظورة في مجال تخصيب اليورانيوم، إضافة إلى عدم توقيعها البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، و الذي يفرض عليها التوقف نهائيا عن أي أنشطة لتخصيب اليورانيوم.[16]

    و قد بدأت الوكالة تولي اهتماما متزايدا للحالة الإيرانية منذ شتنبر 2002، حيث أنه قبل هذا التاريخ كانت العلاقات بين الجانبين تقتصر على عمليات التفتيش و المراقبة للمنشآت النووية الإيرانية من قبل مفتشي الوكالة، وفق نظام الضمانات المعمول به، هذا النظام الذي يسري تطبيقه على جميع الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي؛ إلا أن ورود معلومات إلى الوكالة بشأن قيام إيران بإقامة منشآت خاصة بدورة الوقود النووي جعل العلاقات مع إيران تنتقل من الحالة العادية إلى الحالة الخاصة، حيث قام المدير العام للوكالة في اجتماع مجلس أمناء الوكالة في مارس 2003، بعرض تقرير خاص عن نتائج زيارته لإيران في الشهر السابق عن الاجتماع، تم جرى تكليفه من قبل مجلس الأمناء في يونيو 2003 بعرض تقرير دوري عن إيران.

    و يمكن القول أن التحولات الجوهرية في التعاون بين إيران و الوكالة، كانت تحدث في الفترات التي تفرض فيها مهلة نهائية أو إنذار زمني محدد على إيران للكشف عن الغموض في برنامجها النووي، باعتبار ذلك أعلى مستوى لتكتيف الضغوط على إيران، مما كان يضطرها إلى تعزيز تعاونها مع الوكالة، كالمهلة التي وجهها مجلس أمناء الوكالة لإيران في 12 شتنبر 2003، و حتى آخر أكتوبر 2003، هذه المهلة التي دفعت إيران نحو إعلان موافقتها على الانضمام للبروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الانتشار النووي.[17]

     فرغم رفض إيران لهذه المهلة في بداية الأمر و اعتبارها تصرفا غير مسؤول من شأنه تدمير التعاون بين إيران و الوكالة، كما أنها أبدت تخوفها من أن التوقيع على البروتوكول يمكن أن يؤدي إلى المساس بسيادة إيران على أراضيها، و أن تستغل عمليات التفتيش المفاجئ على المنشآت النووية كستار للتجسس على إيران، بالإضافة إلى مطالبتها – كمقابل للتوقيع على البروتوكول – بضمان حقها في الحصول على التكنولوجيا النووية الخاصة بالاستخدامات السليمة للطاقة الذرية و إسقاط الولايات المتحدة الأمريكية للعقوبات المفروضة عليها؛ إلا أنها وقعت رسميا على البروتوكول في مقر الوكالة في جنيف بتاريخ 18 دجنبر 2003[18].

     لكن رغم ذلك استمرت إيران بجهودها في تخصيب  اليورانيوم متجاهلة الوكالة الدولية و أنظمتها و رافضة كل العروض الغربية لمساعدتها على تخصيب اليورانيوم خارج إيران، فجاء التقرير الصادر عن الوكالة في 2/2/2006 مؤكدا أن الوكالة غير قادرة على التأكد من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني بعد 3 سنوات من العمل المكثف، فكان هذا التقرير تمهيدا لصدور قرار مجلس محافظي الوكالة في 5/2/2006 بإحالة الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن على سبيل الإحاطة دون اتخاد إجراءات عقابية، و أمهلها حتى 6/3/2006 كي تعيد النظر في بناء مفاعل بحثي يعمل بالماء الثقيل، و الإسراع بالتصديق على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر  الانتشار النووي، و تنفيذ تدابير الشفافية حسب طلب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية . و في 27/03/2006، صدر تقرير آخر عن الوكالة و أورد عددا من المسائل المتعلقة بشأن البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك مواضيع قد تكون لها أبعاد عسكرية، و أن الوكالة غير قادرة على التوصل إلى استنتاج بأنه لا يوجد أي مواد أو أنشطة نووية غير معلنة في إيران، و قد أسفر هذا التقرير عن صدور بيان 29/3/2006، و أكد تقرير أن إيران لم تتخذ الإجراءات السابقة ذكرها [19].

     و لابد من الإشارة أخيرا إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت للعديد من الضغوطات سواء من الجانب الإيراني أو من الجانب الأمريكي[20].

ثانيا: موقف مجاس الأمن

تعامل مجلس الأمن مع الملف النووي الإيراني على عدة مراحل، بدأت بلفت الانتباه، و حث إيران على احترام تعهداتها، و التعاون الكامل مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، و هذا الأسلوب كان محور البيان الرئاسي الصادر عن المجلس في 29 مارس 2006، لتأتي المرحلة الثانية التي تمثلت في صدور إنذار محدد عبر قرار مجلس الأمن رقم 1696 الصادر في 31 يوليوز 2006، و الذي منح إيران مهلة شهر واحد ( تنتهي في 31 غشت 2006) من أجل الاستجابة لطلبات الوكالة الدولية المتمثلة في التعاون التام و التعهد بالتخلي كليا عن عمليات تخصيب اليورانيوم و النشاطات الأخرى المرتبطة بها[21]، و قد أورد القرار في فقرته 8 أنه في حالة عدم امتثال إيران لهذا القرار، فإن المجلس سيتخذ التدابير الملائمة بموجب المادة 41 من الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة؛ إلا أن إيران لم تلتزم بمقتضيات القرار، حيث مع انتهاء المدة المحددة صدر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤكدا على مواصلة إيران عمليات التخصيب.[22]

     و في نهاية 2006 فرض مجلس الأمن للمرة الأولى عقوبات على إيران بموجب الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة من خلال القرار 1737 الصادر في 23/12/2006، الذي نص على أن مجلس الأمن سينظر في إجراءات عقابية إضافية ملائمة في قرار لاحق إذا كان ذلك ضروريا في حال رفض إيران الانصياع لهذا القرار، و في المقابل يعض إيران برفع العقوبات عنها في حال امتثالها، و يمهلها 60يوما، إلى حين موعد تلقيه تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تنفيذها مطالب التعليق الكامل و المستمر لجميع النشاطات ذات الصلة بتخصيب اليورانيوم، كما تضمن القرار لائحة أشخاص معنويين و طبيعيين إيرانيين تم تجميد أصولهم المالية، و مراقبة محدودة لتحركاتهم في الخارج[23].

الفقرة الثانية: الموقف الدولي من البرنامج النووي الإيراني

أولا : الموقف الأمريكي

     تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية موقفا تقليديا رافضا و معاديا للبرنامج التسلحي الإيراني و بخاصة برنامجها النووي، و قد مثل هذا الموقف امتدادا للموقف العدائي الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، و يقوم الموقف الأمريكي على أن البرنامج النووي الإيراني يتبنى أهدافا عسكرية، و يهدف إلى إنتاج الأسلحة، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الجهود الإيرانية المبذولة في المجال النووي أكبر مشكلة للانتشار النووي في العالم حاليا،؟ حيث ترتكز الاتهامات الأمريكية لإيران بوجود أبعاد عسكرية وراء برنامجها النووي لأن الأهداف الاقتصادية التي تذكرها إيران لهذا البرنامج النووي لا تبدو منطقية على الإطلاق من وجهة النظر الأمريكية، استنادا إلى أن المفاعلات النووية سوف تكلف إيران مليارات الدولارات، رغم أنها ليست ذات فائدة كبيرة من الناحية الاقتصادية بالنسبة لدولة مثل إيران و التي تمتلك مخزونا ضخما من النفط و الغاز الطبيعي، فتكلفة إنتاج الكهرباء عن طريق النفط و الغاز الطبيعي لا تتعدى 18-20 % من تكلفة إنتاجها بالطاقة النووية[24].

     و قد كانت الولايات المتحدة الأمريكية حريصة دوما على تسخين ملف التسلح النووي الإيراني و نقله من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس الأعلى كي يتسنى لها استصدار قرارات شبيهة بالقرارات التي صدرت ضد العراق قبيل الغزو، [25] و تصاعدت الأزمة بين إيران و الغرب عموما و خاصة الولايات المتحدة، مع استئناف التخصيب بعد أن وصفت إيران التشجيعات الاقتصادية و التجارية، و التي قدمها أوربا في 5 آب 2004 و التي تتضمن السماح لها بتطوير منشآت نووية لأغراض مدنية و ضمان حصولها على مصادر بديلة للوقود النووي و ليست تخصيب اليورانيوم، الذي يمكن استخدامه في صناعة قنبلة نووية[26].

و قد عملت الولايات المتحدة الأمريكية على حشد الدعم الدولي و تأييد القوى الكبرى و الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فضلا عن التأثير على الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إحالة الملف الإيراني النووي إلى مجلس الأمن تمهيدا لاتخاذ المجلس إجراءات عقابية ضد طهران لحملها على تجميد أنشطتها النووية، و بينما أسفرت الجهود الأمريكية عن إصدار الوكالة الدولية لقرار يدين مواصلة إيران تخصيب اليورانيوم على نحو يثير القلق بشأن احتمالات تصنيعها للسلاح النووي، كان على واشنطن مواصلة مساعيها من أجل حشد التأييد الدولي ضد إيران داخل المجلس الدولي؛ و هو ما تم بالفعل حيث قامت وزيرة الخارجية الأمريكية أنداك كونداليزا رايس بجولة أوربية في أكتوبر 2005، نجحت خلالها في حشد الدعم الأوربي لموقف بلادها المتشدد حيال طهران، و في فبراير 2006، تعهد الرئيس الأمريكي أنداك جورج بوش مجددا بأن تحول بلاده دون تمكن إيران من تطوير أسلحة نووية، و أتهمها بأنها الدولة الأولى الداعمة للإرهاب و صرح الرئيس بوش في كلمة ألقاها بواشنطن في فبراير 2006، بأن النظام دعا إلى تدمير إسرائيل حليفة بلاده، و هو يتحدى العالم بسعيه لامتلاك أسلحة نووية ؛ و في تصريحاتها في فبراير 2006 أمام حشد من مسؤولي الإدارة و اللوبي اليهودي، أكدت رايس على أن الطريق نحو استخدام بلادها الخيار العسكري ضد طهران لا يزال طويلا، غير أن واشنطن تتمتع بمصداقية و جدية لا تقبلان الشك في استعدادها للجوء إليه على نحو يجعل هذا الخيار دائما مطروحا و غير مستبعد على الإطلاق [27].

ثانيا: موقف الترويكا الأوروبية ( فرنسا. بريطانيا. ألمانيا)

     في إطار تحليل موقف الترويكا الأوربية من الملف النووي الإيراني، يلاحظ أن الموقف البريطاني داعم و مؤيد للموقف الأمريكي الذي ينادي بالوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم، و وقف جهود إيران على صعيد إنتاج الوقود النووي، كما تتبنى بريطانيا الموقف الأمريكي القائم على التعامل مع الملف النووي  ضمن ملفات أخرى مثل موقف إيران من عملية السلام في الشرق الأوسط، و الإرهاب، كحزمة واحدة لا تنفصل تحت عنوان كبير هو الملف النووي الإيراني، أما الموقف الفرنسي الذي يتسم عادة بالاستقلالية عن المواقف الأمريكية فهو يميل إلى احتفاظ إيران بالحد الأدنى من التكنولوجية النووية بالقدر الذي لا يتيح لها امتلاك أسلحة نووية مع وجود رقابة دائمة على المنشآت النووية الإيرانية، و من المعلوم أن الشركات الفرنسية تستحوذ على نصيب لا بأس به من العقود و الاستثمارات في إيران في عدة مجالات كالمجال النفطي و الطيران المدني و المنشآت السياحية و الترفيهية ….. و من المؤكد أن استقرار الأوضاع في إيران سياسيا و اقتصاديا يعد مطلبا أساسيا للحفاظ على تلك الاستثمارات و نموها، ففرنسا لا تود تكرار تجربة استثماراتها في العراق، حيث تكبدت هذه الاستثمارات خسائر كبيرة بعد الغزو الأمريكي للعراق.

     أما عن الموقف الألماني فهو يقف في نقطة وسط بين تبعية بريطانيا للولايات المتحدة الأمريكية و استقلالية فرنسا، أخذا في الاعتبار عقود العمل و الاستثمارات الألمانية لدى إيران التي تحتل مرتبة متقدمة عالميا في احتياطي النفط و الغاز الطبيعي[28].

    كما اتبعت إيران سياسة المماطلة و الغموض تجاه الجهود الأوربية، و كانت هذه السياسة هي الدافع نحو المزيد من التشدد تجاه ملفها النووي، مع الاستمرار باستبعاد الحلول العسكرية، و قد أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التأييد الكامل لفرض العقوبات على إيران، مع رفض اللجوء إلى الخيار العسكري في التعامل مع الأزمة النووية الإيرانية، رغم إقرارها بأن الرد الإيراني غير مرض، و أن العبارة الحاسمة التي كانت تنتظرها هي إيقاف تخصيب اليورانيوم كانت غائبة عن الرد الإيراني، و كرر هذا التصريح وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوستبلازي، على الرغم من قوله أيضا أنه من المهم تفادي تصعيد صراع مع إيران و العالم الإسلامي. و اعتبر أن الرد الإيراني غير مرض في الوقت الحالي، و لكن أسوأ شيء يمكن اقترافه هو التصعيد نحو مواجهة مع إيران و العالم الإسلامي من جهة، و الغرب من جهة أخرى، حيث قال: ” إن هذا سيكون بمثابة صدام الحضارات الذي تقف فرنسا اليوم وحيدة بشكل عملي لمحاولة تفاديه.[29]

ثالثا: الموقف الروسي

فيما يتعلق بالموقف الروسي اتجاه الأزمة النووية الإيرانية، هناك محددان أساسيان يحكمان هذا الموقف و يحددان خيارات روسيا بشأن هذه الأزمة[30]  في كل مراحل تطورها :

المحدد الأول: علاقات التعاون النووي و الاقتصادي مع إيران، حيث تعتبر روسيا واحدة من أقوى الشركاء التجاريين لإيران. إذ يتعاون الجانبان في العديد من المجالات، بحيث تتراوح العلاقات بين الجانبين ما بين التعاون في مجل إنشاء المفاعلات النووية و مشاركة روسيا في برامج التحديث العسكري لمختلف مجالات الصناعات الثقيلة و المنسوجات و غيرها….

المحدد الثاني: حرص روسيا – رغم مصالحها الوثيقة مع إيران- على ألا تستطيع إيران في نهاية المطاف امتلاك السلاح النووي حتى لا يتسبب ذلك في الإخلال بالتوازن الاستراتيجي العالمي بشكل عام، أو الإخلال بالاستقرار الاستراتيجي القائم على تخوم روسيا الجنوبية من ناحية أخرى، لاسيما و أن امتلاك إيران للسلاح النووي ربما يؤدي إلى تغيير موازين القوى و المعادلات الاستراتيجية في منطقة آسيا الوسطى التي تدخل ضمن الإطار الجيواستراتيجي لروسيا.

     و هكذا عندما اتجهت الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي إلى إعداد مشروع قرار لفرض عقوبات دولية على إيران، لقي مشروع القرار معارضة شديدة من جانب روسيا لاسيما فيما يتعلق بنقطتين رئيسيتين [31].

تتمثل الأولى في رفض المفهوم الذي يستند إليه المشروع ذاته، حيث تصر روسيا على أن الهدف الرئيسي للقرار ليس معاقبة إيران و إنما تشجيعها و تحفيزها على التعاون مع المجتمع الدولي من أجل إيقاف الأنشطة المثيرة للشكوك، و إزالة الغموض بشأن الجوانب الخفية في برنامجها النووي، و التي تثار علامات استفهام واسعة بشأنها في التقارير الدورية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيرا، ووفق هذا المفهوم الروسي، تعتقد روسيا أن العقوبات يمكن أن تدفع إيران لمزيد من التشدد، و القيام بإجراءات مضادة لتلك العقوبات، بما يؤدي لتصعيد الأزمة، لهذا ترى روسيا أن لا ترتكز الإجراءات التي يتضمنها القرار على فرض عقوبات على إيران بقدر ما يشتمل مجموعة من الضغوط التي تعكس فقط قلق المجتمع الدولي من أنشطة إيران المثيرة للشكوك، مما يشجعها على التعاون بدرجة أكبر في المستقبل مع المطالب الدولية؛ أما النقطة الثانية فتتمثل في رفض روسيا لما كان يتضمنه المشروع من فرض حظر شامل على البرنامج النووي الإيراني بالكامل، و إصرار روسيا على أن يقتصر الحظر على الأنشطة النووية الإيرانية المثيرة للشكوك و لاسيما تلك المتعلقة بتخصيب اليورانيوم و إنشاء مفاعل الماء الثقيل، و تجدر الإشارة إلى أن موقف روسيا هذا كان يهدف بالأساس على أن لا تؤثر هذه النوعية من العقوبات على تعاونها النووي مع إيران خصوصا في مجال إنشاء مفاعل بوشهر، و هو تعاون يسير في مسار بعيد تماما عن الاتهامات الموجهة لإيران من جانب الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي؛ و قد نجحت روسيا بالفعل في تعديل مشروع القرار الأوربي بشأن هاتين النقطتين، حيث أصبح أقل حدة بكثير مما كان عليه في الأصل.

المبحث الثاني: البرنامج النووي الإيراني من الأزمة إلى التسوية

سنتناول في هذا المبحث كيف تمت إدارة هذه الأزمة (مطلب1 ) ثم سنحاول دراسة التأثيرات المحتملة الناتجة عن الاتفاق النووي (مطلب 2).

المطلب الأول: إدارة أزمة البرنامج النووي الإيراني

قبل الحديث عن إدارة الأزمة عن طريق المفاوضات (فقرة 2) سنتحدث عن ملامح الأزمة و تصاعدها في الآونة الأخيرة (فقرة 1).

الفقرة الأولى: بروز أزمة البرنامج النووي الإيراني وتطور الأوضاع

شهد عام 2002 بدايات اندلاع الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي -وعلى رأسه الولايات المتحدة- ،

 ففي هذا العام كشف المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية (ومقره فرنسا)أن إيران في طريقها إلى تطوير سلاح  نووي .
و في هذا السياق، تم الكشف  في سنة 2002 عن وجود منشأتين سريتين لتخصيب اليورانيوم في موقع “ناتانز” ومصنع للماء الثقيل في “آراك”، كما أعلنت إيران أنها تطور استخدام مفاعل نووي يعتمد على القدرات والموارد الذاتية، مما أدى إلى تصاعد الشكوك حول إيران، خاصةً بعد عملية تحليل لنماذج من تربة “ناتانز” أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي كشفت عن وجود يورانيوم عالي التخصيب في التربة  ومنحت ا إيران مهلة تنتهي في سبتمبر عام 2003.

ومن ثم أعلن الدكتور محمد البرادعي -المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الأسبق- أن إيران أخفقت في التزاماتها تجاه معاهدة حظر الانتشار النووي، ودعاها إلى وقف أنشطة التخصيب، وتوقيع بروتوكول إضافي مع الوكالة يسمح بالتفتيش المفاجئ على المنشآت النووية الإيرانية وذلك قبل 31 أكتوبر 2003، وبالفعل تم توقيع البروتوكول في 18 ديسمبر 2003 كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

بالإضافة إلى أن إيران كانت قد تعهدت في أكتوبر 2003 بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم خلال زيارة غير مسبوقة قام بها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى طهران، وتم توقيع اتفاق بالخصوص في نوفمبر 2004 ، مقابل التزام بريطانيا وفرنسا بمنع إرسال الملف النووي لمجلس الأمن.

بيد أن إيران قامت في يونيو 2004 بتأجيل زيارة لوفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتفتيش على مواقع أجهزة الطرد المركزي، كما رفضت تسليم مخططات هذه الأجهزة ونتائج أبحاث أجرتها حول تحويل واختبار المواد النووية.
فيما أصدرت وكالةُ المخابرات المركزية الأمريكية في نوفمبر 2004 تقريرًا يفيد بوجود علاقة تعاون بين عالم الذرة الباكستاني “عبد القدير خان” وإيران، وفي ديسمبر 2004 عثر مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مواد ذات طبيعة نووية في موقعي “بارجين” و”لازفين” العسكري [32]

هذه الأحداث و غيرها زادت من الشكوك حول سلمية البرنامج النووي الإيراني مما صعد من الأزمة
التي ازدادت حدتها في عام 2005 مع وصول الرئيس أحمدي نجاد للحكم؛ حيث رفضت إيران زيارة وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل وقامت بتدمير وسائل مراقبة الوكالة على منشآتها النووية، معللة ذلك برفض التدخل الأجنبي في أراضيها، وقررت استئناف تحويل اليورانيوم في منشأة أصفهان.

مما جعل الدول الخمس الكبرى تقرر  في يناير 2006 رفع القضية إلى مجلس الأمن، وردت طهران متحدية بالإعلان عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% ورفضت فيما بعد دعوات السداسية الدولية المطالبة بوقف عمليات التخصيب لتقوم زيادة على ذلك بتدشين مصنع للمياه الثقيلة في أراك.

وفي نفس السنة فرضت الأمم المتحدة عقوباتها الأولى على إيران، إلى جانب العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي حيث أصدر مجلس الأمن عددًا من القرارات المتعلقة بإيران لعل أهمها القرار 1696 الصادر في يوليوز 2006 والذي طالب إيران بوقف جميع أنشطتها المتعلقة بإعادة التنشيط والمعالجة دون فرض عقوبات معينة. ثم القرار 1737 الصادر في ديسمبر 2006   الذي فرض سلسلة من العقوبات على إيران على خلفية رفضها تنفيذ القرار الأول، وتضمنت مطالبة الأعضاء في الأمم المتحدة
بعدم بيع أو نقل كل المواد والمعدات والبضائع والتكنولوجيا التي يمكن أن تسهم في أنشطة التخصيب الإيرانية. بالإضافة إلى القرارات 1747و1803 سنة2008،و القرار 1929 سنة 2010 والتي مددت
العقوبات المفروضة من مجلس الأمن لتشمل قيودًا على البرنامج الصاروخي النووي الإيراني، وعدد من المؤسسات الإيرانية ذات الصلة الوثيقة بالحرس الثوري الإيراني، وتفتيش السفن التي في طريقها إلى إيران تفتيشًا خاصًّا للتأكد من عدم احتوائها على أي مواد نووية،

 كذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية في 2007 بفرض عدد من العقوبات على البنوك الإيرانية، كما حظرت التعامل مع 20 شركة بترولية وبتروكيماوية،
 كل هذه العقوبات لم تستطع إرغام إيران على التخلي عن برنامجها النووي، حيث أعلنت سنة 2007 عن اجتيازها 3000 جهاز للطرد المركزي، وهو ما يسمح نظريا بصنع المادة الأولية للقنبلة الذرية.
 كما أنشأت سنة 2009  أول مصنع لإنتاج الوقود النووي في أصفهان، وبعدها بعدة أشهر خرج الرئيس الأمريكي أوباما والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني منددين ببناء إيران لموقع سري ثان لتخصيب اليورانيوم في فوردو، ليفرض مجلس الأمن بعد عام واحد عقوبات جديدة مالية وعسكرية على إيران [33].

 وفي سنة 2010 بدأت إيران إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، بعدما فشل اتفاق كان قد  تم التفاوض بشأنه  ليصدر الكونجرس الأمريكي قانونًا بفرض عقوبات على أي شركة تزود إيران بمنتجات بترولية متطورة تبلغ أكثر من خمسة ملايين دولار في العام، واستمرت العقوبات التي تسعى لفرض حصار اقتصادي على إيران.
ولم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي وضع قائمة سوداء بمجموعة من الشركات ورجال الأعمال الإيرانيين الذين يحظر التعامل معهم، بالإضافة إلى حظر الاتجار في المعادن النفيسة مع البنوك والمؤسسات الإيرانية، وفي سنة 2012  قرر الاتحاد الأوروبي تجميد أموال البنك المركزي الإيراني، وفرض حظر نفطي عليها.

الفقرة الثانية: مسار المفاوضات

تغير  الوضع كليا بحلول عام 2013 مع وصول حسن روحاني إلى الرئاسة في إيران، حيث تواصل مع الرئيس الأمريكي في سبتمبر 2013 بعد سنوات من انقطاع العلاقات بين إيران و الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1979، وبذلك عادت الروح إلى المفاوضات ، خاصة بعد حصول روحاني على موافقة من المرشد الأعلى لإجرائها، وبالفعل أجرت واشنطن وطهران محادثات سرية في عمان  والواقع أن عملية التفاوض ذات طابع نفسي ودبلوماسي وأمني و تمت في ظل ظروف أزموية يصعب التكهن بمستقبلها   ، وبعد عدة أشهر توصلت المفاوضات لاتفاق مرحلي يحد من نشاطات إيران النووية لمدة 6 شهور، مقابل رفع جزء من العقوبات ضدها[34].

وبدأت في فبراير عام 2014 مفاوضات على مستويات مختلفة بين السداسية وإيران بهدف التوصل إلى اتفاق تسوية نهائي، إلا أنها فشلت ومددت المفاوضات مرتين لفترة إجمالية بلغت 11 شهرا، وبالتوازي مدد أيضا الاتفاق المرحلي، وخلال سنة 2015 استمرت المحادثات والمفاوضات، إلى أن أعلن عن  التوصل لاتفاق بعد 21 شهرا من المفاوضات وجولة أخيرة استمرت 17 يوما ، بألا يكون للبرنامج النووي الإيراني أي غايات عسكرية مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد البلاد.

ويمكن سرد صيرورة إدارة المفاوضات كما يلي :

أولا: جولة جنيف

انطلقت المفاوضات الإيرانية من جديد فيما عرف بمفاوضات “5+1” التي تضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، في نوفمبر 2013 بمدينة جنيف، وانتهت بالتوصل إلى اتفاق مرحلي لمدة 6 أشهر، تضمن عدة بنود أهمها:
      *وقف تخصيب اليورانيوم فوق مستوى 5%، والتخلص من المخزون الإيراني بنسبة 20%.
      * التعهد بإيقاف العمل في مفاعل آراك بصورة مؤقتة، وعدم نصب أي أجهزة طرد جديدة.
      * عدم فرض عقوبات إضافية على إيران أو ضرورة اللجوء لمجلس الأمن لفرض عقوبات أخرى.

      *  تخفيف القيود المفروضة على تصدير النفط الإيراني.


وقد تم استئناف المفاوضات في 18 مارس 2014 أي قبل انتهاء المدة المحددة لتنفيذ الاتفاق المرحلي، حيث جرت في مسارين، أولهما بين إيران ومجموعة (5+1)،  وثانيهما بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أنها توقفت في 20 يونيو 2014 دون التوصل إلى اتفاق رئيسي.

ثانيا: جولة لوزان

لم يمضِ وقت طويل حتى تم استئناف المفاوضات من جديد في مارس 2015، حيث أعلن كلٌّ من “محمد ظريف” وزير الخارجية الإيراني و”فيديريكا موجيريني” منسقة السياسة الخارجية الأوروبية في 2 أبريل 2015  عن التوصل إلى توافق قد يضعهما على خط اتفاق سياسي نهائي لأزمة الملف النووي الإيراني، من أهم بنوده:

*   عدم بناء إيران لأي منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم لمدة 15 عامًا.
*    أن يتم تخفيض أجهزة الطرد المركزي من 19 جهاز إلى 6 أجهزة.
*    أن يتم تخصيب اليورانيوم فقط في مفاعل ناتنز، وألا يتجاوز من 3,5 إلى 5%.
*   أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية بعد تطبيق الاتفاق من قبل إيران

 ثالثا: جولة فيينا

أسفرت الجولة الأخيرة من المفاوضات عن إعلان الاتفاق عن خطة عمل مشتركة بين إيران ومجموعة (5+1)، وذلك في 14 يوليوز 2015، وقد تم وصفه بأنه صفقة تاريخية تضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني، على  أن يتم تقديمه لمجلس الأمن حتى يتبناه.

 ومن أهم بنوده :
*   رفض العقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة على إيران.
*   استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,67%.
*   التخلص من 98% من اليورانيوم الإيراني المخصب.

*   السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت المشتبه بها بعد التشاور مع إيران.
*   الإبقاء على حظر استيراد الأسلحة لمدة 5 سنوات، و8 سنوات للصواريخ الباليستية.

*   الإفراج عن أرصدة وأصول إيران المجمدة.
*   التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا [35]

المطلب الثاني : تسوية أزمة البرنامج النووي الإيراني

سنحاول في هذا المطلب وضع قراء في مضامين الاتفاق النووي (فقرة 1)، ثم تأثيراته على الأطراف الرئيسية للازمة (فقرة 2).

الفقرة الأولى : الاتفاق النووي مخاض الولادة وبدء التنفيذ

يمثّل الاتفاق المرحلة الثالثة والأخيرة من المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران، وذلك بعد الاتفاق الانتقالي في جنيف ، ثم اتفاق الإطار في لوزان. ويقوم الإطار العام للاتفاق النهائي – الذي ضمّ 159 صفحة ما بين وثيقة الاتفاق الأساس وخمسة ملاحق تقنية على تقييد البرنامج النووي الإيراني، الذي يصرّ الغرب على أنّ له أبعادًا عسكرية في حين تصر إيران على أنه سلمي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمصرفية المفروضة على إيران بعد التأكد من وفائها بالتزاماتها. كما يعزّز هذا الاتفاق الإجراءات والضمانات الرقابية الصارمة على الأنشطة والمنشآت النووية الإيرانية ويضع قيودًا على مستوى تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم ويحدِّد عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران.

إقرأ عن: الاعتراض الاداري عن تقدير الضريبة على الدخل

وبهذا، تأمل الدول الغربية زيادة فترة الإنذار قبل محاولة إيران صناعة قنبلة نووية من شهرين  قبل توقيع الاتفاق كما تدعي الولايات المتحدة، إلى عام على الأقل، ما يوفِّر وقتًا أطول لقيامها وحلفائها باتخاذ إجراءات للحيلولة دون ذلك.

ولن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ، خصوصًا الشق المتعلق برفع العقوبات، حتى تصادق الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وفاء إيران بالتزاماتها الواردة في الاتفاق كلها، وخصوصًا ما يتعلق بتطبيق الرقابة الصارمة على أنشطتها ومنشآتها النووية، بما فيها بعض المنشآت العسكرية. وعرض الاتفاق على مجلس الأمن لتحويله إلى قرارٍ دولي ترفع بموجبه العقوبات الدولية عن إيران وقد كانت هذه المسألة إحدى أهم نقاط الخلاف بين الطرفين؛ ففي حين أرادت إيران أن تُرفع العقوبات فور التوقيع على الاتفاق النهائي، فإنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين أصروا على أن يكون رفعها مرتبطًا بدخول الاتفاق حيز التنفيذ وتصديق الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وفاء إيران بالتزاماتها، وهو ما حدث.

ولم يقتصر الاتفاق على البرنامج النووي فقط، بل يشمل أيضًا مسألة حظر مبيعات الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية أو التكنولوجيا المؤدية إليها إلى إيران. وقد كانت هذه أيضًا إحدى نقاط الخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وبين إيران المدعومة بالموقفين الروسي والصيني. وكحلٍ وسط، اتفق الطرفان على أن يستمر حظر معظم مبيعات الأسلحة التقليدية لإيران لمدة خمس سنوات أخرى، في حين يستمر حظر بيع الصواريخ الباليستية أو التكنولوجيا المؤدية إليها إلى ثمان سنوات قادمة [36].

ومن بين أهم بنود الاتفاق نذكر:

*  رفع العقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة عن إيران.

* فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني طويلة المدى مع استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة حددت بـ 3.67 في المئة.

* التخلص من 98% من اليورانيوم الإيراني المخصب.

* عدم تصدير الوقود الذري خلال السنوات المقبلة، وعدم بناء مفاعلات تعمل بالماء الثقيل ، وعدم نقل المعدات من منشأة نووية إلى أخرى لمدة 15 عاما.

*  السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع المشتبه بها، ومنها المواقع العسكرية لكن بعد التشاور مع طهران.

* الإبقاء على حظر استيراد الأسلحة 5 سنوات إضافية، و8 سنوات للصواريخ البالستية.

*  الإفراج عن أرصدة وأصول إيران المجمدة والمقدرة بمليارات الدولارات.

* رفع الحظر عن الطيران الإيراني وأيضا عن البنك المركزي والشركات النفطية والعديد من المؤسسات والشخصيات.

*  التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.

هذا ووقعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران قبيل إبرام الاتفاقية الشاملة النهائية على “خطة طريق” تخص مسائل فنية إضافة إلى الجانب العسكري المحتمل في الأنشطة النووية الإيرانية في السابق أهم نقاطها:

 1- الإبقاء على القيود المفروضة على الأبحاث الإيرانية في المجال النووي لمدة 8 سنوات.

2- امتناع إيران عن إجراء بحوث علمية بشأن معالجة الوقود النووي لمدة 15 عاما.

3- لا تدخل مركبات الوقود الروسية المخصصة لمحطات الطاقة النووية الإيرانية في الكمية المحددة لطهران حسب الصفقة مع السداسية.

4- يجب ألا يزيد احتياطي اليورانيوم منخفض التخصيب في إيران خلال 15 سنة عن 300 كيلو غرام[37].

الفقرة الثانية: انعكاسات الاتفاق النووي على الأطراف

يمكن دراسة تأثير  و انعكاسات الاتفاق النووي على العلاقات الدولية والأطراف المختلفة  ذات الصلة بهذه الأزمة السياسية والإيديولوجية الكبرى التي كانت على شفير الانفجار وتمت إدارتها وفق تناقض وتداخل مصالح الأطراف الدولية لارتباطها  بالعديد من القضايا الإقليمية  وبمختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية بحكم الطابع الجيوستراتيجي للمنطقة موضوع الصراع. وسنقتصر على انعكاسات الاتفاق بالنسبة لإيران والولايات المتحدة الأمريكية .

أولا: بالنسبة لإيران

أظهر الحراك السياسي الداخلي الإيراني خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت الاتفاق مؤشرًا واضحًا على وجود أطراف سياسية تتوجس من تبعات الاتفاق، ولذلك قامت هذه الأطراف وفي مقدمتها نواب أصوليون في مجلس الشورى بقيادة تحرك شكل  ضغطًا ملحوظًا على الرئيس روحاني وفريقه التفاوضي رغم الدعم الذي تلقاه هذه الفريق من مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي طوال جولات التفاوض يتعرض لضغوط داخلية كبيرة، خاصة من قبل لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى، التي حذَّرته من اتفاق “يمس باستقلال إيران”، وتعالت حدَّة الانتقادات لروحاني، وقامت صحف ومواقع مقرَّبة من التيار الأصولي بإبراز نتائج استطلاع للرأي تُظهر تراجع شعبية روحاني

    ومن المؤكد أن الاتفاق سيحقق مكاسب اقتصادية لإيران تتمثل في رفع العقوبات عن الشركات والبنوك الإيرانية واستئناف العلاقات الاقتصادية بين إيران والغرب وبناء علاقات جديدة، وتبدو ألمانيا متحمسة لذلك، ويشاركها الحماس دول غربية أخرى وشركات في قطاعي النفط والغاز. وستتمكن إيران من تحرير أرصدتها المجمدة فضلًا عن عودة صادرات النفط الإيرانية.وستمكِّن هذه العائدات روحاني، من الوفاء ببعض الوعود التي قطعها بتحسين الوضع الاقتصادي،. ولذلك سيوجَّه جزء كبير من العائدات الجديدة لدعم ميزانية الدولة، وإنشاء مؤسسات وبنى تحتية، ودعم الريال الإيراني، وزيادة الواردات، لذلك يعوِّل روحاني كثيرًا على إزالة العقوبات، ومن الواضح أن تحقيق هذه الأهداف يرتبط بشكل مفصلي بتهدئة التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب.  

لكنَّ خبراء اقتصاديين يعتقدون أن العقوبات مسؤولة عن 20% فقط من مشكلات الاقتصاد الإيراني وأن النتائج الاقتصادية الإيجابية للاتفاق النووي لن تكون مباشرة وسريعة. ورغم الإقرار بتعدد أسباب أزمة الاقتصاد الإيراني، إلا أن إزالة العقوبات ستترك آثارًا إيجابية مباشرة ومستقبلية عليه، ومن المعلوم أن لإيران 100-140 مليار دولار، من عائدات النفط المجمدة في المصارف الأجنبية. وسبق لمسؤول في الكونغرس أن صرَّح أن ما بين 30 إلى 50 مليار دولار من عائدات إيران المجمدة ستتحرر فور التوقيع على الاتفاق. [38]

إذا كان هذا ما يتعلق ب الاقتصاد، فإن السؤال المطروح حول تأثيرات توقيع الاتفاق على التعاون والتنسيق الإيراني الأميركي؟ وهل الاتفاق يعني بالضرورة تزايد التنسيق بين الجانبين فيما يتعلق بالقضايا والملفات الإقليمية؟

تأتي الإجابة على هذه الأسئلة مرتبطة بالاستراتيجيات التي سينتهجها كل من طهران وواشنطن فيما يتعلق بالعلاقة مستقبلًا. ويبدو النموذج الروسي في العلاقة، مرجَّحًا لدى الطرف الأميركي، والذي يقوم على تقديم حوافز مادية مقابل التعاون في المسائل الأمنية، وحدث أن حصل الاتحاد السوفيتي مقابل إجراءات أمنية على مزايا دبلوماسية واقتصادية، لكن الهدف الأميركي كان منصبًّا على تغيير النهج استراتيجيًّا لتحويل سلوك الاتحاد السوفيتي من دولة معادية إلى الشراكة ضمن شبكة من التفاعلات طويلة المدى، وقد يكون نهجًا مماثلًا لاستدراج إيران على المدى الطويل لتتحول من حالة العداء إلى التعاون.

ثانيا: بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية

قبل الاتفاق النووي استندت السياسة الخارجية  الأمريكية تجاه إيران إلى فرضية تقوم على أن إيران ستبقى على طرفي نقيض من جيرانها العرب في الخليج العربي وبناء على ذلك تكونت فكرة عامة عما يتوقع أن يكون عليه سلوك إيران فعندما لا ينسجم سلوكها مع هذه الفرضية لا يجري التشكيك في صحتها بل ينظر إلى سلوك إيران انه مؤقت أنها ستعود إلى سياستها المفترضة عاجلا أم أجلا،

وفي ضوء القناعة الأمريكية بالنية الإيرانية الساعية إلى التأثير في المصالح  الأمريكية يمكن منح أزمة البرنامج النووي الإيراني أعلي درجات التراتبية في سلم أولويات الولايات المتحدة في المنطقة ، لذلك قامت السياسة الأمريكية تجاه هذه الأزمة بشكل عام على فرضية تغيير السلوك الإيراني أو التأثير فيه تكتيكيا . لذلك كان على أي إدارة أمريكية إيلاء الاهتمام الكافي لهذه الأزمة كونها تمثل بحسب تعريف كيسنجر ” الحالة التي قد تسبق الانفجار المتمثل بإعلان إيران دولة نووية ولهذا وجب التعامل مع هذه الحالة من منطق محاولة خنق الطموح الإيراني بما يتوفر من وسائل وأدوات بيد الإدارات الأمريكية سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية .

وقد اتبعت إدارة أوباما  نهجا مخالفا لإدارة بوش حيث طورت نهجا وسطا بين سياسة العزل وسياسة الانخراط  بهدف تغيير السلوك أو لتمتين العلاقات ، وتوكد سياسة اوباما تجاه الأزمة الإيرانية تبني نظرة واقعية إذ قامت  بتفعيل  عدد من الوسائل لإدارة الأزمة.  [39]

وترسم بعض التقارير الأميركية، عددًا من الاستراتيجيات الأميركية للتعامل مع إيران عقب الاتفاق، ترتكز في معظمها على تعيين الفرص وتحديد المخاطر، وتقوم على ستة أعمدة رئيسية:

  1. تقوية الاتفاق النووي، بشروط مؤثِّرة وطويلة المدى تضمن التزام إيران.
  2. التعاون مع إيران في القضايا ذات المصالح المشتركة، لجلب الاستقرار للشرق الأوسط من جهة، وزيادة فرص جعل إيران معتدلة وأكثر تعاونًا.
  3. مواجهة السياسة الإيرانية التي تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية، ومن أهمها سياسة دعم الوكلاء في المنطقة.
  4. المحافظة على التزام الإدارة الأميركية نحو شركائها في المنطقة، لردع العدائية الإيرانية وثني حلفاء أميركا عن القيام بخطوات تزعزع الاستقرار في المنطقة.
  5. الاستفادة من الاتفاق لتعزيز قواعد عدم الانتشار النووي، والحيلولة دون قيام دول أخرى في المنطقة بانتهاج نفس السياسة الإيرانية.
  6. الاستفادة من الاتفاق من أجل إعادة التركيز على آسيا وأوروبا، وزيادة النفوذ الأميركي مقابل روسيا والصين. [40]

خاتمة:

 يمثل الاتفاق حول برنامج إيران النووي درسًا في فن التوصّل إلى تسويات معقولة تحقّق جزءًا من مطالب أطراف الصراع ومصالحهم، لكنه يمثل من جهة أخرى إقرارًا متبادلًا بين إيران والولايات المتحدة بالفشل حول الأسلوب والنهج الذي اتبعه الطرفان خلال العقود الثلاثة الماضية. فإيران تقر بقبولها بالشروط القاسية التي نص عليها الاتفاق بسبب عجزها عن الاستمرار في تحمّل التكاليف المترتبة على العقوبات الاقتصادية والمصرفية غير المسبوقة التي فرضتها عليها الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ، والاستنزاف الذي تتعرّض له في سورية والعراق واليمن، وهي تقبل بتفوق الاعتبارات البراغماتية القائمة والمشتقة من منطق الدولة الإقليمية الداخلة في شراكات دولية حتى مع “الشيطان الأكبر” على الشعارات الأيديولوجية التي أطلقتها الثورة الإسلامية. أما أميركا، فالاتفاق يمثل إقرارًا بأنّ سياستها لاحتواء إيران ومحاصرتها قد فشلت في تحقيق أهدافها، وبخاصة في ضوء الأخطاء الأميركية الكارثية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصًا احتلالها للعراق عام 2003 ودفعه إلى الفلك الإيراني، وتلكؤها في حل الأزمة في سورية واليمن ما سمح لإيران بمدّ نفوذها في هذين البلدين. كما تنسجم هذه السياسة مع توجّهات باراك أوباما المناقضة لتوجهات سلفه جورج بوش الابن في السياسة الخارجية والتي يطبّقها من دون خوف في فترة رئاسته الثانية، وهي توجّهات تفكيك بؤر المواجهة التقليدية وإحلال الدبلوماسية محل المواجهة والحصار، مع كوبا وإيران، وفنزويلا.

فهل يؤدي  الاتفاق حول برنامج إيران النووي إلى بناء حالة من الاستقرار يكون لإيران وقوى إقليمية أخرى دور مؤثر فيها؟ أم أنه سيؤدي إلى تعاظم الدور الإيراني مما يكون سببًا لمزيد من المعضلات الإقليمية، مع ارتفاع في وتيرة الصراع بصورة قد تقود إلى مواجهات عسكرية، وأزمات جديدة بمنطقة الشرق الأوسط ذات الحساسية السياسية والإستراتيجية  في مجال العلاقات الدولية تأثيرا وتأثرا مما يجعل من إدارة الأزمات بها يشكل هاجسا مؤرقا لصانعي القرارات في السياسة الخارجية للدول المتصارعة المصالح بها ؟

قائمة المراجع:

1- زينب عبد العظيم محمد، الموقف النووي في الشرق الأوسط  في أوائل القرن 20، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2007.

2-  شاهرام تشوبين، طموحات إيران النووية. ترجمة بسام شيحا، الدار العربية للعلوم ناشرون. بيروت 2007.

3- عبد الله فالح المطيري، أمن الخليج العربي و التحدي الإيراني، رسالة لنيل ماجيستير ، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب و العلوم، قسم العلوم السياسية، عمان 2011.

4- عطا محمد زهرة، البرنامج النووي الإيراني، مركز الزيتونة للدراسات و الاستشارات، الطبعة الأولى، بيروت سنة 2015.

 5- أحمد عبد الحليم، خريطة القوى النووية في الشرق الأوسط في القرن الواحد و العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، 2001

6- رياض الراوي ، برنامج النووي الإيراني  و أثره على منطقة الشرق الأوسط، الأوائل للنشر و التوزيع، دمشق  2006

7- ريتشارد دالتون، كسب السلام في الخليج، ترجمة حسين موسى، دار الكنوز الأدبية 1994، بيروت

8- فتحي ممدوح أنيس، الأمن القومي الإيراني: مصادر التهديد و آليات المواجهة، أبو ظبي 2006

9-  عصام نايل المجالي، تأثير التسلح الإيراني على الأمن الخليجي.

10- محمود أحمد إبراهيم، السياسة الإيرانية و الملف النووي في عهد أحمدي نجاد، مختارات إيرانية العدد 61 سنة 2005

11- علي علي المليجي، الملف النووي الإيراني على طريق المواجهة، مجلة كلية الملك خالد العسكرية العدد 88 سنة 2007 على الموقع الالكتروني: www.kkmaq.gov.sa.

12- بن صقر عبد العزيز، إيران و مجلس الأمن الدولي، مجلة آراء حول الخليج، العدد 24، سنة 2006

13- ناجي محمد عباس، الملف النووي الإيراني، مرحلة تقريب المسافات، مجلة السياسة الدولية العدد 166 سنة 2006 .

14- محمود أحمد إبراهيم 2003، الأزمة النووية الجديدة بين إيران و الولايات المتحدة ، مختارات إيرانية العدد 30.

15- التقرير الاستراتيجي العربي 2004

16- عطوان خضر عباس 2006، الولايات المتحدة و البرنامج النووي الإيراني، مجلة آراء حول الخليج ، العدد 23.

17- التقرير الاستراتيجي العربي ، 2006

18- مخيمر أسامة فاروق : الملف النووي الإيراني بين الترويكا الأوربية و الضغوط الأمريكية، مختارات إيرانية العدد 59 سنة 2005.

19- سويلم حسام : ماذا بعد الرد الإيراني على سلة الحوافز، و ما هي الخيارات المتاحة؟ مجلة مختارات إيرانية العدد 75 سنة 2006.

20- محمود أحمد إبراهيم: الدور الروسي في الأزمة النووية الإيرانية، ملف الأهرام الاستراتيجي العدد 145، سنة 2007

21ـ منى مصطفى محمد – باحثة في العلوم السياسية ،المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة ،مقال بتاريخ 17-7-2005

22ـ وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات مقال قراءة في الاتفاق النووي الايراني15 /07/2015

23 ـفاطمة الصمادي ، ماذا بعد الاتفاق النووي الإيراني،الرابحون والخاسرون، مركز الجزيرة للدراسات متخصصة في الشأن الإيراني بتاريخ 25-06-2015

24ـعبادة محمد التامر،  سياسة و.م.أ وإدارة الأزمات الدولية ،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ،الطبعة الأولى بيروت ابريل 2015


[1]-زينب عبد العظيم محمد، الموقف النووي في الشرق الأوسط  في أوائل القرن 20، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2007، ص 124.

[2]–  شاهرام تشوبين، طموحات إيران النووية. ترجمة بسام شيحا، الدار العربية للعلوم ناشرون. بيروت 2007 ص: 55.

[3]– عبد الله فالح المطيري، أمن الخليج العربي و التحدي الإيراني، رسالة لنيل ماجيستير ، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب و العلوم، قسم العلوم السياسية، عمان 2011. ص : 30.

[4]– أحمد عبد الحليم، خريطة القوى النووية في الشرق الأوسط في القرن الواحد و العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، 2001، ص 463.

[5]– رياض الراوي ، برنامج النووي الإيراني  و أثره على منطقة الشرق الأوسط، الأوائل للنشر و التوزيع، دمشق 2006، ص: 23.

[6]– رائد حسنين ، مرجع سابق، ص 29.

[7]– شاهرام تشوبين، مرجع سابق ص: 42-43.

[8]– ريتشارد دالتون، كسب السلام في الخليج، ترجمة حسين موسى، دار الكنوز الأدبية 1994، بيروت، ص: 27.

[9]– عطا محمد زهرة، البرنامج النووي الإيراني، مركز الزيتونة للدراسات و الاستشارات، الطبعة الأولى، بيروت سنة 2015 ، ص: 18.

[10]– و هذا ما جعل بعض المتتبعين و المحللين يؤرخون لنشأة البرنامج النووي الإيراني ابتداء من سنة 1967.

[11]– لمزيد من التفاصيل راجع رياض الراوي، المرجع السابق، ص 115 و ما بعدها.

[12]– كينيث تايرمان مرجع سابق. ص : 3.

[13]– راجع رياض الراوي، مرجع سابق ص 118 و ما بعدها

[14]– أحمد إبراهيم محمود، مرجع سابق.

[15]– للتفصيل في هذا الأمر يراجع رياض الراوي، مرجع سابق، ص 123 و ما يليها.

[16]– فتحي ممدوح أنيس، الأمن القومي الإيراني: مصادر التهديد و آليات المواجهة، أبو ضبي 2006 ص، ص 343-344

[17]–  عصام نايل المجالي، تأثير التسلح الإيراني على الأمن الخليجي، ص 139.

[18]– محمود أحمد إبراهيم، السياسة الإيرانية و الملف النووي في عهد أحمدي نجاد، مختارات إيرانية العدد 61 سنة 2005 ص: 6.

[19]– علي علي المليجي، الملف النووي الإيراني على طريق المواجهة، مجلة كلية الملك خالد العسكرية العدد 88 سنة 2007 على الموقع الالكتروني: www.kkmaq.gov.sa.

[20]– راجع عصام نايل المجالي

[21]– بن صقر عبد العزيز، إيران و مجلس الأمن الدولي، مجلة آراء حول الخليج، العدد 24، سنة 2006 ص 58.

[22]– ناجي محمد عباس، الملف النووي الإيراني، مرحلة تقريب المسافات، مجلة السياسة الدولية العدد 166 سنة 2006 ص 176.

[23]– علي علي المليجي، الملف النووي الإيراني على طريق المواجهة، مرجع سابق ص.

[24]– محمود أحمد إبراهيم 2003، الأزمة النووية الجديدة بين إيران و الولايات المتحدة ، مختارات إيرانية العدد 30 ص 76.

[25]– التقرير الاستراتيجي العربي 2004 ص: 209.

[26]– عطوان خضر عباس 2006، الولايات المتحدة و البرنامج النووي الإيراني، مجلة آراء حول الخليج ، العدد 23 ص: 74.

[27]– التقرير الاستراتيجي العربي ، 2006، ص : 211.

[28]– مخيمر أسامة فاروق : الملف النووي الإيراني بين الترويكا الأوربية و الضغوط الأمريكية، مختارات إيرانية العدد 59 سنة 2005، ص 84.

[29]– سويلم حسام : ماذا بعد الرد الإيراني على سلة الحوافز، و ما هي الخيارات المتاحة؟ مجلة مختارات إيرانية العدد 75 سنة 2006 ، ص: 64.

[30]– محمود أحمد إبراهيم: الدور الروسي في الأزمة النووية الإيرانية، ملف الأهرام الاستراتيجي العدد 145، سنة 2007، ص: 98.

[31]– محمود أحمد إبراهيم ، نفس المرجع، ص: 99.

 [32] منى مصطفى محمد – باحثة في العلوم السياسية ،المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة ،مقال بتاريخ 17-7-2005

 [33] منى مصطفى محمد ،نفس المرجع

  [34] منى مصطفى محمد ،نفس المرجع

[35] المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية في القاهرة

[36] وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات مقال قراءة في الاتفاق النووي الايراني15 /07/2015

 [37] رفع العقوبات عن طهران وردود الفعل عليه  ،دراسة من إعداد مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية لندن ،بتاريخ 17-01-2016

[38] فاطمة الصمادي ، ماذا بعد الاتفاق النووي الإيراني،الرابحون والخاسرون، مركز الجزيرة للدراسات متخصصة في الشأن الإيراني بتاريخ 25-06-2015  

[39]  عبادة محمد التامر،  سياسة و.م.أ وإدارة الأزمات الدولية ،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ،الطبعة الأولى بيروت ابريل 2015

[40]  د فاطمة الصمادي ،مرجع سابق

من إعداد: جواد زروق وعبد السلام احميدوش

اترك رد

error: Content is protected !!