أسباب الاباحة وموانع المسؤولية
موانع المسؤولية
بعد التطرق لأسباب الاباحة في الجزء الأول باعتبارها تلك الاسباب الموضوعية التي تقترن بالفعل الاجرامي فتزيل عنه الصفة الاجرامية بالنسبة لكل من توافرت فيه، سنحاول أن نتطرق في هذا الفصل لموانع المسؤولية الجنائية.
وإذا كانت أسباب الاباحة تتصل بالركن القانوني للجريمة فإن موانع المسؤولية قواعد عامة صادرة عن مبدأ قانوني عام مؤداه عدم تحميل المسؤولية إلا لمن كان أهلا لها[1]، ومنه فإنها ترتبط بالركن المعنوي للجريمة، هذا ما يكسبها الطبيعة الشخصية؛ باعتبارها عوارض تصيب إرادة الجاني وتمييزه، فلا يستفيد منها إلا من توافرت فيه ولا تتعدى إلى من ساهم في الجريمة.
ولمعرفة الضوابط التي تحكم موانع المسؤولية، آثرنا أن ندرج أساس المسؤولية الجنائية ونطاقها (كمبحث أول)، على أن نعرض عوارض المسؤولية الجنائية في (مبحث ثان).
المبحث الأول: المسؤولية الجنائية؛ الأساس والنطاق
يترتب على وقوع الجريمة مسؤولية على عاتق الجاني، تجد قوامها في تحمل الجزاء الذي ترتبه القواعد القانونية؛ على اعتبار أن سبب المسؤولية هو فعل ضار بالمجتمع[2]، فللمسؤولية الجنائية مفهومان[3] أولهما مجرد والثاني واقعي، إذ يراد بالأول صلاحية الشخص لأن يتحمل تبعة سلوكه؛ وهنا نجد المسؤولية تتعلق بصفة الشخص أو حالة تلازمه سواء وقع منه ما يقتضي المساءلة أو لم يقع منه شيء، ويراد بالثاني تحميل الشخص تبعة سلوك صدر منه حقيقة؛ وهنا المسؤولية ليست مجرد صفة أو حالة قائمة بالشخص بل هي جزاء أيضا، وهذا المفهوم يحتوي المفهوم الأول كونه لا يتصور تحميل شخص تبعة سلوك أتاه إلا إذا كان أهلا لتحمل هذه التبعية[4]،كما تعني المسؤولية الجنائية مساءلة الشخص عن جريمة ما وتحميله النتائج المترتبة عنها من عقاب وغيره[5]، ومن هنا فالمسؤولية الجنائية ليست ركنا من أركان الجريمة؛ إذ لا تنشأ إلا إذا توافرت جميع أركان الجريمة، فهي أثر لاجتماع هذه الأركان في شخص عاقل مميز متمتع بحرية الاختيار في اقتراف الفعل أو الامتناع.
إقرأ: نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية
ويتعين عيلنا لدراسة عوارض المسؤولية الجنائية أن نوضح ابتداء أساس المسؤولية الجنائية وشروطها (المطلب الأول)، فيما نورد نطاق المسؤولية الجنائية والوقائع التي تترتب عليها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: أساس المسؤولية الجنائية وشروطها.
إن دراسة موضوع المسؤولية الجنائية يوجب منا بالخصوص التطرق إلى المذاهب المؤسسة لها (الفقرة الأولى)، وكذلك الحديث عن شروطها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أساس المسؤولية الجنائية
إن تحديد أساس المسؤولية الجنائية يعتبر أمر لا غنى عنه عند رسم السياسة الجنائية، إذ خضعت مسألة تحديد الاساس لاختلاف فقهي حسب المدارس العقابية، وأساس هذا الاختلاف هو وجود إرادة حرة لدى الإنسان يوجه بها أفعاله أو عدم وجودها.
- أولا: المدرسة التقليدية:
يذهب أنصار المذهب التقليدي إلى إقامة المسؤولية الجنائية على أساس حرية الإنسان في الاختيار، فكل إنسان بالغ عاقل يستطيع التمييز بين ما هو مباح وما هو محضور، إذ يستطيع التحكم في سلوكه[6].
إذ تقوم على أنه ما لم يكن الإنسان مجنونا مثلا يتمتع بادراك يميز به بين الخير والشر، يملك إرادة حرة يختار بها سلوك هذا الطريق أو ذاك وإن ملكتي الادراك والارادة هذه لا تتفاوت من شخص لآخر وفي الشخص الواحد من حالة إلى أخرى[7]، فإنه يسأل عن فعله أو امتناعه مسؤولية كاملة، ويترتب على ذلك أن أساس المسؤولية الجنائية عندهم هو “الخطأ”، والمسؤولية حينئذ تكون أخلاقية أو أدبية على اعتبار أن الإنسان ما دام قادرا على الاختيار؛ فإنه قد اختار طريق الجريمة وهو حر، مميز و مدرك، فقد أخطأ وقامت بالتالي مسؤوليته الأخلاقية، وبالتبعية الجنائية[8]، وبمفهوم المخالفة فكلما كان مرتكب الفعل أو الامتناع غير مدرك، أو فاقد التمييز أو مكره، فلا يمكن مساءلته من الناحية الجنائية كونه غير مخطأ وبالتالي غير مسؤول أخلاقيا[9].
- ثانيا: المدرسة الوضعية:
تعرف بمذهب الجبرية، ومفاده أن المجرم مسير إلى طريق الجريمة بكيفية حتمية، فثمة عوامل داخلية تتعلق بتكوينه العضوي، العقلي أو النفسي، وثمة عوامل تتعلق بالبيئة المحيطة به وتدفعه حتما إلى الاجرام[10]، ويعني ذلك أن حرية الاختيار لا وجود لها؛ إنما هي وليدة الجهل بالأسباب الحقيقية للجريمة[11].
وعلى هذا فقد نادت المدرسة الوضعية بأساس جديد تبعا لفلسفتها بأن الإنسان مجبر في تصرفاته، وأن ما نسميه بالإدراك والارادة مجرد خيال لا أساس له في الواقع، فعندما يرتكب الشخص فعلا ضارا بالمجتمع فإنه يسأل مسؤولية اجتماعية[12]، كونه لم يرتكب جرما، لأن المسؤولية الاجتماعية لا تقوم على حرية الاختيار بل تقوم على الخطورة الاجرامية، فالجاني يسأل على أساس أنه بفعله كشف عما بداخله من خطورة إجرامية، هذه الخطورة تفرض على المجتمع مواجهتها واتخاذ التدابير التي تستأصل هذه الخطورة[13].
أمام هذه المواقف المتعارضة، ظهرت مدارس وسطية حاولت التوفيق بين الرأيين السابقين، حيث اعترفت بحرية الاختيار لدى الجاني، وفي الوقت ذاته أقرت بأن هناك عوامل لا يستطيع معها هذا الأخير السيطرة عليها مما يؤثر في تصرفاته وتنحو به منحى الجريمة، أي أنه يتمتع بحرية مقيدة[14]، من أجل ذلك لا مناص من الاعتداد بحرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، ذلك على نحو لا يستتبع بالضرورة إنكار دور العوامل التي تؤثر في تصرفات الإنسان دون أن يملك لها دفعا، غير أن هذه العوامل ليس من شأنها أن تجرده كلية من حرية الاختيار وتحوله إلى مجرد آلة تترجم عليه هذه العوامل إلى جريمة يقترفها، وذلك لأن هذه العوامل تترك في الغالب نصيبا من الحرية يتصرف في إطاره، ويكفي أن يكون أساسا لمساءلته عن سلوكه، لكن ليس هناك ما يحول دون القول بامتناع المسؤولية الجنائية أو تخفيضها إذا ثبت أن العوامل التي وجهت سلوك الفرد لم تترك له أي قدر من الحرية، أو أنها انتقصت منها على نحو يجرد الارادة من دورها في السيطرة على سلوكه، ذلك لأن الارادة ليست مستقلة بنفسها ولا هي منعزلة عما يحيط بها[15].
تصرف الشريك في العقار المملوك على الشياع
هذا بالنسبة للفقه، أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد أخذ بمبدأ المدرسة التقليدية مع تأثير محدود بالمدرسة الوضعية، كما يتجلى ذلك مما يلى، فقد اشترط الادراك وحرية الاختيار لقيام المسؤولية (المواد 132-138-143 ق.ج)، وإلى جانب ذلك وتطبيقا للمدرسة الوضعية قرر التدابير الوقائية ووسائل الحماية والتهذيب لمختلي العقل والأحداث (المواد 134-138 من القانون الجنائي).
الفقرة الثانية: شروط المسؤولية الجنائية
لا يكفي لقيام المسؤولية الجنائية اقتراف الفعل أو الامتناع المجرم، بل من الضروري توافر الادراك والتمييز، وتحقق حرية الاختيار، فإذ انعدم الشرطان أو تخلف أحدهما يؤدي لامتناع المسؤولية الجنائية.
- أولا: الوعي أو الادراك:
يعد الادراك في مقدمة الشروط التي تستلزمها المسؤولية الجنائية، إذ يقصد به المقدرة على فهم ماهية الفعل وطبيعته وتقدير النتائج التي تترتب عليها[16]، أي أنه القدرة المجردة على الفهم، هذه القدرة هي مكنة طبيعية في الإنسان؛ يمكنه بموجبها أن يتفهم القيمة الاجتماعية لأفعاله، إذ تنصرف إلى آثاره من حيث ما تنطوي عليه من خطورة على المصلحة أو الحق الذي يحميه القانون، وما تنذر به من اعتداء عليه، وترتبط هذه القدرة على الفهم ارتباطا بالتكوين العقلي؛ فهي لا تتوافر لدى الإنسان منذ لحظة ميلاده وإنما تنمو بنمو ملكاته العقلية والذهنية، والملاحظ أن الادراك هو تلك القدرة التي تتوافر لدى الإنسان العادي؛ إذ لا يشترط لتحقق الادراك أن يكون المتهم الذي ثبتت سلامة قواه العقلية على قدر كبير من الذكاء أو الثقافة، التي تمكنه من العلم بالأسباب العميقة لفعله أو نتائجه البعيدة[17]. فقد اشترط القانون لتوافر عنصر الادراك أن يكون الشخص قد بلغ سنا معينا ـ الثانية عشر حسب القانون المغربي، المادة 138 من القانون الجنائي ـ، فعدم تجاوز هذا السن قرينة على عدم التمييز، وكل ما يجوز في هذا السن هو تقرير بعض التدابير الوقائية للحماية، نفس الأمر يمكن أن يقال بالنسبة للمجنون والسكران اضطراريا؛ كونهم ليسوا أهلا للمساءلة الجنائية لانعدام القدرة لديهم على فهم الخطاب وادراك الأفعال المجرمة والشعور بها[18]، فالمجنون مثلا والمكره على شرب الخمر لا مسؤولية عليهم من الناحية القانونية، لأنه وان وجد سبب للعقوبة إلا أن شرطها معدوم، وقد أشرنا أن الشرط إذا انعدم انعدمت معه المسؤولية الجنائية[19].
- ثانيا: الارادة الحرة:
تمثل الارادة الحرة العنصر الثاني للمسؤولية الجنائية، ويعبر عنها بالقدرة على السيطرة
على الفعل أو الامتناع بالاختيار[20]، ويتعين التمييز بين الارادة وحرية الارادة؛ ذلك لأن الارادة تمثل عنصرا من عناصر الركن المعنوي للجريمة، أما في المسؤولية الجنائية؛ فإن حرية الارادة هي التي تشكل عنصرها الأساسي ولا تلازم بين الارادة وحرية الارادة، فقد توجد الجريمة وتنعدم المسؤولية الجنائية رغم توافر الارادة، لأنها في هذه الحالة إرادة مكرهة على ارتكاب الفعل[21]، فحرية الارادة تعني التصميم الواعي للشخص على تنفيذ فعل أو أفعال معينة[22]، فإن كانت حرية الإنسان في التصرف ليست مطلقة لأنها تحكمها رغبات ونزعات مختلفة داخلية وخارجية؛ لكن كل هذه العوامل لا يجوز أن تقلل من السيطرة عليها ولا على قدرته على التحكم في تصرفاته[23]، فالإنسان يتمتع بملكات ذهنية تسمح بالقدرة على التمييز في إتيان السلوك الإجرامي من عدمه، فهي تعبير عن الحالة العقلية والنفسية للشخص وقت ارتكاب الفعل أو الامتناع المكون للجريمة، إذ تنمو وتتطور بتطوره وبارتقاء المدارك الخلقية التي تساعده على التحكم في أفعاله، وتتجلى أهمية هذا العنصر في قدرة الفرد على السيطرة على أفعاله وقدرته على الاختيار بين البواعث المختلفة التي تدفعه إلى ارتكاب الفعل أو تلك التي تدفعه إلى الامتناع عنه في ضوء إدراك طبيعة الفعل وماهيته[24]، إذ يكون أهلا لوحده في تحمل المسؤولية الجنائية، فالشخص إذا ما اختلت إرادته بسبب مرض أو علة ما؛ فإنه يفقد المقدرة على حرية اختيار السلوك السوي في الموقف الذي هو بصدده، وإذا أتى سلوكا مجرما انتفت مسؤوليته لانعدام إرادته في إتيان ذلك السلوك وفي إدراكه لنتائج فعله.
المطلب الثاني: نطاق المسؤولية الجنائية.
للحديث عن نطاق المسؤولية الجنائية يتطلب التمييز بين المسؤوليتين الجنائية والمدنية وبينها وبين المسؤولية التأديبية (الفقرة الأولى)، وكذا الوقائع التي تترتب عنها المسؤولية الجنائية ومعرفة شخصية المسؤولية الجنائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تمييز المسؤولية الجنائية
- أولا: تمييز المسؤولية الجنائية والمدنية:
لم يتولى المشرع الجنائي مسألة المسؤولية الجنائية بصفة صريحة وإنما تعرض لها عبر عدة نصوص مختلفة تختلف حسب تعدد حالات المسؤولية الجنائية[25].
إذ تترتب عن العمل أو الامتناع الذي جرمه المشرع الجنائي وعاقب عليه في نص من نصوصه؛ سواء قررت العقوبة في القانون الجنائي أو في نصوص خاصة، على اعتبار أن الإمساك عن العمل أو إتيانه يلحق الضرر بالمجتمع بكامله[26]، فإن المسؤولية المدنية لها نطاق ضيق؛ إذ أنها تهدف إلى حماية مصلحة خاصة يملك المتضرر إمكانية واسعة للتنازل عن حقه في التعويض، إذ لا فرق بين أن يكون الضرر ناتجا عن الإخلال بالتزام عقدي أو تقصيري[27]، إذ تترتب المسؤولية العقدية عند إخلال أحد طرفي العقد بالتزاماته؛ إما من خلال عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي لذلك الالتزام أو عندما يتحقق تنفيذه بشكل معيب فقد يلحق الضرر بالطرف الآخر، وتقوم المسؤولية المدنية أيضا في نطاق المسؤولية التقصيرية والمتمثلة في التزام قانوني عام يتمثل في عدم الإضرار بمصالح الأغيار، وتقوم المسؤولية المدنية عند تحقق شروطها وهي الخطأ والضرر ووجود علاقة سببية بينهما (الفصل 78 ق.ل.ع)[28]. ويترتب على التمييز بين المسؤوليتين عدة نتائج وآثار قانونية نجملها فيما يلي:
أولا: يؤدي ارتكاب الفعل أو الامتناع ضررا بالمجتمع، مما يقرر معه جزاء متمثل أساسا بعقوبة زجرية توقع على المسؤول جنائيا، بالمقابل يترتب على المسؤولية المدنية عقدية كانت أم تقصيرية مجرد تعويض المتضرر كونه يحدث ضررا خاصا[29]؛
عقد التجارة الالكتروني الدولي
ثانيا: على اعتبار أن الدعوى الجنائية تقوم على انتهاك المجرم للحق العام، فلا يحق للمتضرر التنازل عن مقتضيات الدعوى العمومية كونها ليست من حقه، إذ تمثل حق خالص للمجتمع تمثله النيابة العامة، وعكس ذلك فيمكن للمتضرر أن يتنازل عن مطالبه المدنية إذ تتعلق آنذاك بمصلحته الشخصية[30]؛
ثالثا: تتمثل العقوبة عند تحقق المسؤولية الجنائية في إمكانية عقاب الجاني، إذ تطال إما حياته أو حريته أو أمواله، انطلاقا من مبدأ شرعية الجرائم، الأمر الذي لا نجد له أثر في الميدان المدني، حيث يترتب على جميع الأفعال الضارة بالغير ودون حصرها في نص تشريعي التعويض فقط، هذا ما يخول للقاضي المدني سلطة تقديرية في تقرير الأسباب المؤدية لحدوث الأضرار وكذلك في تقرير التعويض[31]؛
رابعا: فيما يخص دعوى المطالب المدنية فيمكن ان تكون تابعة للدعوى العمومية وليس العكس، ففي حالة ما نتج عن الفعل الواحد دعوى جنائية وأخرى مدنية؛ فللمجني عليه الحق في رفع دعوى المطالب المدنية إلى المحكمة الزجرية وذلك في شكل دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية، كما يبقى لديه الخيار في رفعها بطريقة مستقلة إلى المحكمة المدنية[32]، وكمثال على تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية قرار عدد 151/09 ملف جنائي 73/09 والذي توبع فيه المتهم بجناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه مع سبق الإصرار، حيث جاء في حيثيات الحكم “النظر في الدعوى العمومية وذلك بمتابعة المتهم ومآخذته بما نسب إليه لاقتناع المحكمة بثبوت الجناية ومنه إدانته من أجلها، وكذلك النظر في الدعوى المدنية التابعة في تقريرها للتعويض عن الاضرار المادية والمعنوية اللاحقة بالمطالبين بالحق المدني ذلك لقيام مسؤولية المتهم جنائيا عن وفاة الضحية الهالك ومنه قيام مسؤوليته المدنية[33]؛
خامسا: لكل من دعوى المسؤولية الجنائية والمدنية تقادما مستقلا يختلف من حالة لأخرى، فوفقا للمادة 5 من قانون المسطرة الجنائية تتقادم بمرور خمسة عشر سنة كاملة من يوم ارتكاب الجناية، وبأربع سنوات كاملة من يوم ارتكاب الجنحة، وسنة كاملة من يوم ارتكاب المخالفة، أما بخصوص الدعوى المدنية فإن تقادمها يختلف باختلاف ما إذا كانت عقدية أو تقصيرية كما هو مقرر في الفصلين 106 و387 من ق.ل.ع[34]؛
سادسا: ثبوت المسؤولية الجنائية بحكم جنائي يلزم القاضي المدني بالتقيد به واعمال قواعد المسؤولية المدنية وتقرير التعويض عن الضرر، أما في حالة ما تقضي المحكمة الجنائية ببراءة المتهم من الأفعال المنسوبة إليه فلا يجوز للقاضي المدني الحكم بثبوتها في حق المبرأ والقضاء بمسؤوليته المدنية، هذا ما قرر المجلس الأعلى حين قال “يتعين على المحاكم المدنية اعتبار ما قضت به المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوجود الحادث الجنحي ووصفة إدانة أو براءة من نسب إليه[35]“.
- ثانيا: تمييز المسؤولية الجنائية عن المسؤولية التأديبية:
إن المشرع الجنائي اعتبر الجريمة التي تتولد عنها المسؤولية الجنائية تشكل اخلالا خطيرا بأمن وسلامة المجتمع، وهذا خلاف الجريمة التأديبية التي تتولد عنها مسؤولية تأديبية، كونها تقوم فقط على خطأ مصلحي للموظف، التي وإن كانت تؤدي بدورها إلى الإضرار بالمجتمع؛ إلا أن مدى هذا الاضرار جد محدود، إذ أن الجرائم الجنائية لا تنشأ إلا عن أخطاء محددة على سبيل الحصر مقدما من طرف المشرع، أما الجرائم التأديبية وإن كانت عقوباتها محددة على سبيل الحصر[36]، فإن الأخطاء المهنية أو الوظيفية التي تترتب عنها المسؤولية التأديبية لا تدخل تحت تحديد حصري مسبق من طرف المشرع[37]، ويترتب على هذا التمييز ما يلي:
أولا: تقرير المساءلة الجنائية عن الجرائم لا يكون إلا من طرف القضاء لخطورته البالغة، أما بالنظر في الجرائم التأديبية وما يترتب عنها من مساءلة تأديبية يرجع ذلك لهيأت غير قضائية[38]؛
ثانيا: الجريمة المهنية وما يترتب عنها من مسؤولية تأديبية تختلف عن الجريمة التي تنشأ عنها المسؤولية الجنائية ومستقلة عنها، بمعنى أن الدعوى الجنائية لا تؤثر في الدعوى التأديبية، يقصد بهذا أن سقوط إحداهن لا يؤثر في قيام الأخرى؛ فالدعوى الجنائية المرفوعة ضد الموظف ولو انتهت إلى براءته لا تؤثر في الدعوى التأديبية، إذ يعاقب الموظف تأديبيا على أساس أنه ارتكب خطأ مهني، كما أن صدور قرار من مجلس تأديب بعدم مساءلة الموظف تأديبيا لا يمنع قيام الدعوى العامة ومحاكمة الموظف من جديد ومساءلته جنائيا[39].
الفقرة الثانية: الوقائع التي تترتب عنها المسؤولية الجنائية وشخصيتها
- أولا: الوقائع التي تترتب عنها المسؤولية الجنائية:
حتى تتحقق المسؤولية الجنائية لابد من حدوث واقعة توجب المساءلة الجنائية، وشرط الواقعة الموجبة للمسؤولية أن تكون جريمة استوفت جميع أركانها، وكذا لتحقق المسؤولية لا بد من وجود شخص معين ليتحمل المسؤولية محكوما بمبدأ الاقليمية[40].
لقد عدد المشرع الجنائي هذه الوقائع في الفصل 132 من القانون الجنائي، فقال:
” كل شخص سليم العقل قادرا على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن:
- الجرائم التي يرتكبها؛
- الجنايات أو الجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها؛
- محاولات الجنايات؛
- محاولات بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون للعقاب عليها.
ولا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك”.
يفهم من الفقرة الأولى من الفصل أن القانون الجنائي استثنى من العقاب الصبي، المجنون وأصحاب العاهات العقلية؛ أي الذين لا يتصفون بالإدراك والتمييز[41].
وبما أن الجريمة قد يرتكبها الشخص بنفسه فيسمى فاعلا ماديا، وإما أن يرتكبها بالواسطة فيكون فاعلا معنويا مسؤولا بدل من ارتكبها ماديا (الفصل 131 ق.ج[42])، كمن يسلط مجنونا على القتل أو السرقة لفائدته كي يتجنب المساءلة، فإن هذا الشخص يسأل جنائيا في القانون المغربي عن:
- الجنايات، الجنح والمخالفات التي يرتكبها شخصيا أو بالواسطة، أو يكون مساهما فيها؛
- المشاركة في ارتكاب أية جناية أو جنحة، دون المخالفات؛
- المحاولة في الجنايات مطلقا، وفي بعض الجنح إذا نص المشرع صراحة على المساءلة عن محاولاتها استثناء، أما المخالفات فلا مساءلة عن المحاولة فيها، وكل ذلك بالشروط الواردة في الفصل 133[43] من القانون الجنائي[44].
- ثانيا: شخصية المسؤولية الجنائية:
إلى جانب مبدأ شخصية العقوبة، ظهر مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية، ومؤدى هذا مبدأ أن لا مجال للمسؤولية الجنائية عن فعل الغير ولا مجال أيضا للمسؤولية الجنائية عن الأفعال التي ترتكب دون وجود علاقة معنوية ومادية بين الفعل ومرتكبه، ولهذا قيل إن الإجرام لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة، وإن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ[45]، فحسب هذا المبدأ ـ شخصية المسؤولية الجنائية ـ لا يسأل عن الجريمة إلا فاعلها، ولا يؤاخذ شخص بجريمة غيره مهما كانت درجة قرابته[46]، فالعقوبة لا تطال إلا الذي ارتكب شخصيا إحدى الوقائع التي عددها المشرع الجنائي في الفصل 132 ـ كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا ـ، فالقاتل أو السارق وحده الذي يسأل عن فعله الجرمي دون غيره، والمشارك في ذات الجريمة هو وحده الذي يسأل باعتباره مرتكبا لجناية المشاركة في الجريمة، على اعتبار أن المسؤولية الجنائية مسؤولية شخصية كمبدأ عام.
لكن المشرع أود استثناء في الفقرة الأخيرة من الفصل 132 حين أورد “ولا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك”، حيث أقر بوجود بعض الحالات التي تشكل استثناء على مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية، إذ أقر المسؤولية الجنائية غير الشخصية، وهي نوع من المسؤولية الموضوعية أو المفترضة التي تقوم على افتراض الخطأ في جانب المسؤول؛ أي مجرد توافر السببية بين فعله والنتيجة، وتجد هذه المسؤولية معارضة من طرف الفقه لما لها من خطورة؛ كون الشخص يسأل عن أفعال غيره وفي هذا خروج على المبدأ العام السابق، في كل حالة ورد بشأنها نص خاص يسمح بالمسائلة عن غير فعل الشخص، ومن أمثلة هذه النصوص نورد على سبيل المثال، المادة 61 من ظهير 15 نونبر 1958 بمثابة قانون الصحافة[47]، والذي يقضي بأنه “إذا ما ارتكبت الجنح المنصوص عليها في الفصلين 59 و60 أعلاه عن طريق الصحافة، فإن المديرين أو الناشرين تطبق عليهم من جراء النشر وحده، وبصفتهم متهمين رئيسيين العقوبات المبينة أعلاه[48].
وإن لم يكم هناك مديرين أو ناشرين فالمتسبب صاحب العمل، وإن لم يكن هناك متسبب فإن أصحاب المطبعة، والموزعين والمعلنين يتابعون بصفتهم متهمين رئيسيين[49]…”.
المبحث الثاني: عوارض المسؤولية الجنائية
بالرجوع إلى الفصلين 132[50] و134 من القانون الجنائي؛ يتضح أن المسؤولية الجنائية لا تقوم إلا بتوافر عنصرين أساسين هما العقل والقدرة على التمييز، أي القدرة على فهم وإدراك ماهية الفعل، والارادة الحرة أي قدرة الشخص على توجيه سلوكه على نحو معين بحرية واختيار، فإذا انتفى هذان العنصران أو أحدهما فلا قيام للمسؤولية الجنائية وتسمى الاسباب التي تؤدي إلى عدم توافرها “موانع المسؤولية الجنائية[51]“.
بالرجوع للنصوص الجنائية المتعلقة بهذا الموضوع في مدونتنا الجنائية نلاحظ أن المشرع المغربي قد قصر الاسباب التي تؤثر على المسؤولية الجنائية للشخص على تلك العائدة للإدراك أو التمييز فقط، دون تلك العائدة لحرية الاختيار، ويتعلق الأمر بالجنون كنوع من أنواع المرض الذي يفقد صاحبه ملكة الادراك، وصغر السن كمرحلة طبيعية من مراحل العمر يمر بها كل إنسان، ويتفق هذان السببان في كونهما يحددان الأهلية الجنائية[52]، منه سنبحث العوارض العائدة لانعدام الأهلية (المطلب الأول).
ولا يمكن القطع بأن المشرع المغربي قد أورد هذه الوقائع على سبيل الحصر؛ لسببين رئيسيين، أولهما أنه متى اتضحت حالة ينعدم فيها التمييز أو الارادة فإنه يجب اعتبارها من موانع المسؤولية؛ حتى ولو لم تكن واردة في نصوص القانون الجنائي مادام المشرع قد قرر قاعدة عامة تقضي بأن المسؤولية الجنائية لا تقوم إلا بالقدرة على التمييز والارادة، ويتمثل السبب الثاني في كون النصوص المتعلقة بموانع المسؤولية الجنائية من النصوص التي يجوز القياس في تفسيرها دون أن يشكل ذلك أي إخلال بمبدأ الشرعية[53]، هذا ما يدفعنا إلى إدراج حالة السكر غير الارادي وحالة الاكراه المعنوي كموانع للمسؤولية؛ لانعدام حرية الاختيار كركن ثاني لقيام المسؤولية الجنائية، إذ تنتفي فيها الارادة لسبب خارجي يترتب عليه انعدام المسؤولية أو نقصانها بالنسبة للفاعل (المطلب الثاني).
المطلب الأول: موانع المسؤولية لانعدام الأهلية
إذا كانت الأهلية الجنائية تقوم على عنصرين هما الادراك والارادة حيث يعرف الادراك أنه الملكة أو الاستعداد الذي يتوافر لدى الإنسان ببلوغه سنا معينا من النضج العضوي والعقلي، والارادة بأنها القوة أو القدرة النفسية التي يستطيع بها الشخص أن يتحكم في نشاطه العضوي أو الذهني، ويسيطر عليه بحيث يستطيع أن يسلك سلوكا ايجابيا معينا أو يمنع عنه أو يعدل فيه، وهذه القوة أو القدرة النفسية لا تتوفر للشخص إلا إذا كان قد بلغ سن النضوج العضوي والنفسي الذي حدده المشرع في نصوصه[54]، فقد تطلب المشرع في الفصل 132 ق.ج ضرورة توافر سلامة العقل والقدرة على التمييز لقيام المسؤولية الجنائية، فمتى انتفى هذين الشرطين أو اختل أحدهما كليا أو جزئيا تنتفي معه المسؤولية الجنائية سواء في حالة الخلل العقلي (الفقرة الأولى)، أو حالة صغر السن (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الخلل العقلي كمانع للمسؤولية الجنائية
إذا كان الأصل في الإنسان الذي يسأل جنائيا أن يكون سليم العقل مكتمل الأهلية، فإنه قد يحدث في بعض الاحيان أن يكون هذا الإنسان فاقد الأهلية لجنون أو عاهة في العقل[55]، وقد ميز المشرع بين حالة الخلل العقلي الذي اعتبره مانعا من الموانع الكلية للمسؤولية الجنائية ـ الفصل 134 ق.ج ـ (أولا)، وبين حالة الضعف العقلي الذي اعتبره سببا من أسباب تخفيفها ـ الفصل 135 ق.ج ـ (ثانيا).
- أولا: الاختلال العقلي التام:
جاء في الفصل 134-1 من القانون الجنائي “لا يكون مسؤولا ويجب الحكم بإعفائه، من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه في حالة يستحيل عليه معها الادراك أو الارادة نتيجة لخلل في قواه العقلية…”
يتضح من الفقرة السابقة على أن المشرع لم يعرف ماهية الخلل العقلي، لكن يمكن تعريفه بأنه اختلال أو اضطراب في القوى العقلية أو القوة المميزة على نحو يترتب عليه فقدان الادراك أو فقد السيطرة على أعماله، أو على أنه حالة الشخص الذي يكون عاجزا على توجيه تصرفاته على صورة صحيحة بسبب توقف قواه العقلية عن النمو أو انحرافها، بشرط أن يكون من ضمن الحالات المرضية المعينة[56].
فلا يقصد بالخلل العقلي حالات الأمراض العقلية وحدها؛ لأنه توجد الكثير من الاختلالات التي تصيب العقل بصفة دائمة أو مؤقتة، هذا ما يطرح التساؤل حول أشكال الخلل العقلي التام.
خصوصية نظام المقاول الذاتي
- أشكال الخلل العقلي التام:
توجد أنواع مختلفة من هذا الاختلال العقلي، فنذكر منها الجنون؛ فهو اضطراب يلحق القوى العقلية للشخص بعد أن كانت عادية تؤدي وظيفتها وقد ينشأ هذا الاضطراب عن مرض عضوي أو عن مرض نفسي، كما قد يكون مستمرا مطبقا أو متقطعا متناوبا[57]، إلى جانب الجنون هناك البطاح أو الهذيان المزمن الناتج عن هلوسة إذ يتحول المصابين به فجأة إلى أشخاص خطرين تحت تأثير أحداث خارجية أو حتى بدون سبب ظاهر، وحالات التهيج كما تدخل حالة العته ضمن حالات الخلل العقلي التام إذ توصف باختلالات الذكاء؛ إذ أن ضعف القوة العقلية لديهم قد يكون مصدر تصرفات مضادة للمجتمع[58].
مع ملاحظة أن الاختلال العقلي أو الجنون لا يشمل بعض الأمراض البدنية وإن ترتب عليها بعض أوجه الخلل الذهني لدى المصاب بها، كما لا يتسع لبعض الحالات النفسية التي لا يترتب عنها انعدام قدرة الشخص على الادراك أو قدرته على الاختيار وإن انتقص منها، مثال الشخصية السيكوبائية[59] .
ولتعدد مظاهر وصور الاختلال العقلي، ولكون الأمر يتعلق بمسائل تقنية لا مناص للقاضي سواء قاضي التحقيق أو قاضي الحكم من الاستعانة بشأنها برأي المختصين وهو ما يتأتى له بمقتضى المادة 194 (ق.م ج) المتعلقة بإجراءات الخبرة[60]، فتحديد الخلل العقلي مسألة موضوع تخضع في تقديرها لسلطة القاضي؛ الذي وقبل البث في ذلك غالبا ما يخضع المتهم للخبرة الطبية التي يكون عليها معاينة هذا الخلل والتحقق طبيا من توافره، وإن القاضي يأخذ في أغلب الأحيان بنتائج الخبرة حيث يعتمد عليها في تقريره لمدى سلامة قوى المتهم العقلية حيث جاء في قرار عدد 111 ملف جنائي استئنافي عدد 115/10[61] “حيث تبين المحكمة بعد مناقشاتها للقضية وبعد استماعها إلى من يجب الاستماع إليه…أن الخبرة القضائية المأمور بها من طرف المحكمة قد خلصت إلى أن المعني بالأمر مصاب باضطراب ذهني مؤثر على قواه العقلية وادراكه وتقييمه لتصرفاته”. وللقاضي أيضا أن لا يستجيب لهذه الخبرة، غير أنه لابد من الناحية المنطقية تعليل سبب عدم الاستجابة لها أو الأخذ برأي مخالف لما جاءت به، حيث علل المجلس الأعلى ـ محكمة النقض ـ في قرار عدد 6156[62] “أن المحكمة غير ملزمة بأن تستجيب للخبرة التقنية وقد عللت رفضها تعليلا استخلصته من ظروف المتهم والحالة التي كان عليها وقت استنطاقه”، وبهذا فالمحكمة ملزمة بتعليل قرارها وإلا تعرض للنقض.
كما أنه لا يجوز للمحكمة التي قررت إجراء الخبرة أن تعدل عنه إلا بتعليل خاص لتعلق حق الغير به، هذا عندما تقرر المحكمة إجراء الخبرة ثم تعدل عنها، حيث يصبح قرارها هذا بالعدول عرضة للنقض[63]، وتجدر الإشارة كذلك أنه عندما تطلب الخبرة الطبية من الطبيب فيتعين عليه تحديد ما إذا كان فقد الوعي أو الارادة معاصرا لارتكاب الفعل الجرمي أم لا، وكذلك تحديد حدة وشدة الخلل العقلي لدى المتهم[64].
- شروط انعدام المسؤولية في حالة الخلل العقلي:
باستقرائنا للفصل 134 من القانون الجنائي، فإن امتناع المسؤولية الجنائية بسبب الاختلال العقلي يستوجب توفر شرطين أساسين؛ وهما معاصرة الخلل العقلي لارتكاب الفعل الجرمي، وأن يكون مرتكب الفعل في حالة اختلال عقلي أفقده الوعي والادراك.
أولا: أن يكون مرتكب الجريمة في حالة اختلال عقلي أفقده الوعي والادراك:
يقصد بهذا الشرط أن امتناع المسؤولية ليس له أثر للحالة المرضية لذاتها، إنما لما يترتب عليها من آثار منصرفة إلى عناصر الاهلية والمسؤولية[65]، هذا ما عبر عنه المشرع بقوله “لا يكون مسؤولا، ويجب الحكم بإعفائه من كان… في حالة يستحيل عليه معها الادراك أو الارادة نتيجة لخلل في قواه العقلية” 134/1، إذ يقصد بشرط الاستحالة الفقدان التام للقوى العقلية للشخص وليس نقصانها فقط[66]، حيث أنه عند ثبوت أن المتهم كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الافعال المنسوبة إليه، لا يسع المحكمة والحالة هنا إلا التصريح بانعدام مسؤولية المتهم مطلقا[67]، أما إذا بقي الادراك قائما لدى المختل عقليا ولو جزئيا فإنه يسأل مسؤولية مخففة عملا بمقتضيات الفصل 135 (ق.ج)، على اعتبار أن الفاعل إذ ذاك مصاب بضعف في قواه العقلية[68].
ثانيا: تزامن الخلل العقلي مع وقت ارتكاب الجريمة:
إن انتقاء الاهلية الجنائية بسبب الخلل العقلي، وإن كان شرطا لازما لامتناع المسؤولية الجنائية، إلا أنه ليس كافيا؛ إذ يتعين إلى جانب ذلك أن يكون هذا الجنون أو العاهة العقلية قد توافر وقت ارتكاب الجريمة، وقد قرر المشرع صراحة هذا الشرط بقوله في الفصل 134/1 “…من كان وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه…”، ويشترط هذا التزامن مهما طالت مدة تنفيذ الجريمة؛ فإذا ما ارتكب الفعل قبل حصول الخلل العقلي يسمح للقاضي بأن يقرر فقط تمتيع المتهم بظروف التخفيف[69]، أما إذا أصيب الفاعل بهذا الخلل بعد أن ارتكب الجريمة فإنه يكون مسؤولا من الناحية الجنائية والمدنية، مع ملاحظة أن استمرار هذا الخلل لما بعد ارتكاب الجريمة وقبل المحاكمة يؤدي إلى توقيف المتابعة وجوبا كما يقضي بذلك الفصل 79 (ق.ج)؛ لكنه لا يوقف التحقيق حتما كما جاء في الفصل 136 (ق.ج)، ويقف كذلك أمام تنفيذ بعض العقوبات وإن طرأ هذا الخلل العقلي بعد ثبوت الادانة بحكم غير قابل للطعن كالإعدام والعقوبات السالبة الحرية[70].
وإن كان شرط المعاصرة لا يثير أية صعوبة بشأن الجرائم الوقتية؛ إذ تكون العبرة بحالة الجاني وقت ارتكاب الفعل، فقد يكون العيب العقلي مستديما أو متقطعا، فإذا كان العيب مستمرا لا يفيق منه الشخص؛ فلا يسأل عن أي عمل يأتيه تحت تأثير هذا العيب، أما إذا كان العيب العقلي متقطعا فلا يسأل عما يأتيه خلال فترة العيب ويسأل عما يقترفه عند إفاقته منه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه بالنسبة للجرائم المستمرة والجرائم المتتابعة الأفعال وجرائم الاعتياد يجب التثبت في تطبيق هذا الشرط، فبالنسبة للجرائم المستمرة لا تمنع المسؤولية الجنائية إلا إذا كان مصاحبا طوال مدة الاستمرار لها، فإذا استرد الجاني رشده في أية لحظة كان مسؤولا، وفي الجرائم المتتابعة الأفعال فيقتصر امتناع المسؤولية الجنائية على ما ارتكب منها تحت تأثير الاختلال العقلي، أما بالنسبة لجرائم الاعتياد فلا يدخل ضمن تكوين ركن الاعتياد سوى الأفعال المرتكبة في كامل الاهلية الجنائية[71]، من هنا يتعين على المحكمة أن تبين في حكمها حالة المتهم المرضية وقت ارتكابه الفعل المنسوب إليه وإلا كان حكمها قاصرا.
ج- آثار ثبوت الخلل العقلي:
يترتب عند ثبوت قيام الخلل العقلي لدى المتهم لحظة ارتكابه للجريمة امتناع مساءلته الجنائية طبقا للفصل 134 “لا يكون مسؤولا…”، والمحكمة تحكم عليه بالإعفاء وليس بالبراءة؛ ذلك لأن الجريمة تبقى ثابتة في حقه، وكل ما في الأمر أنه لا يسأل عنها جنائيا، والقول بإعفاء كل مرتكب لجريمة وهو في حالة خلل عقلي لامتناع المسؤولية لا يمتد لغيره من المساهمين أو الشركاء معه في الفعل ما لم يكونوا بدورهم مختلي العقل فيشملهم الاعفاء[72].
لكن ذلك الاعفاء لا يعني عدم خضوعه لأي تدبير، بحيث أن الفصل 134 يقضي بإيداعه قضائيا في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وفق الشروط المتضمنة في الفصل 76[73] (ق.ج)؛ في حالة كون الفعل المرتكب جناية أو جنحة حيث قضت محكمة الاستئناف بفاس في قرار عدد 589[74] ” الحكم بانعدام مسؤولية المتهم مطلقا والحكم بإعفائه من العقاب والأمر بإيداعه بمؤسسة ابن الحسن لعلاج الأمراض العقلية بفاس، مع بقاء الأمر بالاعتقال ساريا في حقه إلى حين ايداعه بهاته المؤسسة”، لارتكابه جناية محاولة القتل العمد. وأما إذا كان الفعل مخالفة وكان الشخص خطيرا على النظام العام فيحكم بإعفائه ويسلم للسلطة الادارية[75].
وتجدر الإشارة إلى أن الاخذ بنظام الايداع القضائي سابق الاشارة، لا يعني المساس بمبدأ امتناع المسؤولية الجنائية للمتهم لخلله العقلي، إذ أن تدبير الايداع وإن انطوى على سلب لحرية المتهم، إلا أنه ليس عقوبة؛ وإنما هو تدبير احترازي يهدف إلى مواجهة الخطورة الاجرامية للمتهم[76].
تبعا لذلك لا يمكن أن يسأل مدنيا مرتكب الفعل الاجرامي وهو في حالة خلل عقلي، لعدم إمكانية نسبة أي خطأ إليه بسبب تطابق الركن المعنوي والخطأ في كل من الميدان الجنائي والمدني التقصيري، وبخلو ظهير الالتزامات والعقود من أي نص صريح يقضي بمساءلة المختل العقلي من جهة، ولصراحة النصوص المنظمة للمسؤولية عن العمل الشخصي الخاطئ والتي تشترط صراحة توافر الادراك والتمييز والارادة للمساءلة المدنية من جهة أخرى، حيث يقضي الفصل 96 من (ق.ل.ع) أن ” القاصر عديم التمييز لا يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله، ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل بالنسبة للأفعال الحاصلة في حالة جنونه”، وقد ذهب القضاء المغربي في نفس الاتجاه حيث قضى المجلس الأعلى في قراره 2475[77] بأنه ” القاصر عديم التمييز ويلحق به فاقد العقل بالنسبة للأفعال الحاصلة منه وقت جنونه، لا يسأل عن الضرر الذي تسبب فيه وأن المحكمة لما أعفت المتهم من المسؤولية الجنائية… وقضت عليه مع ذلك بأداء التعويض للمطالب بالحق المدني لم تجعل لما قضت به أساسا صحيحا من القانون وخرقت الفصل 96 من ق.ل.ع وعرضت قرارها للنقض”.
وقد انتقد جانب من الفقه المغربي هذه الوضعية وقال بضرورة تدخل المشرع المغربي ليفرض على المصاب بخلل عقلي المسؤولية المدنية؛ على اعتبار أن المشرع الفرنسي عدل من موقفه من هذه القضية فعدل بموجب القانون الصادر في 3 يناير 1968 على الفقرة 3 من المادة 489 من القانون المدني يقضي بمسؤولية المجنون المدنية[78]، كما أن بعض التشريعات تقضي بمآخذة المختل عقليا مدنيا منها التشريع المصري في المادة 164 من القانون المدني الجديد.
إلا أنه بالرجوع إلى الفصل 85 من (ق.ل.ع)، فإن المسؤولية عن الأضرار التي يتسبب فيها المختلين عقليا يتحملها الشخص الذي يتولى رقابة هؤلاء المرضى، إلا أنه يجب أن “يتثبت من الاختلال قضائيا وليس طبيا، حتى تنتقل المسؤولية للوالدين بناء على مقتضيات الفصل 85 من ق.ل.ع[79]“، حيث لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، بل أن الاب والأم وغيرهما من الأقارب والأزواج يسألون عن الأضرار التي يحدثها المجانين وغيرهم من مختلي العقل، إذ كانوا يسكنون معهم، ولو كانوا بالغين سن الرشد.
- ثانيا: الاختلال العقلي الجزئي:
الضعف العقلي أو عدم اكتمال القوى العقلية، أو كما يسميه بعض الفقه “الجنون الناقص”، إذ يراد بالعيب العقلي الجزئي؛ كل خلل أو اضطراب يشوب القدرات الدهنية للإنسان دون أن يترتب عليه نفي أو تعطيل لكامل هذه القدرات، بل يضل للمرء رغم وجود المرض العقلي الجزئي قدر من ملكتي الشعور والارادة[80]، فهو درجة وسطى بين الخلل العقلي وكمال القوى العقلية، وقد أخد المشرع المغربي بفكرة تدرج المسؤولية الجنائية بين الكمال إلى النقصان ثم الانعدام، وذلك حسب توفر الادراك والارادة والتمييز لدى الشخص المؤتي للجريمة[81].
هذا ما يتبين من خلال الفصل 135 (ق.ج) حين قال “تكون مسؤولية الشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي إلى تنقيص مسؤوليته جزئيا”، وهو على خلاف الاختلال العقلي التام؛ فإنه ينقص فيه الادراك والارادة ولا ينعدمان إذ يتعلق الأمر ببعض الأمراض كالهستيريا التي تعتبر حالة انعدام توازن الجهاز العصبي يتسبب في اختلال العواطف ولا يؤدي بصفة عامة إلى انعدام التمييز، وحالات الجنون الأخلاقي التي يكون فيها الشخص مالكا لقدراته الفكرية والارادية، لكن يلاحظ عنده انجذاب قوي نحو فعل الشر[82]، فإن وجود العيب العقلي الجزئي وإن كان لا يفقد الجاني شعوره وإرادته على نحو كامل فإنه ينقص من الشعور والارادة لديه على نحو ملحوظ، ولهذا كان من المنطق والعدل أن يقابل هذا النقص في ملكتي الشعور والارادة نقص مماثل في درجة المسؤولية الجنائية[83].
فإذا ثبتت حالة الضعف العقلي لدى الفاعل ـ المتهم ـ، سواء من ظروف الحال أو بالاستعانة بآراء الخبرة الطبية، يؤدي ذلك لانتقاص الادراك والارادة لديه حالة إتيانه للجريمة، فإن مسؤوليته تنتقص جزئيا ولا تمتنع كليا[84]، فتوافر حالة الضعف العقلي يلزم المحكمة بتخفيض العقوبة المحكوم بها على هذا المتهم[85]، وليس إعفائه منها، فالمحكمة تقضي بإدانة الفاعل وقيام مسؤوليته الجنائية ويترتب عن هذا أنه تطبق في حق الجاني العقوبات والتدابير الوقائية[86] المقررة في المادة 78 (ق.ج)، إذا كان الفعل الذي ارتكبه جناية أو جنحة، وفي حالة كونه مخالفة فتطبق العقوبات المقررة لها مع مراعاة حالته العقلية، وتبعا لذلك تترتب عن أفعاله قيام المسؤولية المدنية عن الاضرار المتسبب بها، فإنه يتحملها كاملة وغير ناقصة، حيث أنه وتطبيقا للفصل 97 (ق.ل.ع) “الصم البكم وغيرهم من ذوي العاهات يسألون عن الاضرار الناتجة من أفعالهم أو أخطائهم إذا كان لهم من التمييز الدرجة اللازمة لتقدير نتائج أعمالهم”، وهو ما يعني تقرير مسؤوليتهم المدنية الشخصية لأنه في حالة عدم توفرهم على الدرجة الازمة للتمييز سيعتبرون في حكم المصابين بخلل عقلي تام[87].
الفقرة الثانية: صغر السن كمانع للمسؤولية
إن مختلف التشريعات الحديثة تأخذ بصغر السن أو ما يسمى كذلك بالقصور الجنائي كسبب مؤثر في الأهلية الجنائية، ويكون ذلك إما بانعدامها بصفة كاملة أو بنقصانها؛ مما يترتب عليه إما عدم مساءلة الصغير تماما أو مساءلته بطريقة مخففة وخاصة[88]، فإعفاء الأحداث من المسؤولية الجنائية ليس بسبب انعدام الارادة؛ فالإرادة متوفرة لدى الحدث، وإنما يتعلق الأمر بالإدراك؛ إذ أن ادراكه في سنه لم يستقر بعد استقرارا يجعله يميز بين الخطأ والصواب، فضلا عن ادراكه لمحيطه الخارجي وما يحكمه من قوانين وروابط اجتماعية، وانعدام الادراك لدى الحدث يؤثر في الشق الأول من الركن المعنوي وهو العلم وذلك يكفي لانتفاء المسؤولية أو نقصانها، وبين نقصان الادراك وانتفائه تباينت التشريعات في نظرتها إلى مسؤولية الحدث[89]، مع أنها تتفق على أن عدم بلوغ الحدث سن التمييز يترتب عليه انعدام مسؤوليته فقد تباينت في تحديد هذا السن؛ فنجد المادة 94 من قانون الطفل المصري لسنة 1996 تحدد امتناع مسؤولية الطفل في سبع سنوات، ويذهب القانون التونسي إلى رفع سن عدم المسؤولية الجنائية إلى الثالثة عشرة سنة ـ المادة 38 ـ، وذهب التشريع الفرنسي إلى إقامة قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس على امتناع مسؤولية الحدث دون الثالثة عشر سنة[90]، كما أن الشريعة الإسلامية أقرت قاعدة عدم ترتيب مسؤولية جنائية عن فعل الصبي[91].
هذا ما سار عليه المشرع المغربي؛ ذلك حين ميز بين الراشدين والأحداث في الميدان الجنائي، فقد اعتد بصغر السن كسبب للتأثير على الأهلية الجنائية، إما بانعدامها كلية (أولا) مما يترتب عليه عدم مساءلة الصغير جنائيا، أو بصورة جزئية فتكون مسؤولية مخففة (ثانيا)، ولما كانت مسؤولية الحدث تبنى بالأساس على سن هذا الأخير، فإن تقدير السن في حد ذاته وما يشكله من ضمانات يعتبر تحديا في تحديده وإثباته (ثالثا).
كملاحظة أولية، نجد أن المشرع المغربي تناول موضوع الأحداث في كل من القانون الجنائي باعتباره قانون موضوع؛ فاقتصر على تحديد مراحل المسؤولية الجنائية التي يمر بها الشخص، وقرر في قانون المسطرة الجنائية وباعتباره قانون اجرائي مختلف التدابير الوقائية، العقوبات والقواعد التي تحكم هذا الموضوع، ومنه سنحاول أن نتطرق إلى هذا الموضوع محاولين المزج بين القانونين في حدود موضوع البحث.
- أولا: انعدام المسؤولية الجنائية للحدث:
تباينت التشريعات فيما بينها في تحديد سن امتناع المسؤولية الجنائية للحدث، فاعتبر المشرع الجنائي المغربي أن “الحدث الذي لم يبلغ اثنتي عشرة سنة كاملة يعتبر غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه” ـ الفصل 138 ق.ج ـ وكذلك الفقرة الثانية من المادة 458 (ق.م.ج).
ومن الواضح أن الصغير غير المميز إذ ارتكب جريمة فإنه يعتبر غير أهل للمساءلة الجنائية فتمتنع مسؤوليته بصفة مطلقة، فهو لا يودع بأية مؤسسة سجنية، ولو بصفة مؤقتة ومهما كان نوع الجريمة المقترفة من طرفه، إلا أن ذلك لا يحول دون امكانية الحكم عليه بأحد تدابير الحماية أو التربية المنصوص عليها في المادة 468 (ق.م.ج)[92].
هكذا فإن كان الفصل 138 (ق.ج) قد حسم في أمر مساءلة الصغير غير المميز فاعتبرها منعدمة، فإنه بخصوص التدابير التي ينبغي أن تتخذ في حق الحدث أحال في ذلك على المقتضيات المقررة للأحداث الواقعة في الكتاب الثالث من قانون المسطرة الجنائية والتي باستقرائها نستنتج ما يلي:
أولا: إذا كانت الأفعال تكتسي طابع المخالفة ـ المادة 468 ق.م.ج ـ فيتم تسليم الحدث لأبويه أو حاضنه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو لكافله، أو الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته.
ثانيا: أما في حالة ارتكاب الحدث لفعل يوصف أنه جنحة، فلا تملك غرفة الأحداث بعد إسناد الفعل إليه سوى التنبيه وتسليمه بعد ذلك لأبويه أو إلى الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف برعايته، كما لها إن كان الحدث مهملا أو كان أبواه أو غيرهما ممن يسمح بتسليم الحدث إليهم لا يتوفرون على الصفات المطلوبة أخلاقيا؛ فإنها تأمر بتسليمه إلى شخص جدير بالثقة أو إلى مؤسسة مرخص لها، ويمكنها علاوة على ذلك أن تأمر بوضع الحدث تحت نظام الحرية المحروسة ـ المادة 480-5-6 ق.م.ج ـ، يلاحظ أنه بتقرير المحكمة بتسليم الحدث إلى شخص جدير بالثقة في حالة ما إذا كان مهملا أو كان أبواه لا يتوفرون على الصفات الأخلاقية المطلوبة ففي ذلك تقديرا للمصلحة الفضلى للحدث وحماية له من الجنوح.
ثالثا: وإذا تعلق الأمر بجناية، فتطبق المادة 486 (ق.م.ج) المتعلقة بالتحقيق الإعدادي، حيث تنص على أنه يمكن أن يتخذ المستشار المكلف بالأحداث جميع إجراءات تجهيز القضية، كما يمكن إخضاعه لنظام الحراسة المؤقتة حسب المادة 471 (ق.م.ج)، أو بواحد أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب المنصوص عليها في المادة 481 (ق.م.ج)، كما يمكن إخضاعه كذلك للمراقبة القضائية بدليل الإحالة العامة؛ لكنه لا يخضع لإجراء الاعتقال الاحتياطي، وهذا هو المقصود بعبارة “مع مراعات المادة 473 من (ق.م.ج)”، أي إخضاعه لجميع إجراءات التحقيق ما عدا الاعتقال الاحتياطي[93].
هذا خلافا لما ذهب إليه الأستاذ عبد الواحد العلمي؛ حيث اعتبر أنه يمكن الأمر باعتقال الحدث مؤقتا لتسري في هذه الحالة الأحكام المتعلقة بالاعتقال الاحتياطي، علما أن الفقرة الأولى من المادة 473 (ق.م.ج) كانت واضحة في عدم تقرير إمكانية وضع الحدث أقل من 12 سنة بمؤسسة سجنية ولو بصفة مؤقتة ويشمل ذلك الاعتقال الاحتياطي أيضا مهما كان نوع الجريمة.
فمن آثار عدم مسؤولية الحدث دون سن التمييز؛ جعل تطبيق العقوبة غير ممكن في حقه، أما بالنسبة للتدابير فمنح كامل الصلاحية للمحكمة في إطار سلطتها التقديرية لاختيار المناسب لها[94]، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وفيما يخص العقوبات المالية إلى جانب الصوائر القضائية فيتحملها ممثله القانوني الذي يبقى مسؤولا مدنيا[95] عن الأعمال التي يقترفها استنادا إلى الفصل 96 من (ق.ل.ع) “القاصر عديم التمييز لا يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله”، واحلال وليه الشرعي محله استنادا إلى الفصل 85-2 (ق.ل.ع)، وكل إخلال بهاته المقتضيات يعرض قرار المحكمة للنقض[96].
- ثانيا: نقص المسؤولية الجنائية للحدث:
إن كانت جل التشريعات قد وضعت سن أدنى تنعدم فيه المسؤولية؛ وإن اختلفت في تحديد هذا السن، فإنها كذلك قد وضعت سنا يكون فيه الحدث مسؤولا مسؤولية ناقصة؛ ذلك لنقصان تمييزه وادراكه، وقد سار المشرع المغربي كما سبق الذكر على هذا النهج؛ حيث قرر في المادة 139 (ق.ج) “الحدث الذي أتم اثنتي عشرة سنة يعتبر مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه”، هذا ما تضمنته أيضا المادة 458-3 (ق.م.ج).
نستخلص من هذه الفصول أن الحدث يكون أهلا للمسؤولية الجنائية في هذه المرحلة العمرية، لكن تكون ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه[97]، وترتب وجوبا تخفيف الجزاء الممكن اتخاذه في حقه باعتبار ذلك هو الترجمة العملية لإنقاص مسؤوليته، والذي يختلف باختلاف ما إذا كان الفعل المرتكب مخالفة؛ حيث يخضع والحالة هنا للتدابير المنصوص عليها في المادة 486-2 (ق.م.ج)، أي الاقتصار على توبيخ الحدث أو الحكم عليه بالغرامة المنصوص عليها قانونا[98]، وفي جميع الأحوال تتحذ هذه التدابير لمدة لا تتجاوز بلوغ الحدث سن الرشد القانوني ذلك ببلوغ ثمانية عشرة سنة ـ المادة 140 (ق.ج).
أما إذا تعلق الأمر بجنحة أو جناية فيمكن للمحكمة أن تتخذ في حق الحدث إما تدبيرا أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481 (ق.م.ج)، أو إحدى العقوبات المقررة في المادة 482 (ق.م.ج)، أو أن تكمل هذه العقوبات بواحد أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب الواردة في المادة 480 (ق.م.ج).
فعلى خلاف الفئة الأولى؛ فإن المادة 473 من (ق.م.ج) تنص على إمكانية إيداع الأحداث الذين تتجاوز أعمارهم 12 سنة في مؤسسة سجنية، لكن اشترطت للجوء إلى هذا الإجراء ضرورته أو استحالة اتخاذ أي تدبير آخر، على أن يحتفظ بهم في جناح خاص أو في حالة عدم وجوده في مكان معزول عن الراشدين[99]، ويتم تجاوز تدابير الحماية المنصوص عليها بصفة استثنائية نظرا للظروف التي صاحبت ارتكاب الجريمة وكذلك شخصية الحدث، بشرط أن تعلل مقررها بخصوص هذا الإجراء، فقد قضى المجلس الأعلى ـ محكمة النقض ـ بنقض وإبطال ملف جنحي 19945-19046 بتاريخ 09-10-1984، على اعتبار أن القرار المطعون فيه بعدما نص على أن الطاعن كان لا يبلغ 16[100] سنة أثناء الواقعة المتابع عنها عوضت التدابير المنصوص عليها بعقوبة حبسية من غير أن يعلل بصورة خاصة تعليلا كافيا يرقى إلى الدرجة التي اشترط المشرع لتبرير الخروج من المبدأ العام إلى الاستثناء من حيث مراعاة شخصية المجرم الحدث كسوابقه الأمر الذي يعرض القرار للنقض والإبطال[101].
في هذه الحالة يخفض الحدان الأقصى والأدنى المنصوص عليهما في القانون إلى حد النصف، غير أنه إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة 30 سنة، فإن غرفة الجنايات للأحداث يمكن أن تستبدلها بعقوبة تتراوح بين عشرة سنوات وخمسة عشرة سنة سجنا[102].
ففي ملف جنحي أحداث عدد 33/08[103] توبع الحدثان بتهمة تبادل الضرب والجرح بواسطة السلاح طبقا للفصل 401 و303 مكرر من (ق.ج)، فقررت المحكمة مآخذة الحدثان بما نسب إليهما والحكم بإخضاعهما لنظام الحرية المحروسة لمدة أربعة أشهر وتحمل وليهما القانوني الصائر، فالملاحظة الأساسية أنه تم اعتماد التدبير الوقائي ممثلا في نظام الحرية المحروسة بدل العقوبة السالبة للحرية المنصوص عليها في الفصلين.
أطروحة: المسؤولية المدنية للبنك في إطار صعوبات المقاولة
إلا أنه إن ارتأت المحكمة أن مصلحة الحدث تكمن في ايداعه بمصلحة أو مؤسسة عمومية معدة للتربية المحروسة أو للتربية الإصلاحية طبقا للمادة 481 من (ق.م.ج)، وهذا ما سارت عليه غرفة الجنايات الاستئنافية الخاصة بالأحداث في قرارها عدد 17 ملف جنائي 06/13[104] حيث ورد في تعليل المحكمة “وحيث تداولت المحكمة بشأن التدبير القانوني فقررت ايداع الحدث بمؤسسة نادي العمل الاجتماعي بفاس رعيا منها لمصلحته الفضلى”، هذا بالرغم من التماس ممثلة النادي الاجتماعي بإرجاع الحدث لوسطه العائلي وإخضاعه لنظام الحرية المحروسة نظرا لما أبداه من سلوك إيجابي داخل المؤسسة، إذ توبع الحدث بتهمة العنف المؤدي للموت دون نية إحداثه طبقا للفصل 403 من القانون الجنائي.
وفي إطار السلطة التقديرية المخولة للمحكمة، فبإمكان هذه الأخيرة الخروج عن المبدأ وتقرير العقوبة السجنية إن رأت خطورة في الفعل المقترف من طرف الحدث، حيث قضت غرفة الجنايات الاستئنافية في ملف 08/09 بتاريخ 30-11-2009 على المتهم بارتكابه جناية هتك عرض قاصرة طبقا للفصل 485 (ق.ج) بسنة واحدة حبسا لخطورة الفعل المقترف، إلا أنه وأمام تعرض عدد 61 بتاريخ 25-06-2012 حيث قررت المحكمة تمتيع المتهم بظروف التخفيف مراعاة منها لظروفه الاجتماعية وقساوة العقوبة، ونظرا لانعدام سوابقه القضائية فقد قررت المحكمة جعل العقوبة الحبسية موقوفة التنفيذ في حقه[105].
ويتحمل ولي الحدث القانوني المسؤولية المدنية عن الأفعال المرتكبة من طرف الحدث، ذلك بتحميله الصائر والتعويض المدني، حيث تقرر المحكمة مآخذة الحدث من أجل ما نسب إليه، وبأدائه للطرف المدني تعويضا مدنيا مع إحلال والده محله في الأداء[106].
- ثالثا: تحديد السن وأهميته في قضايا الأحداث:
لما كانت المسؤولية تبنى بالأساس وبشكل وثيق على سن هذا الأخير، فقد عمد المشرع المغربي إلى الرفع من سن الرشد؛ من 16 سنة إلى 18 سنة؛ ذلك بمقتضى المادة 140 (ق.ج) بعد تعديل المادة بمقتضى قانون 24.03، وعلى اعتبار أن المشرع المغربي قد تدرج في إعمال مسؤولية الحدث من الانعدام إلى النقصان ثم الكمال، فإن تطبيق القواعد الخاصة بالأحداث يتوقف على كون الشخص المطبق عليه قد بلغ سنا معينا حددها القانون، ولذلك كان أول ما يتعين التفكير فيه قبل تطبيق هذه القواعد هو تحديد سن الحدث تحديدا كافيا[107]، فالمعيار المحدد للسن هو ما تعرضت له المادة 459 (ق.م.ج)، التي جاء فيها “يعتبر لتحديد سن الرشد الجنائي، سن الجانح يوم ارتكاب الجريمة.
إذا لم توجد شهادة تثبت الحالة المدنية، ووقع خلاف في تاريخ الولادة، فإن المحكمة المرفوعة إليها القضية تقدر السن بعد أن تأمر بإجراء فحص طبي وبجميع التحريات التي تراها مفيدة وتصدر إن اقتضى الحال مقررا بعدم الاختصاص”.
- إلا أن هذه المادة تطرح عدة إشكاليات من أهمها، إشكالية تحديد السن في حد ذاته.
فقد نصت المادة 459-2 على أن الحجة المعتمدة في تحديد سن الحدث هي الحالة المدنية أو الأوراق الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة وعقد الازدياد[108]، فما العمل في حالة تعارض البيانات الواردة في هذا الوثائق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مسألة تحديد السن مسألة قانون تخضع لرقابة المجلس الأعلى، فعقود الازدياد التامة الصحيحة شكلا الصادرة عن ضباط الحالة المدنية المختصين ترابيا تظل هي الأولى من غيرها لإثبات هوية أصحابها[109]، وحالة ما إذا تعارضت وثيقتين؛ أو تم الإدلاء بشهادتين متعارضتين في التاريخ أو حالة عدم وجود أي وثيقة يلجأ القاضي إلى الخبرة الطبية لتحديد السن، وكل إجراء يخالف ذلك يعرض قرار المحكمة للنقض، كاعتمادها في تحديد السن مجرد مثول العارض أمامها وما تستنتجه من ملامحه ومظهره دون اللجوء إلى الأمر بإجراء خبرة طبية، فتكون قد خالفت نصا قانونيا وبالتالي لم تجعل لما قضت به أساسا صحيحا من القانون وتعرض بذلك حكمها للنقض والأبطال[110].
وتطرح إشكالية السن كذلك في بعض الجرائم؛ كالجرائم المستمرة أو الجرائم التي ترتكب في مرحلة انعدام التمييز مثلا وتكتشف بعد مضي مدة يصبح فيها المتهم إما ناقص الأهلية أو راشد، فقد أجمع الفقهاء على أن العبرة في تحديد سن المتهم هو يوم ارتكابه للجريمة ولا عبرة للسن التي يكون المتهم قد بلغها سواء وقت إلقاء القبض عليه أو حين صدور الحكم النهائي، وإن كان المشرع المغربي ذهب مع هذه القاعدة فاعتبر أن العبرة بسن المتهم يوم ارتكابه للفعل الجرمي، فإننا نجد أن هناك بعض التشريعات خالفت هذه القاعدة منها التشريع السوداني حيث اعتبر أن العبرة بسن المتهم يوم مثوله أمام المحكمة[111]، وبالنسبة للجرائم المستمرة فيذهب الفقيه غارو بالقول أنه يجب اعتبار السن الذي ينقطع فيه استمرار الفعل الإجرامي[112].
ومن الضمانات المخولة للأحداث، ضرورة مشاركة قاضي الأحداث في الغرفة الجنائية أو الجنحية الموكول إليها محاكمة الحدث، ذلك في جلسة سرية سواء خلال البحث والمناقشات وكذلك إصدار الحكم، حيث يعتبر هذان الإجراءين ضروريين تحت طائلة البطلان[113].
وإلى جانب السرية، ففي قضايا الأحداث يجب تحت طائلة البطلان أن يكون أحد أعضاء الغرفة الموكول إليها القضية لم يسبق له بأي وجه من الوجوه أن نظر في القضية ـ المادة 426 ق.م.ج ـ حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا فيه “كما أنه لما كان المدان لم يبلغ سن الرشد الجنائي وقت اقترافه الجريمة، ولما كان القرار المطعون فيه لا يفيد أن الهيئة التي أدانته كان يوجد قاضي للأحداث ضمن أعضائها مما يعد خرقا للقانون[114].
المطلب الثاني: حالات خاصة لانعدام المسؤولية
اقتصر المشرع المغربي عند تطرقه للعوارض التي تصيب المسؤولية الجنائية إلى تلك التي ترجع إلى فقدان الملكات العقلية وتتمثل في الخلل والضعف العقليين والقصر، إذ يثار التساؤل هنا حول حالات لم يتعرض لها المشرع المغربي أو تعرض لها بصفة غير صريحة، فتعداده لتلك الأسباب لم يكن مقصود به الحصر وإنما لشيوعها وكثرة ورودها وليس لأنها وحدها التي تؤثر على الادراك والارادة، فقد يصاب الفاعل بفقد الاختيار وهو في كامل قدرته على الادراك وفهم ماهية الأمور والتمييز بين ما هو مجرم وما هو مباح، وهذا الفقد لا يرجع هنا إلى فقدانه لملكاته العقلية أو لصغر سنه، وإنما نتيجة لعوامل خارجية يترتب عليها انعدام المسؤولية أو نقصانها بالنسبة للفاعل[115].
من بين هذه الأسباب؛ ما تعرض لها المشرع المغربي ولو بكيفية غير صريحة كحالة تعاطي مواد مسكرة عن غير عمد أو نتيجة لتدخل عوامل خارجية؛ وهو ما يعبر عنه بالسكر غير الاختياري أو السكر الاضطراري (الفقرة الأولى)، أو الحالة التي تنعدم فيها إرادة الجاني نتيجة إكراه معنوي يفقده حرية اختيار أفعاله (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: السكر غير الاختياري
السكر هو تناول مواد مسكرة أو مخدرة[116]، سواء كانت سائلة أو غير سائلة تؤدي إلى ذهاب العقل عن وعيه، مما يترتب عنه فقد الشعور والارادة بصفة مؤقتة[117]، فهو حالة عارضة ينحرف فيها الوعي وتضعف السيطرة على الارادة نتيجة لمادة أدخلت في الجسم[118]، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الادراك الحسي واختفاء الشعور بالمسؤولية الأخلاقية، الأمر الذي يترتب عليه هبوط مستوى القيم وظهور الاستعداد الشخصي لسلوك سبيل الجريمة[119]، ويميز الفقهاء بين حالة تناول تلك المواد المسكرة عن علم واختيار، وبين حالة السكر التي تنتج عن عدم اختيار تعاطيها أو لجهل بالمادة؛ إلا أنه وارتباطا بموضوع البحث سنتناول الحالة الأخيرة لما تشكل من انعدام للإرادة وعدم اختيار سلوك الجريمة، ومنه وجب علينا بداية فهم ماهية السكر غير الاختياري (أولا)، ثم بيان شروطه وآثاره (ثانيا).
- أولا: ماهية السكر غير الاختياري:
تعرض الفصل 137[120] من القانون الجنائي إلى حالات تعاطي السكر والاندفاع العاطفي، ـ أو تعاطي المواد المخدرة طوعا ـ فقد اعتبر المشرع أن تواجد الفاعل في ظل هذه الوضعيات أو الحالات لا يمكنها أن تؤثر في المسؤولية الجنائية ما دام أنه قد أقدم على إتيانها بطريقة عمدية، وهو على بينة واختيار دون غلط أو إكراه[121]، ولهذا فلا يعتد به كسبب من أسباب امتناع المسؤولية الجنائية لأن الشخص الذي يرتكب فعلا إجراميا تحت تأثيره يعتبر كامل المسؤولية الجنائية؛ ويتعرض بالتالي للعقاب، إذ يشكل ـ السكر ـ بحد ذاته فعلا معاقب عليه متى كان علنيا[122].
وبهذا يكون القانون الجنائي صريحا بالنسبة لأحوال السكر والاندفاع العاطفي والجرائم التي تنتج عن تناول مواد مخدرة عمدا، لكن وبعد قراءة هذا الفصل نجد أن المشرع لم يتعرض صراحة للسكر غير الاختياري كمانع من موانع المسؤولية، حيث يفهم عن طريق دلالة المخالفة أن نص الفصل 137( ق.ج) جعل من حالة السكر غير الاختياري مانعا من موانع المسؤولية الجنائية، وذلك حينما يكون المتهم أتى أفعالا لجهله بطبيعة المادة المسكرة؛ كمن يتناول المادة على غير علم منه بحقيقتها أو أثرها[123]، أو أن يأتي الفاعل المادة المسكرة قهرا عنه، ذلك متى تناول الشخص مواد مسكرة أو عقاقير مخدرة وهو مرغم أو مكره، سواء كان ماديا كأن تشل حركة الشخص بواسطة شخص آخر وإرغامه على تناولها، أو إكراها معنويا؛ كأن يكره شخص على تعاطي تلك المواد تحت تهديد السلاح أو الوعيد بإيذائه أو إيذاء أحد أفراد عائلته[124].
تجدر الإشارة على أن مجرد الإلحاح ولو كان شديدا، وكذا الاكراه الأدبي من شخص على آخر لا يعد إكراها أو إجبارا ولو كان لهذا الشخص سلطة.
في حين وقفت تشريعات أخرى موقفا صريحا من هذه المسألة، واعتبرت أن السكر غير الاختياري يعتبر من أسباب انعدام المسؤولية الجنائية، حيث نصت المادة 62 من قانون العقوبات المصري على أنه “لا عقاب على من كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل بغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كانت، أخذها قهرا عنه أو على غير علم منه بها”، وأيضا فقد صار على نفس النهج المشرع الليبي؛ حيث اعتبر في المادة 87 من قانون العقوبات على أن “لا يسأل من ارتكب فعلا وكان وقت ارتكابه فاقد الشعور والارادة لسكر كلي ناتج عن حادث طارئ أو قوة قاهرة، أو عن مواد أخذها على غير علم منه بها”[125].
إلى جانب كل من حالة السكر الاضطراري الذي يعدم المسؤولية الجنائية، والسكر الاختياري والذي لا يترتب عليه أي أثر في انعدام أو نقص للمسؤولية، نجد حالة أخرى يعبر عنها بالسكر المدبر؛ أي الحالة التي يتناول فيها الجاني المادة المسكرة أو المخدرة قاصدا بذلك فقد الوعي أو الادراك بغرض الاستفادة من مانع المسؤولية بعد ارتكاب الجريمة، يرى بعض الفقهاء أن حالة السكر المدبر لا تمثل استثناء من القاعدة العامة في المسؤولية الجنائية، وذلك لأن السكران الذي ينفذ الجريمة صمم عليها قبل تناول المادة المسكرة أو المخدرة لا يمكن أن يقال عنه أنه كان وقت الفعل في حالة سكر أفقده الشعور والارادة، بل إرادته كانت متجهة إلى إحداث الفعل الجرمي وما إقدامه على السكر إلى محاولة للتنصل من المساءلة الجنائية، ومن التشريعات التي نصت صراحة على هذه الحالة نجد المشرع الليبي في المادة 88 من قانون العقوبات “لا يبرئ من المسؤولية الجنائية ولا ينقص منها السكر المدبر لارتكاب الجريمة أو لتبريرها…”[126]
- ثانيا: شروط السكر المانع للمسؤولية وآثاره:
ليعتد بالسكر كمانع للمسؤولية يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط ، من بين هذه الشروط نجد:
- حالة السكر الكامل:
يشترط لانتفاء المسؤولية الجنائية للسكر غير الاختياري أن يكون فقد الشعور تماما، مما يؤدي بالشخص للعجز عن الادراك والتمييز، وبذلك تنعدم حرية الاختيار ويصبح غير قادر على السيطرة والتحكم في تصرفاته[127]، إذ ليست العبرة في امتناع المسؤولية الجنائية توافر حالة السكر غير الاختياري؛ وإنما ما ينشأ عنها من آثار[128]، فأغلب التشريعات التي أعفت السكران بغير اختياره من المساءلة الجنائية اشترطت فقد الشعور والارادة لسكر كلي ـ المادة 87 من قانون العقوبات الليبي ـ.
- تزامن فقد الوعي مع ارتكاب الجريمة:
لا يحقق السكر أثره في امتناع المسؤولية الجنائية إلا إذا كان فقد الشعور أو الارادة الناشئ عنه قد عاصر لحظة ارتكاب الفعل المكون للجريمة، فإذا كان فقد الشعور والارادة بسبب تناول المادة المخدرة قد تحقق في وقت سابق على لحظة ارتكاب الجريمة فإن المسؤولية الجنائية تقوم في جانبه إذا تبث أنه قد أفاق من تأثير المخدر لحظة ارتكاب الجريمة، كما لا تمتنع أيضا إذا تبث أنه كان يتمتع وقت ارتكاب الجريمة بشعوره وإرادته، وأن تناول المخدر قد جاء لاحقا عن لحظة ارتكاب الجريمة[129]، وهذا ما أشارت إليه المادة 62 من قانون العقوبات المصري؛ حين اشترطت أن يفقد الشخص اختياره “وقت ارتكاب الفعل”.
- الصفة الاضطرارية للسكر:
ويعتبر من الشروط الأساسية لقيام حالة السكر الاضطراري، إذ يجب أن يكون الجاني قد تناول تلك المواد بغير اختياره؛ أي قهرا عنه، أوعن غير علم منه بحقيقة أمرها، فالغيبوبة المانعة من العقاب هي التي تكون ناشئة عن مادة مخدرة تعاطاها المتهم قهرا عنه؛ كأن يحقن به عنوة أو يكره على شربه، أو أن يأخذها لغرض العلاج، والجهل يتحقق حين يتناول الشخص المخدر دون إدراك ماهيته أو خواصه[130]، أما إذا كان قد تعاطاها عن علم بحقيقة أمرها فإنه يكون والحالة هذه مسؤولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، هذا ما جاءت به إحدى أحكام محكمة النقض المصرية في طعن عدد 523 جلسة 12-2-1940[131].
- آثار قيام حالة السكر الاضطراري:
إن تقرير حالة المتهم عقب ارتكابه الجريمة يعد من اختصاص المحكمة لوحدها، في تقرير ثبوت حالة السكر من عدمه، حيث يمكن الاعتماد في هذا الشأن على كل الوسائل الطبية[132]، وعند ثبوت قيام حالة السكر غير الاختياري فإن المحكمة تقرر امتناع المسؤولية الجنائية استنادا إلى تجرد الارادة من القيمة القانونية؛ بحيث لا تصلح لقيام الركن المعنوي للجريمة، مع ما يترتب على ذلك من استبعاد توقيع العقوبة على المتهم، وإن ظل الفعل الصادر منه غير مشروع[133]، كما أن المشرع قد أعفى صراحة المتهم من المسؤولية المدنية في هذه الحالة ـ الفصل 93 ق.ل.ع ـ، حيث رتب المسؤولية المدنية إن كان السكر عن اختيار ووعي وإدراك، ورتب امتناعها في حالة السكر غير الاختياري ذلك بالقول “…ولا مسؤولية إذا كان السكر غير اختياري”.
وإن كانت الشريعة الاسلامية تحرم شرب الخمر لذاته سواء أسكر أو لم يسكر وإجماع الفقهاء على أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، سواء سمي خمرا أو كان له اسم آخر، إلا أن الرأي الراجح في كل من المذاهب الأربعة أن السكران لا يعاقب على ما يرتكب من الجرائم إذا تناول المادة المسكرة مكرها، أو تناول المسكر مختارا وهو لا يعلم أنه مسكر[134]، حيث أن جمهور الفقهاء لا ينظرون إلى نفس السكر؛ بل إلى سببه وإلى وقوعه بالاختيار أو الاكراه، فإن كان السكر بالاختيار وبمادة محرمة فكل تصرفاته نافذة[135]، أما إذا كان السكر بالإكراه الملجئ، أو بمادة أصلها حلال فكل تصرفات السكران لا مسؤولية فيها لكونه معذور فيها[136].
يظهر أن أحكام الشريعة الإسلامية تتفق مع التشريعات الوضعية في تقرير انعدام المسؤولية الجنائية، إلا أنها مع ذلك لا ترفع المسؤولية المدنية عن السكران؛ حيث أن رفع العقوبة عنه بسبب عدم الادراك لا يمنع من مسؤوليته المدنية، ذلك بتعويض الأضرار التي يسببها للغير[137].
الفقرة الثانية: الاكراه المعنوي
إن كانت الارادة شرط أساسي لقيام المسؤولية الجنائية، فإذا ما حدث ما يشل هذه الارادة أو يعدمها حيث قد تتأثر ببعض المؤثرات كالإكراه الذي لا يترك حرية للإرادة، وبه تنعدم المسؤولية الجنائية للجاني.
فالإكراه حمل الفاعل على أمر يكرهه[138]؛ فهو فعل يقوم به الإنسان بغيره فيزول رضاه أو يفسد اختياره[139]، فهو ضغط تنتفي معه حرية الاختيار لدى الجاني ولا ينتف الإدراك لديه لكونه متمتعا بكل قواه العقلية، لكنه مقيد في اختيار سلوك دون الآخر، إلا أنه وجب التمييز بين نوعي الإكراه، المادي منه؛ وهو عبارة عن قوة مادية تقع عن شخص على آخر فتشل إرادته على وجه لا قبل له بمقاومته مما يجرده من حرية الاختيار على أن يقوم بنشاط معين إيجابي أو سلبي[140]، وبين الاكراه المعنوي الذي لا يتعدى أن يكون سوى ضغط يمارس على إرادة الفاعل بسبب خارجي أو بسبب ذاتي داخلي.
هذا الأخير، هو المقصود بالدراسة هنا، والذي يعتبر من موانع المسؤولية الجنائية، إلا أن هذا الموضوع يقتضي منا التطرق لماهية الاكراه المعنوي (أولا)، ثم معرفة شروطه وضوابطه (ثانيا).
- أولا: ماهية الاكراه المعنوي:
الاكراه المعنوي هو ضغط يمارسه شخص على إرادة الجاني، فيحمله على القيام بنشاط إجرامي معين، فالجاني وحده يقوم بالنشاط الاجرامي ولكن تحت تأثير ضغط على إرادته من
قبل الغير فيشلها ويفقده حرية الاختيار فيرتكب الفعل لكي ينجو من الخطر الذي يهدده[141].
بالرجوع إلى مقتضيات القانون الجنائي المغربي، نجد أنه لم يجعل الإكراه المعنوي من الأسباب المؤثرة في المسؤولية الجنائية، ومنه يتعين أن نتساءل عن إمكانية اعتباره من الأسباب التي تعدم المسؤولية الجنائية.
انطلاقا من قراءة الفصل 133[142] (ق.ج)؛ بمفهوم المخالفة يمكن اعتبار الاكراه المعنوي سببا من أسباب انعدام المسؤولية أو نقصانها، ذلك أن الفصل المذكور ينص صراحة على أن الجنايات والجنح لا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عمدا؛ أي بإرادة الجاني، والحال أن هذه الارادة قد تنعدم أو تنقص على الأقل، ذلك تحت تأثير الاكراه المعنوي، وهو ما يجب معه تقرير انعدام المسؤولية أو نقصانها، وذلك حسب درجة تأثر الارادة[143].
وبالرجوع إلى التشريعات المقارنة، نجد أن مختلف القوانين التي أخذت بالإكراه المعنوي كسبب لامتناع المسؤولية منها القانون العراقي في المادة 62 حيث جاء “لا يسأل جزائيا من أكرهته على ارتكاب الجريمة قوة مادية أو معنوية”، والمشرع الليبي في المادة 75 “لا عقاب على من أكرهه الغير على ارتكابه بقوة مادية عجز عن دفعها، أو لم يستطع التخلص منها”، والقانون الألماني في المادة 52 جاء “لا عقاب على فعل متى كان فاعله أكره على إتيانه بقوة لا قبل لها بردها، أو أكره بتهديد مقترن بخطر محدق بشخصه أو بحياته أو بحياة أحد من ذوي قرباه، ولم يتمكن من دفعه بغير ذلك”.
وكملاحظة؛ نجد أن مختلف التشريعات التي اعتبرت الاكراه المعنوي من موانع المسؤولية الجنائية أوردتها كصورة لحالة الضرورة، إلا أن الفقه ومعه المشرع المغربي يعتبران حالة الضرورة من أسباب الاباحة التي تنفي الصفة الاجرامية للفعل، عكس الاكراه المعنوي الذي يشل إرادة الجاني مما ينفي معه الركن المعنوي للجريمة فقط، وما يترتب عليه من آثار قانونية متمثلة في امتناع المساءلة الجنائية فقط مع بقاء الصفة الاجرامية للفعل المقترف.
منه وجب التمييز بين الاكراه المعنوي وحالة الضرورة، فإن كانت هذه الأخيرة ناتجة إما عن فعل إنسان أو عن قوى طبيعية خارجة عن إرادة الجاني فإن الاكراه المعنوي مصدره الإنسان دائما، إذ يتمثل في حالة الخطر الذي يوجهه عمدا شخص لآخر لحمله على ارتكاب الجريمة[144]، أيضا فإن كانت حالة الضرورة لا تسلب الحرية في الاختيار ولكن تجعل الشخص مخير بين أمرين فيختار أقلهما ضررا، فإن الاكراه المعنوي يسلب الإنسان حرية الاختيار سلبا تاما[145]، إذ يحدد من يباشر الاكراه المعنوي للمكره السلوك الاجرامي المطلوب منه تنفيذه[146]، كما يختلفان من حيث الأثر المترتب عليهما كما تمت الإشارة إليه.
ويختلف الاكراه المعنوي عن الاكراه المادي من حيث أثره في حرية الارادة، فهو في حالة الاكراه المعنوي لا يعدمها كلية بل ينتقص منها على نحو يجعلها غير ذات قيمة من الناحية القانونية، فالمكره في هذه الحالة يقوم تحت تأثير التهديد بارتكاب الفعل الجرمي، فسلوكه يكون محددا من طرف المكره[147]، أما الاكراه المادي فهو ضغط أو عنف مادي يسلط على الشخص الذي وقع عليه، فتنعدم إرادته مطلقا للقيام بعمل إيجابي أو سلبي يجرمه القانون، كأن يمسك شخص بيد آخر ويحركها ليكتب بيانات مزورة في محرر رسمي[148]، ففي مثل هذه الأحوال تنسب الجريمة لمصدر الاكراه.
ويجب التمييز أيضا بالنسبة للإكراه المعنوي؛ بين الاكراه الذي يكون مصدره خارجيا عن الشخص، والاكراه الذي يكون مصدره داخليا ناتجا عن عاطفة أو انفعال، إذ يستبعد القانون الجنائي صراحة هذا النوع الأخير من الاكراه المعنوي ـ الداخلي ـ فقد ورد في الفصل 137 أن “حالات الانفعال والاندفاع العاطفي…لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعدم المسؤولية أو تنقصها”، فبالرغم من كونها بطبيعتها لا إرادية إلا أنها لا تؤدي إلى انعدام المسؤولية أو نقصانها عند ارتكاب جريمة تحت تأثيرها[149]، هذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى ـ محكمة النقض ـ باعتباره أنه “لا تناقض بين ما نصت عليه المحكمة من أن الغيرة هي التي دفعت المتهمة إلى ارتكاب الأفعال المدانة من أجلها، وبين ما صرحت به من ثبوت الجريمة في حقها، لأن الاندفاع العاطفي لا يمكن بأي حال أن يعدم المسؤولية أو ينقص منها”[150].
ومنه فيعتد في انعدام المسؤولية على الاكراه المعنوي الخارجي؛ تبعا لحدة الضغط الخارجي الذي تتعرض له الارادة[151]، ويجب أن تكون التهديدات الصادرة عن الغير غير مشروعة، فأما إذا كان الفعل مشروعا فإنه لا يعد إكراها[152]، فمجرد المهابة والخوف المنبعث من الاحترام أو المقترن بالطاعة لا يعتبر من قبيل الاكراه المعنوي، وحجة ذلك عدم
إفساح المجال أمام الانفعالات والأهواء وجميع العواطف لأن تفضي إلى اعتداءات على الناس في أنفسهم أو أموالهم، فإذ منح مانع المسؤولية في هذا الحالة سوف يشكل خروجا عن
سياسة التجريم في الحفاظ على الحقوق والمصالح[153].
- ثانيا: شروط الاكراه المعنوي:
يخضع الاكراه المعنوي لمجموعة من الشروط ليعتد به كمانع من موانع المسؤولية، منها:
- عدم إمكانية توقعه:
بحيث يجب أن يكون سبب الاكراه غير متوقع الحدوث، إذ أن الشخص إذا توقع الفعل لزم عليه تجنبه فلا يعد مكرها؛ فوجب عليه أن يتلافى الخضوع إليه، فإن لم يفعل كان مسؤولا عن جريمة غير عمدية إذا وجد نص قانوني يعاقب على ذلك، وتعد هذه مسألة موضوعية يستخلصها قاضي الموضوع حسب ظروف كل حالة استنادا إلى معيار الرجل العادي في مثل تلك الظروف[154].
- استحالة الدفع وعدم مشروعية الاكراه:
وهو شرط منطقي باعتبار أن الاكراه يعدم الارادة، إذ تنعدم إرادة الشخص بصفة مطلقة، فدلالة عدم امكانية دفع سبب الاكراه هو أنه لا سبيل للمكره في مقاومة الأمر المهدد به، فتحدد بمعيار شخصي محض مؤداه قوة الشخص المكره نفسه، وهل بوسعه في ظروفه وحالته الصحية والنفسية والجنسية وكذلك ظروف ارتكاب الجريمة والتهديد الذي أحاط به، أن يقاوم القوة والأمر المهدد به أم لا[155]، وإلا جانب ذلك يشترط ألا يكون مشروعا؛ فإن كان الاكراه مشروعا فلا يعتد به ومنه لا يعتبر مانعا للمسؤولية.
إضافة إلى شرطي عدم امكانية التوقع واستحالة الدفع، يشترط كذلك لتحقق حالة الاكراه المعنوي ألا يكون للجاني دخل في تحققه، وأن يقع الاكراه المعنوي وقت حدوث الفعل المكون للجريمة، أما إذا كان حدوثه قبل ذلك وزال قبل القيام بالفعل أو بعد الانتهاء منه؛ فلا تأثير له على الارادة، ومن ثم فلا تأثير له على المسؤولية[156].
يعدم الاكراه المعنوي في حالة حدوثه إرادة الجاني إلى درجة يستحيل معها تجنب القيام بالفعل الاجرامي، هذا الوضع يفقد المسؤولية الجنائية شرطا من شروطها وهو حرية الاختيار[157]، مما يوجب معه انعدام المسؤولية الجنائية كأثر مباشر، إلا أن ذلك لا يكون له تأثير على قيام المسؤولية المدنية[158].
الإحالات
[1] د. سعيد سيد رفاعي، تفسير النصوص الجنائية ـ دراسة مقارنة، ص 427.
[2] د. محمود سليمان موسى، المسؤولية الجنائية ـ في التشريعات العربية والقانونين الفرنسي والإيطالي، ص 8.
[3] تعرف المسؤولية الجنائية في الفقه الإسلامي أنها “أهلية الشخص لتحمل عقوبة إتيان المحرمات التي حرمتها الشريعة وتلك الواجبات التي أوجبتها والتي أتاها مدركا لنتائجها”.
* د. أحمد الاشهب، المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، ص 19.
[4] د. أحمد أبو الروس، الكتاب الأول في القصد الجنائي والمساهمة والمسؤولية الجنائية والشروع والدفاع الشرعي وعلاقة سببية، الطبعة لا توجد.
[5] دة. شادية الشومي، م.س، ص139.
[6] د. أحمد أبو الروس، م.س، ص71.
[7] د. أحمد الخمليشي، م.س ص، ص246.
[8] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص334.
[9] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص334، ـ بتصرف ـ.
[10] دة. شادية الشومي، م.س، ص141.
[11] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 76.
[12] دة. لطيفة الداودي، م.س، ص129.
[13] د. أحمد أبو الروس، م.س، ص72.
[14] دة. شادية الشومي، م.س، ص 141. 142.
[15] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 95.
[16] د. أحمد الاشهب، م.س ص 71-72.
[17] د. عادل يحيى القرني، النظرية العامة للأهلية الجنائية، طبعة 2000، ص149.
[18] د. أحمد أبو الروس، م.س، ص76.
[19] د. مسفر عزم الله الدميني، الجناية بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، الطبعة الثانية، ص97.
[20] د. عادل يحيى القرني، م.س، ص157.
[21] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 156.
[22] د. نظام توفيق المجالي، م.س، ص291.
[23] د. أحمد أبو الروس، م.س، ص77.
[24] د. عادل يحيى القرني، م.س، ص164 ـ بتصرف ـ.
[25] د. عصام المديني، م.س، ص127.
[26] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص326.
[27] د. عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزام ـ الكتاب الثاني ـ المسؤولية المدنية، الطبعة الثالثة ص 15.
[28] د. عصام المديني، موجع سابق، ص127.
[29] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص326 ـ بتصرف ـ.
[30] د. عبد القادر العرعاري، م.س، ص16 ـ بتصرف ـ.
[31] د. عصام المديني، م.س، ص 128.129. ـ بتصرف ـ.
[32] د. عبد القادر العرعاري، م.س، ص17 ـ بتصرف ـ.
[33] قرار عدد 151، ملف جنائي عدد 37/09 بتاريخ 12-11-2009، محكمة الاستئناف بتازة، قرار غير منشور.
* أيضا قرار 81، ملف جنحي تلبسي عدد 53/09 بتاريخ 11-02-2009، محكمة الاستئناف بتازة ـ غير منشور.
[34] * جاء في الفصل 106 “إن دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر والضرر ومن هو المسؤول عنه.
وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر.”
* وورد في الفصل 387 ” كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمسة عشر سنة، فيما عدا الاستثناءات الواردة فيما بعد، والاستثناءات التي يقضي بها القانون في حالات خاصة.”
* د. عصام المديني، م.س، ص129.
[35] * حكم عدد 169 في 12 أبريل 1969، مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 10 ص 29.
* د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص 328.
[36] فقد وردت في الفصل 18 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية، وتتمثل هذه العقوبات في ” الانذار ثم التوبيخ فالحذف من لائحة الترقي، فالإنزال من الدرجة، فالقهقرة من الرتبة ثم العزل من غير توقيف الحق في التقاعد، ثم العزل المصحوب بالحق من التقاعد”.
[37] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص328.
[38] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص329.
[39] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص329.
[40] د. أحمد أبو الروس، م.س، ص73.74 ـ بتصرف ـ.
[41] د. حسوني قدور بن موسى، القانون الجنائي المغربي والشريعة الاسلامية تطابق واختلاف، الطبعة الأولى 1986 ص 61.
[42] اذ جاء في الفصل 131 ما يلي “من حمل شخص غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص”.
[43] ورد في الفصل 133 “الجنايات والجنح لا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عمدا.
إلا أن الجنح التي ترتكب خطأ يعاقب عليها بصفة استثنائية في الحالات الخاصة التي ينص عليها القانون.
أما المخالفات فيعاقب عليها حتى ولو ارتكبت خطأ، فيما عدا الحالات الخاصة التي ينص عليها القانون.
[44] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص331.
[45] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 278.
[46] د. أحمد الاشهب، م.س ص 28.
[47] ظهير شريف رقم 1.58.378 بتاريخ 8 جمادى الأولى 1378، جريدة رسمية عدد 2404.
[48] وتتمثل هذه العقوبات في الحبس بين شهرين وسنتين وغرامة مالية تتراوح بين 1200 و6000 درهم، في حالة ارتكابهم تسليم للتوزيع أو توزيع أو عرض مطبوعات أو رسومات أو أفلام خليعة أو صور منافية للآداب والأخلاق الحميدة. وكذلك من يسمع للناس عن سوء نية أغاني أو خطب خليعة أو يحرض على الفساد…”
[49] د. عبد الواحد العلمي، م.س، ص332.333.
[50] جاء في الفصل 132 “كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن:
- الجرائم التي يرتكبها؛
- الجنايات والجنح التي يكون مشاركا فيها؛
- محاولات الجنايات؛
- محاولات بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون للعقاب عليها.
ولا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك”.
[51] دة. شادية الشومي، م.س ص 144.
[52] د. علوي جعفر، م.س ص 172.
[53] د. رفاعي سيد سعد ، م.س ص 465 بتصرف.
[54] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 136.
* نص المشرع المغربي في المادة 209 من مدونة الأسرة “سن الرشد القانوني 18 سنة شمسية كاملة”
[55] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 269.
[56] د. موسى بن سعيد، أثر صغر السن في المسؤولية الجنائية، بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه العلوم في الفقه والأصول، جامعة الحاج لخضر ـ الجزائر، ص 63-64.
[57] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 341.
[58] د. محمد ملياني، م.س ص 207.
[59] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 287.
* السيكوبائية تعبر عن شذوذ في الشخصية وانحراف بعض العناصر المكونة لها تنعكس على الشخصية في مجموعها وما يصدر عن صاحبها من تصرفات، وتمثل بشذوذ في انحراف الغرائز أو اختلال في العاطفة وانحصار في القيم الأخلاقية، فصاحب هذه الشخصية يرتكب جرائم تحت تأثير الشذوذ في الشخصية، ويطلق عليه الجنون الأخلاقي.
[60] د. محمد ملياني، م.س ص 207.
[61] قرار 111 ملف جنائي استئنافي ع. 115/10 بتاريخ 06-06-2011، محكمة الاستئناف بتازة، قرار غير منشور.
[62] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 24-09-1987 تحت عدد 6156 ـ ملف جنائي عدد 85/15/86 منشور بمجلة القضاء والقانون ع. 139، أخذ من مؤلف د. محمد بفقير، م.س ص 88.
[63] وفي هذا الشأن قرار عدد 3996 بتاريخ 26-12-2009 في ملف جنائي عدد 4816/02، حيث قضى المجلس الأعلى بنقض وابطال القرار الصادر عن غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة في القضية ذات العدد 112/98 حيث جاء في تعليل المجلس “حيث إن الثابت من تنصيصات القرار المطعون فيه أن غرفة الجنايات قررت إجراء خبرة طبية ثابتة على الطاعن لتحديد مسؤوليته وقت ارتكابه الفعل الجرمي، وأنه حينما قررت ذلك تعلق بها حق الدفاع ومن ثم أصبح لزاما عندما تراجعت عن قرارها أن تعلل ذلك تعليلا خاصا، أن اقتصار المحكمة بتصريحها بكونها صرفت النظر عن الاجراء المذكور يجعل قرارها ناقص التعليل وعرضة للنقض”
*مجلة قضاء المجلس الأعلى، الإصدار الرقمي دجنبر 2004 ـ العدد 59-60 ص 257.
[64] د. علوي جعفر، م.س ص 174.
[65] د. نظام توفيق المجالي، م.س ص 402.
[66] د. محمد ملياني، م.س ص 208.
[67] قرار عدد 316 ملف جنائي عدد 67/2610/14، بتاريخ 16-04-2014 ـ محكمة الاستئناف بفاس ـ قرار غير منشور.
[68] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 346.
[69] د. محمد ملياني، م.س ص 208.
[70] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 347.
[71] د. أحمد الاشهب، م.س ص 134 ـ د. نظام توفيق المجالي، م.س ص 403 بتصرف.
[72] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 345.
[73] جاء في الفصل 76 ما يلي: “إذا تبين لمحكمة الموضوع، بعد إجراء خبرة طبية، أن الشخص المتابع أمامها بجناية أو جنحة، كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الفعل بسبب اختلال عقلي، فأنه يجب عليها: …
- أن تأمر، في حالة استمرار الخلل العقلي، بإيداعه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية.
ويبقى الأمر بالاعتقال ساريا على المتهم إلى أن يودع فعلا في تلك المؤسسة”
[74] قرار عدد 589 ملف جنائي عدد 146/2610/14 محكمة الاستئناف بفاس ـ قرار غير منشور.
[75] د. محمد ملياني، م.س ص 209.
[76] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 312.
[77] قرار المجلس الأعلى عدد 2475 بتاريخ 25-04-1983، قضاء المجلس الأعلى ع 33-34، ورد في مؤلف د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 346
[78] د. جعفر علوي، م.س ص 175.
[79] ملف رقم 738/92 بتاريخ 02-03-1993 ـ محكمة الاستئناف الرباط، منشور بمجلة الاشعاع عدد 104 ص 173-175.
[80] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 481.
[81] د. عصام المديني، م.س ص 159.
[82] د. محمد ملياني، م.س ص 209.
[83] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 482.
[84] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 348.
[85] د. علوي جعفر، م.س ص177.
[86] هذا ما أشار إليه الفصل 135-2، حين أخضعت الضعاف عقليا للعقوبات والتدابير الوقائية معا، بالنسبة للجرائم الخطيرة وذات الأهمية.
[87] د. محمد ملياني، م.س ص 210.
[88] د. عصام المديني، م.س ص 160.
[89] د. منصور الرحماني، الوجيز في القانون الجنائي العام، ص 213.
[90] د. محمد السراحني، تأملات في المسؤولية الجنائية للأحداث في التشريع الجنائي المغربي، مقالة منشورة بمجلة المعيار عدد 39، ص 129.
[91] ورد في الحديث الشريف عن رسول الله عليه الصلاة والسلام “رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق”.
[92] د. عصام المديني، م.س ص 126 بتصرف.
[93] د. محمد السراحني، م.س ص 131.
[94] د. محمد السراحني، م.س ص 134.
[95] د. عصام المديني، م.س ص 162.
[96] أنظر القرار 2475 السابق الاشارة إليه أعلاه، الصفحة 62 من هذا البحث.
[97] د. علوي جعفر، م.س ص 180.
[98] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 353.
[99] د. محمد ملياني، م.س ص 136.
[100] ذلك قبل تعديل الفصل 140 من القانون الجنائي بموجب قانون24.03 ورفع السن من 16 سنة إلى 18 سنة.
[101] قرار عدد 7720 بتاريخ 09-10-1984، مجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي دجنبر 2000 ـ ع. 37-38 ص 214.
* أيضا القرار عدد 359 بتاريخ 20-02-1996، مجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي دجنبر 2000 ـ ع. 7 ص 81.
[102] د. علوي جعفر، م.س ص 181.
[103] قرار عدد 09 ملف جنحي أحداث 33/08 بتاريخ 12-09-2009، محكمة الاستئناف تازة ـ قرار غير منشور.
[104] قرار عدد 17 ملف جنائي استئنافي أحداث 06/13 بتاريخ 04-06-2013، محكمة الاستئناف تازة ـ قرار غير منشور.
[105] قرار عدد 03 ملف جنائي استئنافي عدد 07/12 صدر في 28-10-2013، محكمة الاستئناف بتازة ـ قرار غير منشور.
[106] قرار رقم 917/94 الصادر في 28-10-1994، قضية عدد 10/94، ورد في مؤلف د. عبد الرحمان الشرادي “انحراف الأحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن” الطبعة الأولى 2002 ـ ص 258.
[107] د. عبد الرحمان الشرادي، م.س ص 148.
[108] د. محمد السراحني، م.س ص 141.
[109] قرار عدد 2000-7 بتاريخ 02-04-1998 ملف جنائي عدد 20926-23، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ع. 53-54، ورد في مؤلف * د. نور الدين التائبو، قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي على ضوء التعديلات الجديدة، ص 297.
[110] قرار عدد 8190 صادر في 12-12-1983 ملف جنحي عدد1818، مجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي دجنبر 2000،ع. 35-36 ص 195.
[111] د. عبد الرحمان الشرادي، م.س ص 150 بتصرف.
[112] د. محمد السراحني، م.س ص 142.
[113] قرار عدد 6454 ملف جنحي عدد 26145/91 في 07-07-1994، مجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي دجنبر 2000،ع. 49-50 ص 169.
[114] قرار 914س24 ملف جنائي بتاريخ 17-09-1981، مجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي دجنبر 2000، ع. 32 ص 108.
[115] د. عبد الواحد العلمي، م.س ص 355 بتصرف.
[116] من المعروف أن الغيبوبة الناشئة عن السكر؛ قد يكون مصدرها المواد الكحولية بصفة عامة، والخمور بصفة خاصة، كما قد يكون مصدرها أي مواد مخدرة أخرى كالأفيون والهيروين والقنب الهندي… إلى غير ذلك من المواد الشبيهة بها أو المستخرجة منها، أي كل مادة تؤدي إلى غياب العقل.
[117] د. أحمد الاشهب، م.س ص 140.
[118] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 316.
[119] د. حسن الشرفي، م.س ص 124.
[120] الفصل 137 “السكر وحالات الانفعال أو الاندفاع العاطفي أو الناشئ عن تعاطي المواد المخدرة عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها..”
[121] د. عصام المديني، م.س ص 166.
[122] د. محمد ملياني، م.س ص 211.
* ذلك بمقتضى المرسوم الملكي رقم 724.66 ل 14-نونبر-1967 بمثابة قانون المتعلق بالمعاقبة عن السكر العلني، ج.ر ع 2873 بتاريخ 22-نونبر- 1967.
[123] د. أحمد أبو الروس، م.س ص 84.
[124] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 319 بتصرف.
[125] د. أحمد الاشهب، م.س ص 141.
[126] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 506-507 بتصرف.
[127] مقالة إلكترونية “أسباب الاباحة وموانع المسؤولية”.
[128] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 321.
[129] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 509.
[130] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 508-509 بتصرف.
[131] د. أحمد أبو الروس، م.س ص 117.
[132] د. عصام المديني، م.س ص 167.
[133] د. عادل يحيى القرني، م.س ص 321.
[134] د. عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، ج 1 ـ طبعة 14 ـ 2000 ص 581 بتصرف.
[135] د. أحمد فتحي بهنسي، المسؤولية الجنائية في الفقه الإسلامي، ط الثالثة 1988، ص 226.
[136] د. أحمد فتحي بهنسي، م.س ص 226.
[137] د. عبد القادر عودة، م.س ص 583-584 ـ أيضا، د. أحمد فتحي بهنسي، م.س ص 227.
[138] د. أحمد الاشهب، م.س ص 147.
[139] د. عبد القادر عودة، م.س ص 563.
[140] د. أحمد الاشهب، م.س ص 147.
[141] د. أحمد الاشهب، م.س ص 163.
[142] الفصل 133 “الجنايات والجنح لا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عمدا…”
[143] د. محمد ملياني، م.س ص 216.
[144] د. أحمد الاشهب، م.س ص 163.
[145] د. بن سعيد موسى، م.س ص 69.
[146] د. أحمد الاشهب، م.س ص 163.
[147] د. محمود سليمان موسى، م.س ص 524 بتصرف.
[148] د. بن سعيد موسى، م.س ص 72.
[149] د. محمد ملياني، م.س ص 213 بتصرف.
[150] قرار صادر عن المجلس الأعلى في 16-07-1981، تحت عدد 981 في ملف عدد 70833 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى ـ المادة الجنائية 66-86، ورد في مؤلف د. محمد بفقير، م.س ص 90.
[151] د. محمد ملياني، م.س ص 216.
[152] د. أحمد الاشهب، م.س ص 150.
[153] د. عبود السراج، م.س ص 59.
[154] د. أحمد الاشهب، م.س ص 151 بتصرف.
[155] د. نظام المجالي توفيق، م.س ص 411.
[156] د. أحمد الاشهب، م.س ص 151.
[157] د. عبود السراج، م.س ص 62.
[158] د. محمد ملياني، م.س ص 216.