آلية التخطيط الاستراتيجي بالجماعات الترابية ودورها في تحقيق التنمية المحلية
رسالة لنيل شهادة الماستر
من إعداد الباحث
حيررة ياسين
تقوم مشروعية الدولة على أساس ضمان الحقوق والحريات لمواطنيها، ولأجل ذلك اضطلعت الدول قديما وحديثا بالعديد من المهام والاختصاصات التي من خلالها تستطيع ضمان تمتع مواطنيها بحقوقهم وحرياتهم وتلبية احتياجاتهم في مختلف المجالات.
فإذا كان دور الدولة قديما قد انحصر في الأنشطة التقليدية المتمثلة في ضمان الأمن والعدل والدفاع، فإن هذا الدور قد عرف توسعا ملحوظا مع تبني الدولة لأسلوب التدخل في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بغرض تلبية حاجيات مواطنيها المتنوعة في المجالين.
ونظرا للمهام الكثيرة والمعقدة التي أصبحت تقوم بها الدولة في وقتنا الحاضر ونظرا للأزمة التي عرفها تسيير الشان العام، اضطرت الدولة إلى التخلي عن دورها التقليدي الذي كان منحصرا في الحفاظ على المن والنظام بمدلولاته الثلاث (الأمن العام، السكينة العامة، الصحة العامة).
ومن هنا بدأ التفكير في تصور أساليب وتدابير إدارية من شأنها عدم السقوط في ثنايا المركزية الضيقة وإيجاد حلول لأزمة الدولة.
بحيث بدأ الحديث عن تنازلها عن بعض سلطاتها في المجال الاقتصادي والإداري لصالح الوحدات الترابية اللامركزية ولاسيما الجماعات المحلية.
إقرأ عن: التعاقد ودوره على ضوء الحكامة الجيدة لتدبير الشأن العام الترابي
يعد التخطيط الاستراتيجي مقاربة شاملة، مبنية على فهم للسياق العام الذي تعمل من خلاله مؤسسة معينة، على نقط قوتها وضعفها وعلى المشاكل التي تحاول حلها، ويتمحور التخطيط حول رؤية تترجم تصورا للمستقبل الذي ترغب فيه المؤسسة، والأهداف المرجو تحقيقها.
إن التخطيط الاستراتيجي باعتباره آلية للتدبير، عرف نجاحا كبيرا على مستوى القطاع الخاص، وقبله في الميدان الحربي، في إطار تحكيم وتحديث أساليب التدبير العمومي تم تبني بعض أساليب التدبير الحديثة التي كانت حكرا على القطاع الخاص.
ويبقى الهدف من سياسة التخطيط الاستراتيجي هو الانتقال إلى الاتخطيط العقلاني للأنشطة والمشاريع لتفادي العشوائية في العمل، وتجاوز المنطق الذي كان سائدا لسنوات والذي يتسم عموما بالعشوائية في التخطيط والبرمجة وضعف المردودية.
العلامة التجارية بين آليات الحماية وواقع الممارسة
والهدف الأهم يتمثل في كون التخطيط الاستراتيجي يعتبر اللبنة الأساس في تنزيل الاختصاصات الموكولة للجماعات الترابية وتحقيق التنمية المحلية، وذلك نظرا لما تواجهه الجماعات الترابية من تحديات أمام تحقيق التنمية وتأهيل المجال والمجتمع.
ومن خلال هاته الدراسة سلك الباحث إشكالية ترتبط أساس بالعلاقة التفاعلية بين التخطيط الاستراتيجي والتنمية المحلية، وبالتالي تتمحور حول سؤال، كيف يمكن للتخطيط كعملية إدارية معقدة أن تخدم التنمية المحلية؟
وعليه يمكن طرج الإشكال التالي: إلى أي مدى يمكن الاستفادة من التخطيط الاستراتيجي في تحقيق التنمية المحلية؟